الأمم المتحدة تحذَّر من "الوصمة"» و"التمييز".. و"اليونيسيف" تعلن أرقامًا جديدة "الشئون الوقائية" تعلن متوسط زيادة الحالات سنويًا.. وخطة محاصرة المرض ظلت «منال» )24 عامًا( تحلم، قبل انتحارها، بزوج وأبناء ومنزل وحياة سعيدة.. إلا أن القدر قال كلمته. تزوجت فى سن ال20 عامًا من أحد جيرانها، وعقب الزواج اكتشفت أن الزوج يتعاطى المخدرات، وعقب ولادة ابنها الأول بدأت المشكلات بينهما حتى اكتشفت أن الزوج مصاب بمرض «الإيدز»، وانتقل لها عبر «المعاشرة الزوجية». وعندما اكتشفت إصابتها بالمرض قررت الانفصال عن زوجها الذى بادر مع والدته بأخذ طفلها بحجة أنها مصابة بالإيدز ولم تستطع تحمل ذلك فقررت إنهاء حياتها وإلقاء نفسها من شرفة المنزل فى منطقة بولاق الدكرور. ليست قصة «منال» الأولى ولن تكون الأخيرة, حيث إن «وصمة» مرض الإيدز باتت أزمة يعانيها المرضى الذين أصيبوا لأسباب متعددة معظمهم حالات انتقل إليهم المرض دون ذنب، وسط تحذيرات عبَّر عنها تقرير صادر عن منظمة الأممالمتحدة تبين كيف أن «التمييز» و«الوصمة» يخلقان حواجز أمام حصول الأشخاص المصابين بفيروس «الإيدز» على خدمات الوقاية والاختبار والعلاج، بما يعرضهم ومجتمعاتهم للخطر. وقال مصاب بالإيدز: كثيرًا ما يتجنب الأشخاص المصابون بالإيدز الذهاب إلى العيادات خشية أن يكشفوا عن وضعهم أو أن يعانوا مزيدا من الوصمة والتمييز على أساس إصابتهم. وأوضحت حالة أخرى أن المرضى فى مصر يخافون من نظرة المجتمع لهم, أكثر من خوفهم من المرض نفسه, فكثير منا يذهب لإجراء العمليات الجراحية دون أن يعلم الأطباء بأنه مصاب بالإيدز، ومن ثم يجب عزله. وأكد تقرير حديث للأمم المتحدة أن نسبة الزيادة فى انتشار فيروس نقص المناعة البشرية «إتش.آى.فى» المسبب للإيدز، فى مصر، وصلت إلى 40 % سنويًا، وأوضح أن 27% فقط من المصابين يعلمون بإصابتهم ويتلقون العلاج. وشدد التقرير على أن الوصمة الاجتماعية ونقص التمويل لمعالجة المرض، يعوقان الجهود المبذولة للمكافحة، لافتًا إلى أن الفيروس المسبب للمرض يصيب عددًا أكبر من الشباب والمراهقين عن أى فئة عمرية أخرى، وأن مصر تأتى فى المركز الرابع بالشرق الأوسط بعد إيران والسودان والصومال، من حيث زيادة معدلات الانتشار. لكن وزارة الصحة والسكان أوضحت على لسان الدكتور علاء عيد - رئيس الإدارة المركزية للشئون الوقائية - أن مصر ذات معدل منخفض فى الإصابة بمرض الإيدز، وأن الزيادة السنوية تتراوح بين 300 و400 حالة، لافتًا إلى أن هذا الرقم مقلق جدًا وتعمل الوزارة على خفضها. وقال: إن الوزارة تعمل على خطة من عدة محاور للمحافظة على المعدلات المنخفضة لانتشار الفيروس تمهيدًا لإعلان مصر خالية من المرض بحلول عام 2030. وبلغ عدد المصابين التراكمى من عام 1986 حتى نوفمبر من العام الجارى 10 آلاف و550 مصاب، بنسبة 0.01% من المصابين بالفيروس على مستوى العالم. ووصل عدد المتعايشين مع المرض فى مصر إلى 8 آلاف و564 مصابًا طبقًا لإحصائيات 2017، 82% من الرجال، و18% من السيدات، وأن 75% من المصابين ما بين 15 و50 عامًا. وقامت الإدارة المركزية للشئون الوقائية بفحص 2778 مصابًا بفيروس نقص المناعة «الإيدز»، خلال المدة من يناير حتى سبتمبر 2017، فيما تم تقديم العلاج لعدد 3 آلاف مريض خلال العام الجارى. وتؤكد وزارة الصحة أن أحد المحاور الرئيسة فى خطة الوزارة للقضاء على الإيدز، هو توفير الرعاية الصحية للمصابين بالفيروس، دون وصم أو تمييز داخل المنشآت الصحية، وتم تنفيذ ذلك من خلال 26 ندوة خلال عامى 2015، 2016 