خطة التقسيم بدأت بإقليم 'برقة' والأمر لن يقتصر علي ثلاث ولايات فقط!! 'جون ماكين' أبلغ الجنوبيين أن واشنطن لن تمانع في إقامة دويلة عاصمتها 'سبها' مصر في مرمي الهدف .. ومنظمات التمويل الأجنبي هي الطابور الخامس لهذا المخطط إذا لم يتحقق الأمن والاستقرار وإعادة بناء المؤسسات فالبلاد مرشحة للفوضي!! حدث ما تخوفنا من حدوثه في ليبيا، بدأت خيوط المؤامرة تتكشف للجميع، أدرك أبناء الشعب العربي الليبي أن خطة حلف 'الناتو' لم تكن تستهدف فقط اسقاط نظام العقيد معمر القذافي، وإنما اسقاط الدولة الليبية وتقسيمها إلي ولايات ودويلات والسيطرة الكاملة علي منابع النفط، والعودة بالتاريخ إلي عقود زمنية سابقة. قبيل الإعلان عن كيان ليبي يتمتع بالحكم الذاتي في اقليم برقة بشرق ليبيا، كانت المخاوف قد عمت البلاد من خطر اندلاع حرب أهلية، شاملة في أنحاء البلاد، فالعنف لم يتوقف بأسقاط النظام، بل ازدادت حدته وشراسته، بعد أن بسطت الميليشيات القبلية والجهوية سيطرتها علي المناطق المختلفة محتكمة إلي قوة السلاح. وفي السادس من مارس الجاري وجه زعماء قبليون سياسيون من مدينة بني غازي رسالة إلي كل من يهمه الأمر أعلنوا فيها قيام دويلة جديدة، تضم اقليم برقة 'القديم' الذي يمتد من الحدود المصرية في الشرق إلي الكيان الجديد الذي قالوا إنه سيكون في إطار فيدرالي، يضمن له استقلالاً ذاتيًا وحكومة خاصة، واختاروا له واحدًا من أحفاد الملك ادريس السنوسي ملك ليبيا الذي اطاحت به ثورة الفاتح ليكون حاكمًا للاقليم. لم يكن اختيار أحمد الزبير الشريف السنوسي رئيسًا للمجلس الأعلي للاقليم الجديد قد جاء من فراغ، بل كان ضمن إطار خطة استهدفت استدعاء القديم .. شكلاً وموضوعًا، ولذلك جاء الإعلان عن ولادة الكيان الانفصالي الجديد مشفوعًا برفض الدستور الانتقالي الذي أقرته ليبيا في عهدها الجديد، وتم الإعلان عن تبني الدستور الملكي الذي تم إقراره في عهد الملك الراحل إدريس السنوسي. لقد ظلت ليبيا تدار علي أسس فيدرالية لأكثر من عشر سنوات، بعد استقلالها في عام 1591، حيث تم تقسيم السلطة بين ثلاثة أقاليم أساسية هي اقليم برقة في الشرق، واقليمطرابلس في الغرب، واقليم فزان في الجنوب. إن أحدًا لا يستطيع أن يستبعد دور القوي الأجنبية وضلوعها في هذا المخطط، فحلف الناتو الذي كان له الفضل والدور الأكبر في اسقاط النظام وتدمير بنية الدولة الليبية، لا يمكن ان يكون قد فعل ذلك اتقاء لوجه الله أو سعيًا لتحقيق الحرية والسيادة للشعب الليبي، بل ان له مطامع وأهدافًا لا تخفي علي أحد. والولاياتالمتحدة هي الأخري ضالعة حتي النخاع، ليس من منطلق ان يكون لها حصتها الكبري في منابع النفط الليبية فحسب، بل أيضًا من منطلق خطتها المعلنة في إطار مخطط الشرق الأوسط الجديد، الذي تشارك فيه دول غربية وعربية عديدة. وهذا المخطط ليس بجديد، ولا هو وليد الشهور القليلة الماضية، بل ان صحيفة 'النهار' الجزائرية سبق لها أن نشرت وثيقة غاية في الأهمية توضح أبعاد هذا المخطط وتفاصيله. لقد أكدت 'النهار' ان الخطة التي أعدها جهاز المخابرات الخارجية البريطانية تم اعتمادها عام 5991 بهدف تقسيم ليبيا إلي عدة دويلات واقاليم تحت إطار حكم فيدرالي. وقد أشارت الوثيقة المنشورة إلي أن المخابرات البريطانية نجحت في تجنيد خمسة ضباط ليبيين برتبة 'عقيد' كلفوا في هذا الوقت بتنفيذ انقلاب عسكري بمشاركة آخرين خلال عقد المؤتمر الشعبي العام في ليبيا عام 7991، للقضاء علي حكم القذافي، والبدء في تشكيل حكومة انتقالية ثم الاتفاق مع