شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم الأربعاء، بتوقيت نيويورك، فى قمة مجلس الأمن حول إصلاح عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ترأس القمة رئيس الوزراء الاثيوبي بصفته رئيس مجلس الأمن لشهر سبتمبر، وذلك بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات، منهم رؤساء فرنسا والسنغال وأوكرانيا، ورؤساء حكومات إيطاليا وبريطانيا والسويد ونائب الرئيس الأمريكي، بالإضافة إلى سكرتير عام الأممالمتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقية. وشارك الرئيس فى التصويت على القرار الخاص بمراجعة عمليات حفظ السلام الذي اعتمده المجلس بالإجماع. وعقب اعتماد القرار، عبر الرئيس عن سروره بالمشاركة في أعمال قمة مجلس الأمن حول عمليات حفظ السلام، والتي تنعقد بمبادرة مُقدرة من إثيوبيا. ورحب الرئيس، في كلمته، باعتماد مشروع القرار المعنون "مراجعة عمليات حفظ السلام"، والذي يعد خطوة في الاتجاه الصحيح لتعزيز منظومة السلم والأمن الخاصة بالأممالمتحدة. وقال الرئيس، إن مصر كانت من أوائل الدول الداعمة لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بدءاً بمشاركتها في أول مهمة حفظ سلام متعددة الأبعاد في الكونغو عام 1960، وانتهاءً بكونها سابع أكبر الدول مساهمة بقوات في مهام حفظ السلام الأممية حاليا، حيث وصل عدد البعثات التي شاركت فيها مصر إلى 37 بعثة أممية، بإجمالي قوات تجاوز 30 ألف فرد منذ بداية مشاركتنا في عمليات حفظ السلام، في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا. واضاف:"طوال هذه العقود، لم تحجم مصر عن المشاركة في أصعب مهام الأممالمتحدة وأكثرها خطورة، وأولت الاهتمام الواجب بالتدريب والتأكد من أعلى مستويات الجاهزية والكفاءة، وضربت مثلاً يحتذى به في السلوك والانضباط وعدم التسامح مع أي تجاوز، وساهمت في بناء القدرات الإقليمية لحفظ السلام، لاسيما الأفريقية والعربية". وأكد الرئيس أننا اليوم، وإذ نرحب بقرار مراجعة عمليات حفظ السلام، فإننا نتطلع لأن يكون هذا القرار خطوة على طريق الإصلاح الحالي الذي تقوم به المنظمة، مع التركيز على معالجة أوجه القصور العملياتي والفني، وذلك سعياً للتوصل إلى رؤية متكاملة لسبل منع النزاع واستدامة السلام، وتطوير دور حفظ السلام في تحقيق تلك الرؤية، وآليات صنع القرار اللازمة لذلك. وفي هذا الصدد، طرح الرئيس عددا من النقاط: أولا: إنه مع التسليم بأهمية حفظ السلام كأحد أهم أدوات المجتمع الدولي لصون السلم والأمن الدوليين، فلا يجب أن يكون الأداة الوحيدة لتحقيق هذا الغرض، فحفظ السلام ليس بديلاً عن الجهود الدبلوماسية الوقائية، أو الوساطة، أو بناء السلام، أو غيرها من الأدوات السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية، الرامية إلى علاج جذور المشكلات ورأب الصدع الاجتماعي. وبالمثل، فإن حفظ السلام لا يمكن أن يكون هو رد الفعل المبدئي لكل أزمة. وفي هذا الإطار، فقد حرصت مصر خلال الأعوام الثلاث الماضية على الدعوة لتبني مقاربة استراتيجية جديدة، تتعامل مع عمليات حفظ السلام في إطار مفهوم يتضمن خطط عمل سياسية وبرامجية وعملياتية متكاملة، وبحيث تُعَدَل ولايات عمليات حفظ السلام بصورة مستمرة استجابة للمتغيرات السياسية والميدانية، الأمر الذي يتفق إلى حد بعيد مع مواقف العديد من دول العالم، وكذا مع رؤية السكرتير العام، والذي لا تفوتني الفرصة هنا للإشادة بجهوده في تفعيل أدوات السكرتارية وتنشيط دورها السياسي، وهو ما يستحق الدعم والتأييد. وقال إن مصر ترى أن مثل هذه المقاربة أصبحت ضرورة في ضوء التحديات الجسيمة المرتبطة بالنزاعات المسلحة، وما تخلفه من إضعاف المؤسسات الوطنية وتقليص قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وكذا في ضوء التشابك بين النزاعات وتهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة، وغيرها من التهديدات والتحديات للسلم والأمن الدوليين. ثانياً: يرتبط بما سبق دعوة مصر للمجتمع الدولي بإعطاء الأولوية دوماً لجهود تسوية النزاعات، وتقديمها على منهج إدارة النزاع، والذي نتج عنه تجميد النزاعات واستمرار بعضها لعقود، دون أفق سياسي للحل، مثلما نشهد للأسف الشديد في منطقتنا العربية وقارتنا الأفريقية، وهي النزاعات التي سرعان ما تتأجج تحت وطأة الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أدت لاشتعالها. وتابع:"في هذا السياق، أضم صوتي إلى لجان المراجعة الأممية لعام 2015، والتي أجمعت على ضرورة إيلاء الأولوية للجهود السياسية، واعتبار ذلك أساساً لمهام الأممالمتحدة المختلفة، سواء مهام حفظ السلام أو المهام السياسية الخاصة". ثالثاً: مع أهمية الدور الذي تقوم به مهام الأممالمتحدة، فإن دورها لا يجب أن يكون بديلاً لدور الحكومات أو مؤسسات الدول المستضيفة، كما لا يجب السعي لفرض وصاية عليها، إنما يجب العمل على توفير بيئة أمنية وسياسية حاضنة لتعزيز الملكية الوطنية لجهود المصالحة وبناء السلام، بما يعكس أولويات تلك الدول والمجتمعات. وقال:"أود هنا تأكيد أهمية عدم فرض أنماط أو قوالب أو نظم سياسية معينة على الدول التي تشهد نزاعات وإيلاء الاهتمام اللازم بمراعاة خصوصياتها السياسية والثقافية والاجتماعية بما يضمن إنجاح جهود حفظ السلم والأمن وبناء السلام. كما أود الإشارة إلى أن مسئولية حماية المدنيين والدور المحوري الذي تقوم به قوات حفظ السلام في هذا الإطار لا يجب أن يفتئت على المسئولية الأساسية التي تقع على عاتق الدول المستضيفة في حماية مواطنيها، بل يجب أن يقترن بتطوير وتوسيع مفهوم الحماية للتركيز على بناء قدرات الدول والمجتمعات المستضيفة، وبحيث يعكس خصوصياتها وأولوياتها". رابعاً: دعوني أكون أكثر صراحة، فإن استئثار بعض الدول بصياغة ولايات مهام حفظ السلام، مع عدم المراعاة الكاملة لمشاغل واهتمامات الدول المشار.