بمحافظاتالقاهرة، الإسكندرية، الجيزة، الأقصر، أسوان، الغربية، وتم تعميم العديد من المنشورات المشددة على جميع المنشآت الصحية بضرورة تقديم كافة الخدمات الطبية لمرضى الإيدز فى إطار السرية والمساواة مع غيرهم من المرضى. يعزز البرنامج الوطنى للإيدز، خدمات الفحص المعملى من خلال التوسع بمجالات الفحص كخطوة أولية، من خلال 24 مركز للمشورة والفحص الاختيارى مقسمة إلى 14 مركز ثابت، و9 مراكز متنقلة بعدد 18 محافظة. ويتم توفير خدمات الفحص فى عدد من المرافق التى تقدم الخدمات الصحية مثل: مستشفيات الحميات، والصدر والدرن، مراكز تأهيل المخدرات، بعض وحدات الرعاية الأساسية، مراكز الصحة الإنجابية ورعاية الحوامل، مؤكدًا أن كافة الخدمات المقدمة للمصابين بالفيروس مجانية. وأوضح الدكتور خالد مجاهد، - المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان - أن الوزارة تعمل على إدماج المصابين فى المجتمع بتقديم الدعم الصحى والنفسى لهم، من خلال ندوات تثقيفية وتم تنفيذ عدد 469 ندوة لرفع الوعى بالمحافظات، وعقد 21 لقاء للتثقيف العلاجى للمتعايشين بمحافظات: القاهرة، الغربية، الإسكندرية، المنيا، بالإضافة إلى تنفيذ 24 مجموعة لدعم المتعايشين مع المرض. أيضًا تم تقديم خدمات تعزيز الصحة الإنجابية للسيدات المصابات، والإجراءات الوقائية لمنع انتقال العدوى من الأم للجنين من خلال توفير خدمات منع انتقال العدوى فى كافة محافظات مصر عن طريق مراكز رعاية الأمومة والطفولة، والتى شملت 36 سيدة و30 طفلاً خلال العام الجاري، والتى حققت نسبة نجاح بلغت 100%، بالإضافة إلى تقديم خدمات الصحة الإنجابية لعدد 198 سيدة مصابة. عدم الافصاح والإعلان عن مرض الإيدز أدى إلى ظهور أطفال مصابين بالمرض فى العالم وذلك بسبب إصابة الأم بالمرض وعدم إفصاحها, وهذا ما حذرت منه اليونيسيف مؤكدة أن 18 طفلًا كانوا يصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» كل ساعة خلال العام الماضي، وهو ما يشير إلى ضعف التقدم على صعيد حماية أطفال العالم من الفيروس المسبب الإيدز. وتشير توقعات اليونيسيف - وفقًا لأحدث إحصاءاتها لعام 2017 - إلى أنه فى حالة استمرار المعدل الحالى فستكون هناك 3.5 مليون حالة إصابة جديدة بالفيروس بين فئة المراهقين بحلول عام 2030. وأضاف تقرير اليونيسيف أن عدد المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة فى أنحاء العالم بلغ نحو 37 مليون شخص العام الماضى، وأشارت إلى أنه من بين المصابين 2.1 مليون فى سن المراهقة، بزيادة بنسبة 30 فى المائة عن عام 2005، فى حين توفى 120 ألف طفل تقل أعمارهم عن 14 عاما لأسباب مرتبطة بالإيدز. ونبهت المنظمة إلى أن الأطفال المصابين الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات يمثلون الخطر الأكبر مقارنة بالفئات العمرية الأخرى. وقال الدكتور وليد كمال - مدير البرنامج القومى لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة - إن المشكلة فى حدوث إصابات للجنين تكمن فى عدم معرفة الأم بأنها مصابة بالمرض؛ لذلك تنجب طفلاً مصابًا بالإيدز. وأشار إلى أن النسبة فى مصر ضئيلة بسبب اتخاذ البرنامج العديد من الإجراءات الوقائية الأم المصابة فى حالة حدوث حمل، ويمكن من خلالها أن تنجب طفلًا معافى، بل إن نسبة احتمال إصابة الجنين عقب اتخاذ هذه الإجراءات الوقائية أقل من 1%، ولكن هذا فى حالة معرفة الأم أنها تحمل الفيروس. وأوضح أن الدور الرئيس للبرنامج هو القضاء على وصمة مرض الإيدز، وذلك من خلال الدورات التى توضح