قادة وزعماء القبائل بالبدء في تشكيل نظام فيدرالي يؤدي إلي تقسيم البلاد. ولم تستثن ليبيا من المخطط الصهيوني الأمريكي الذي أعده 'برنارد لويس' وتبناه الكونجرس الأمريكي، حيث تضمن هذا المخطط تقسيم ليبيا ضمن إطار خطة التقسيم التي أعدها لمنطقة المغرب العربي في إطار خطة التفكيك والتقسيم لمنطقة 'الشرق الأوسط'. لقد سبق أن شكك الكثيرون في وجود مخطط لتقسيم البلاد، غير أن الوقائع أشارت منذ اليوم الأول إلي أن رفض المبادرات التي اطلقها القذافي للحوار والاستعداد للاستفتاء علي نظام حكمه تحت اشراف دولي، إنما كان بهدف الوصول بالبلاد إلي حافة الحرب الأهلية تمهيدًا لتنفيذ مخطط التقسيم علي الأرض. وليس صحيحًا هنا أن الأمر سيبقي مقصورًا علي منطقة الشرق الليبي من حدود مصر إلي سرت بل إن المعلومات تشير إلي أن أنصار الراحل معمر القذافي أكملوا مخططهم لإعلان اقليم مستقل في جنوب البلاد إضافة إلي عشرات الألوف من النازحين الليبيين الذين استقروا في هذه المناطق هربًا من ضربات حلف الناتو. وقد حظيت هذه 'الدويلة الجديدة' التي يحتمل الإعلان عن ولادتها قريبًا جدًا بدعم واضح من تشاد وأيضًا من حركة العدل والمساواة التي تحارب في دارفور، وسوف تتخذ من مدينة 'سبها' الجنوبية عاصمة لها. لقد شهدت مناطق جنوب شرق ليبيا مؤخرًا اشتباكات دامية بين قبيلتي 'التبو والزوي' أدت إلي سقوط المئات من القتلي والجرحي، وانتهت بسيطرة أنصار القذافي علي مدينة 'الكفرة' الجنوية. لقد أشار الكثير من المراقبين إلي أن الولاياتالمتحدة لم تكن بعيدة عن هذه التطورات التي يشهدها الجنوب الليبي، حيث كانت الزيارة التي قام بها مؤخرًا السيناتور الأمريكي الجمهوري 'جون ماكين' علي رأس وفد من الكونجرس هي بمثابة البدء في الإعلان عن ولادة الدويلة الجنوبية الجديدة. لقد أعلن جون ماكين للوفود التي التقاها خلال زيارته ان واشنطن لن تكون ضد اقامة دولة مستقلة، في الجنوب، بل ستمد يد العون لها وتعمل علي مساندتها بكل السبل والآليات، وكل ذلك يؤكد ضلوع واشنطن في المخطط منذ بدايته. ومن الواضح هنا أن المخطط ربما لن يقتصر علي إعادة انتاج الوضع القديم الممثل في ثلاثة اقاليم أساسية 'برقة طرابلس فزان'، بل ان لاأمر قد يفضي إلي سلسلة لا تنتهي من التقسيمات الاثنية والعرقية، وهو ما أشار إليه مصطفي عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي خلال كلمة القاها بمناسبة الذكري الأولي لقيام الثورة ضد نظام القذافي، عندما حذر من انجراف البلاد إلي الفيدرالية الجهوية والقبلية. وفي وقت لاحق اتهم عبدالجليل دولاً عربية محددة بأنهاتسعي إلي إذكاء وتغذية الخلافات التي أدت إلي الفتنة في الشرق حتي تهنأ في دولها ولا ينتقل إليها طوفان الثورة، وقال ان المخاوف سابقًا كانت من تقسيم ليبيا إلي ثلاث كونفدراليات واليوم أضحت البلاد مهددة بالتقسيم إلي مدن وقري وقبائل وجهات. إن هذا الكلام يعيد إلينا المقولة التي اطلقها العقيد معمر القذافي في افتتاح اعمال القمة العربية الافريقية بمدينة سرت في العاشر من أكتوبر 0102، عندما قال 'إن انفصال جنوب السودان في حال حدوثه سيكون حدثًا خطيرًا له تداعيات كبيرة، وأن ما يجري في السودان سيصبح 'عدوي' تنتقل إلي دول افريقية أخري خاصة 'ليبيا'!! وهكذا يبدو أنه لم تمض سوي شهور قليلة علي مقتل القذافي وسقوط نظام حكمه، حتي تحققت مقولته التي كشفت أبعاد المخطط من البداية إلي النهاية، وهو مخطط يهدد باشعال الحرب الأهلية وانتقال هذا النموذج إلي بلدان أخري مجاورة، حال استمرار تدهور الأوضاع الأمنيةعلي أراضيها. ان ما يحدث في ليبيا يضع علامات استفهام كبيرة علي ما يجري من أحداث في المنطقة العربية بأسرها في ضوء المخطط الاستعماري والدور الذي تقوم به بعض البلدان العربية خاصة 'قطر' في المساندة المالية والإعلامية بل والعسكرية لتنفيذ هذه السيناريوهات التي تستهدف تقسيم بلدان الأمة تحت شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. 