أشد ما يؤلم هذه الأيام هو التجاهل 'المحزن' من السياسيين والأحزاب والائتلافات 'المتكاثرة' لمعركة 'السيادة الوطنية' التي تدور رحاها الآن بين 'المؤسسة العسكرية الوطنية' المصرية وأمريكا.. رغم أنها 'المعركة المفصلية' المتعلقة بالاستقلال الوطني الحقيقي، في مواجهة 'تبعية' نظام مبارك لأمريكا وإسرائيل.. بل إن هذه المعركة تعد أهم نتائج ثورة 25 يناير الشعبية التي رفعت جماهيرها شعارات 'كرامة - حرية - عدالة اجتماعية'.. ورغم أن الثورة جاءت مفاجأة كبري للأمريكان، إلا أنهم فهموا شعاراتها فهمًا صحيحًا، وعرفوا أنها ثورة 'وطنية ديمقراطية' ضد 'التبعية' وأن نجاحها سيعرض مصالح أمريكا للخطر في المنطقة بأسرها، لذا راحت تحاول إجهاض الثورات في المنطقة لتحول مساراتها لصالحها لانتاج أنظمة جديدة تدور في فلك المصالح الأمريكية، مما يؤدي إلي حصار الثورة المصرية، لتتفرغ فيما بعد لتدجينها واختراقها من خلال عقد الصفقات مع القوي الانتهازية وترويض القوي الطامحة للديمقراطية، لتهيمن علي المشهد من جديد، لذا كان لابد لأمريكا أن تلعب لعبة 'العصا والجزرة' مع مصر مرة أخري، وتحاول اختراق القوي السياسية لحرف مسارها الوطني. لكن مصر بعد ثورة 25 يناير لم تعد كما كانت أيام حليفهم مبارك، لذا فوجئ سكان البيت الأبيض 'ببركان الكرامة' ينفجر في وجوههم، وفوجئت أمريكا أكثر ب 'المؤسسة العسكرية الوطنية' ترفض الوصاية ففقدت الإدارة الأمريكية صوابها وراحت تتصرف بوقاحة لا مثيل لها، لدرجة أنها طالبت بإقصاء السيدة فايزة أبو النجا وزير التعاون الدولي وكأنها تعبر عن وجهة نظر 'فردية' وليست ممثلة لحكومة مصر الوطنية!!.. الأكثر وقاحة كان التهديد بقطع المعونة وحصار مصر اقتصاديًا إن لم تدخل 'بيت الطاعة الأمريكي' وتنصع للأوامر والترتيبات الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.. الطريف أن أمريكا لم تحسب حساب 'الشعب المصري' للمرة الثانية.. وغاب عن تقدير ساستها أن 'الوقاحة' الأمريكية ستجرح كبرياء هذا الشعب الذي فاجأها بالثورة، فلقد راح البسطاء يدعون إلي رفض المعونة وبدءوا التبرع بقروشهم لدعم الخزانة المصرية في مواجهة الحصار الأمريكي من أجل مساندة الحكومة الوطنية والجيش في مواجهة 'شروط التبعية' بتلقائية ووطنية تليق بشعب مصر. الغريب أن السياسيين صمتوا ووقفوا علي الحياد في وقت لا يصح فيه أي حياد.. وفجأة قفز السلفيون ليركبوا الموجة الشعبية رغبة منهم في إحراج الإخوان الذين 'قيل' إنهم اتفقوا مع الأمريكان، ولتحسين صورتهم بعدما انكشف أداؤهم المتخلف في البرلمان.. المحزن أن فصائل الحركة الوطنية مازالت صامتة، ولم تفرق - للأسف بين خلافها مع 'المجلس العسكري' وما تتعرض له 'السيادة الوطنية' من مخاطر. يا سادة.. الوقاحة الأمريكية ليست موجهة ضد 'المجلس العسكري' لكنها موجهة ضد 'الوطن'، ومعارك الاستقلال الوطني هي المقدمة الطبيعية للحرية السياسية والاجتماعية، لنختلف في السياسة كما نشاء لكن في معارك الاستقلال الوطني ليس أمامنا إلا أن نقف صفًا واحدًا ضد 'التبعية' فهل نفعل؟! ....... سنفعل......