أن مريض الإيدز من حقه أن يعيش فى المجتمع كغيره من المرضى. وأضاف: وكثيرًا ما نناشد الأطباء التعامل مع مريض الإيدز كمريض فيروس سى، بل على العكس فيروس نقص المناعة أضعف من فيروس سى وb، ومعروفة طرق العدوى به، كما ان البرنامج لديه وقاية ما بعد التعرض وهذا عبارة عن دواء يتم صرفه للطبيب أو التمريض لمنع حدوث العدوى، وهو آمن 100% ولا ينقل العدوى». ويتم مدير البرنامج القومى لمكافحة الإيدز أن أغلب المصابين الذى تم تسجيلهم بالبرنامج لم يأتوا من تلقاء أنفسهم، بل إن الغالبية العظمى وتمثل 80 % - جاءوا عن طريق غير مباشر وبالصدفة , كتبرع المريض مثلًا بالدم فى بنوك الدم فيكتشف أنه يحمل الفيروس أو يجرى تحاليل للسفر للخارج أو تم حجزه فى مستشفى حميات أو أنه كان ينوى إجراء عملية جراحية, أو كان يعانى الإدمان وقام بإجراء التحليل, بينما من 20 إلى 25% من الحالات فقط جاءت عن طريق الخط الساخن». منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن هناك 40٪ تقريبًا من المصابين بالإيدز لا يعرفون أنهم مصابون بالمرض، ولا يوجد سوى طريقة واحدة أمام الشخص ليعرف وضعه من حيث الإصابة بالفيروس وهى أن يجرى اختبارًا للكشف عنه. وأضاف التقرير: ثمة فجوات خطيرة تتخلل الخدمات المقدمة بشأن فيروس الإيدز فى كثير من البلدان، منها خدمات الوقاية من الفيروس واختباره وعلاجه. وثمة فرصة سانحة للوقاية من 1.5 مليون عدوى سنويًا بحلول عام 2020 إذا ما استطعنا تحسين خدمات الوقاية والاختبار وضمان تزويد الجميع بخدمات علاج ورعاية عالية الجودة يلتزمون بها جيدًا». أما عن خطة وزارة الصحة للقضاء على وصمة مرض الإيدز فأعلن الدكتور عمرو قنديل رئيس قطاع الشئون الوقائية والمتوطنة - أن الوزارة تعمم العديد من المنشورات مع التنبيه المشدد على جميع المنشآت الصحية بضرورة تقديم كافة الخدمات الطبية التى يحتاجها المصابون بفيروس نقص المناعة البشرى «الإيدز» الذين يترددون على تلك المنشآت فى إطار من السرية والمساواة مع باقى المرضى؛ للحفاظ على صحة وحياة المصابين بالفيروس ومنع حدوث مضاعفات أو وفاة, ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة، ولا يوجد نص قانونى أو لائحة تحول بين وصول المصابين بالإيدز لجميع الخدمات الصحية المتاحة بالوزارة. وأشار إلى أن المجتمع يحصر سبب الإصابة بمرض الإيدز فى الاتصال الجنسى غير المشروع وهذا غير صحيح حيث إن مرض الإيدز يمكنه أن ينتقل عن طريق تبادل الدم الملوث بالفيروس أو مشاركة الأدوات والمحاقن الملوثة بالفيروس، كذلك نقل العدوى من الأم المصابة إلى الجنين أو الطفل أثناء الحمل أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية. وقال: إن الإيدز لا ينتقل عن طريق المعايشة اليومية مع المصابين مثل: المصافحة، مشاركة الطعام ومشاركة الملابس، أماكن العمل، حمامات السباحة، دورات المياه، المواصلات العامة، العرق، العناق، التقبيل، ولا ينتقل عن طريق لدغ الحشرات، ولا يوجد أى داع لعزل المصابين بالإيدز بدون مبرر طبى. يذكر أن آخر إحصائية لمنظمة الصحة العالمية أكدت أن نحو 20.9 مليون شخص يتلقون علاج الإيدز حول العالم منذ عام 2000 حتى منتصف عام 2017, وأن هناك 36.7 مليون شخص متعايش مع فيروس العوز المناعى البشرى. وأوضحت الدراسة أن مليون حالة وفاة حدثت بسبب الأمراض المرتبطة بالإيدز فى العام الماضي، وأن 76.1 مليون شخص أصيبوا بفيروس نقص المناعة البشرية منذ بداية ظهور الوباء، وتوفى 35 مليون شخص بسبب الأمراض المرتبطة بالإيدز منذ اكتشافه».