2 المؤامرة علي مصر مستمرة إذا كانت الأوضاع في ليبيا قد حسمت بالسلاح واطلاق الصواريخ وغارات الناتو، فإن الأوضاع في بلدان عربية أخري قي مقدمتها مصر تمضي باتجاه الضغط علي الدولة من الداخل عن طريق الطابور الخامس لاضعاف أجهزتها واضعاف نظامها وتفتيت مؤسساتها وفقًا لنظرية الملياردير الصهيوني 'جين شارب' 'حرب اللاعنف'، التكنيك الجديد للغزو بلا تدخل عسكري خارجي. لقد أسس 'جين شارب' لهذا الغرض مركزًا لدراسات 'اللاعنف' في صربيا اطلق عليه اسم 'كانناس' قام بتدريب الآلاف من الشباب العربي علي حروب اللاعنف واسقاط الأنظمة عبر المكافحة السلمية، ثم السعي لاسقاط المؤسسات واسقاط الدولة وادخالها في الفوضي والديون، وبالتالي تدميرها دون تدخل خارجي. انها خطة متشابكة، تشارك فيها قنوات فضائية ومؤسسات مالية وطابور خامس يمتد بطول البلاد وعرضها، يكفي القول إن جملة ما صرف عليه في الفترة من فبراير إلي نوفمبر 1102 في مصر وحدها نحو مليار ومائتي مليون جنيه من أمريكا وحدها، ناهيك عن مئات الملايين التي تدفقت من بلدان أخري عديدة. وتحت شعارات الديمقراطية ومواجهة الفساد والتشكيك في المؤسسات ترتكب في حق هذا الوطن أكبر جريمة يشهدها التاريخ المعاصر، تستهدف تحطيم الدولة بيد ابنائها، واثارة الفتنة، وشن حرب كراهية ضد الجميع، مستخدمين في ذلك إعلامًا فاسدًا محرضًا يقوم علي أمره مجموعة من الفلول والمنخرطين في هذا المخطط. لقد قال 'برنارد لويس' صاحب مخطط التقسيم في مقابلة صحفية في 02/5/5002 موجهًا حديثه للعرب والمسلمين 'إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا وانه لا مانع عندنا من إعادة احتلالهم علي أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة علي الحياة الديمقراطية. ويبدو أن الأمر لم يقف عند حدود المقولة، بل ان واشنطن وحلفاءها زرعوا علي أرض الوطن منذ سنوات عملاء لهم، ينفذون أجندتهم، يتدربون في مراكزهم ومعاهدهم، ويحصلون علي مئات الملايين من الأموال، تنفيذًا لهذا المخطط، عبر استغلال الأحوال المتردية في البلدان المعنية، ثم القفز علي الثورات وتوظيفها لحساب الأجندات الأمريكية والصهيونية. لقد قال 'آلان وينستون' مؤسس وأول مدير للمؤسسة الوطنية الديمقراطية في واشنطن والتي تقوم بتمويل المعهدين الديمقراطي والجمهوري الأمريكيين وغيرهما 'إن معظم ما نفعله حاليًا أمام الجميع، كنا نقوم به بصورة سرية خلال ال52 عامًا الماضية من خلال وكالة الاستخبارات الأمريكية'!! قال ذلك في عام 1991. إن الذين يدافعون عن هذه المنظمات التي واجهتها مصر مؤخرًا وأحالتها إلي القضاء المصري أولي بهم أن يخجلوا من أنفسهم، ذلك ان الأيام اثبتت ان هذه المنظمات خصوصًا 'المعهد الديمقراطي الأمريكي المعهد الجمهوري الدولي وفريدم هاوس' هي الطرف الثالث الذي تحدثنا عنه كثيرًا، والدليل علي ذلك ان عمليات العنف والمظاهرات المعادية للوطن وللجيش وللشرطة وللقضاء توقفت بعد تجفيف المنابع المالية للطابور الخامس والتي كانوا يحصلون عليها من هذه المنظمات. ويكفي القول هنا إن مدبري برامج الحملات الانتخايبة بمقر المعهد الجمهوري الدولي الأمريكي بمصر دولت عيسي كشفت اللثام عن ابعاد المؤامرة مبكرًا عندما قدمت استقالتها وآخرون من المعهد بعد علمها أن التمويلات المالية التي يتلقاها المعهد من خارج مصر هدفها تدريب بعض الأحزاب والقوي المولودة من رحم الحزب الوطني المنحل. لقد قالت دولت عيسي في حديث لها ببرنامج 'الحقيقة' علي قناة دريم في 92/21/1102 'إن تمويلات المعهد كانت تأتي من الكونجرس الأمريكي نفسه لتنفيذ مخطط إفساد الحياة السياسية في مصر والإعداد لتقسيم البلاد في عام 5102 مشيرة إلي أن هناك بعض الشخصيات التابعة للمخابرات الأمريكية كانت تأتي إلي المعهد وتتحدث إليها شخصيًا علي اعتبار انها مواطنة أمريكية وقالت إن هذه الأموال تنفق لدعم الأحزاب الليبرالية وليست لدعم الأحزاب الإسلامية من إخوان وسلفيين'. إن الذين يتباكون علي منظمات المجتمع المدني الممولة أجنبية كانت أو مصرية لا يجهلون تاريخها، وإنما هم يسعون إلي تسيد صورتها لتمكينها من تنفيذ المخطط الذين هم شركاء فيه بكل تأكيد. من هنا تأتي حسرتنا ويأتي سخطنا علي قرار السماح لهؤلاء الجواسيس بالسفر إلي خارج البلاد، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه بأي حال من الأحوال، لانه لا يمس الأمن القومي فحسب، بل يمس كرامة المصريين جميعًا. إن الذين يطالبون بوقف محاكمة المصريين المتورطين في هذه الجريمة أسوة بالأجانب إنما يلعبون ذات الدور، ويبحثون عن حجة لتمرير هذا المخطط، وهو أمر بالتأكيد لا يتوجب الاعتداد به بأي حال من الأحوال. لقد بدأ البرلمان المصري مناقشة أبعاد ما جري، غير أن ذلك يجب ألا يقتصر عند حدود مساءلة المتورطين فحسب، بل يوجب اتخاذ الإجراءات الكفيلة لردع عمليات الاختراق الأجنبي للبلاد والتصدي بكل حسم لدعاة الفتنة والطابور الخامس. إن الدرس الليبي يجب ان يكون ماثلاً للعيان ولا يتوجب أبدًا عرقلة اتمام العملية السياسية وإكمال مؤسسات بناء الدولة بأي حال من الأحوال، مهما كان الثمن في المقابل. ان خيارنا الوحيد هو في السعي لتحقيق الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات والضرب بيد من حديد في مواجهة العملاء والبلطجية والمتآمرين علي أمن هذا الوطن. وإذا كانت الحقائق قد تكشفت وظهر لنا جليًا الطرف الثالث الممثل في هذه المنظمات التي لعبت دورًا تآمريًا في مد عناصر الثورة المضادة بالمال والتدريب وساعدتها في التخطيط، فإن ذلك يجب أن يدفعنا جميعًا إلي التوحد في مواجهة المخطط، ووقف الخلافات واثارة الفتن وصولاً إلي انتخابات رئاسية آمنة. لقد أظهرت هذه الأحداث ان الفئة المرتبطة باللهو الخفي أو الطرف الثالث هي التي كانت تشعل النيران وتحرض علي الجيش والشرطة والقضاء وبقية المؤسسات وعندما تدخلت الدولة وجففت منابع المال تراجعت خطط هؤلاء، واستأثروا بما لديهم من أموال خوفًا من إغلاق الصنبور كاملاً. لقد سافر بعض هؤلاء مؤخرًا إلي الخارج حيث التقوا مسئولين استخباراتيين بهدف تدبير موارد مالية بديلة عبر طرق أخري متوارية، وذلك بهدف استمرار تنفيذ المخطط الذي جري الاتفاق علي حلقاته القادمة مؤخرًا. ان رهان هذه القوي علي الأشهر القليلة المتبقية حتي الانتخابات الرئاسية لن يجد آذانا صاغية من الشارع المصري الذي كشف المؤامرة ورفض العصيان المدني وتصدي لكل العابثين بأمن هذا الوطن. نعم سيواصلون التآمر وستدفع السفارات المزيد من الأموال وستبقي القنوات المشبوهة في الخارج والداخل تحرض علي الفوضي .. غير أنهم لن ينجحوا .. نعم لن ينجحوا والأيام بيننا.