رائد الاقتصاد المصرى، أسس بنك وشركة مصر للتأمين وشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، وما يتصل بها من شركات للنقل والحلج والتصدير، واستديو مصر للإنتاج السينمائى حيث كانت نشأة السينما المصرية. ولد محمد طلعت بن حسن محمد حرب والذى اشتهر باسم طلعت حرب فى 25 نوفمبر عام 1867، بمنطقة قصر الشوق بحى الجمالية، وهو ينتمى إلى عائلة حرب بناحية ميت أبو على من قرى منيا القمح بمحافظة الشرقية. حفظ طلعت حرب القرآن فى طفولته ثم التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة ثم التحق بمدرسة الحقوق الخديوية فى أغسطس 1885 وحصل على شهادة مدرسة الحقوق فى 1889. بدأ حياته العملية مترجمًا بقلم القضايا بالدائرة المدنية ثم أصبح رئيسًا لإدارة المحاسبات ثم مديرًا لمكتب المنازعات خلفًا للزعيم محمد فريد وذلك فى عام 1891، ثم تدرج فى السلك الوظيفى حتى أصبح مديرًا لقلم القضايا. فى عام 1905 انتقل ليعمل مديرًا لشركة كوم إمبو بمركزها الرئيسى بالقاهرة كما أسندت له فى نفس الوقت إدارة الشركة العقارية المصرية التى عمل على تمصيرها حتى أصبحت غالبية أسهمها فى يد المصريين وكانت هذه الشركة بداية ثورة طلعت حرب لتمصير الاقتصاد ليمتلك القدرة على مقاومة الإنجليز. بدأ طلعت حرب حياته بتأليف الكتب وقد اشتغل بالصحافة وكانت له آثار صحفية وأدبية بارزة، كما كانت له معاركه الفكرية الكبيرة والمؤثرة حيث خالف اجتهادات قاسم أمين فى قضية تحرير المرأة، فكتب كتابه الأول «كلمة حق عن الإسلام والدولة العثمانية» ثم كتاب «تربية المرأة والحجاب» وذلك ردًا على كتاب «تحرير المرأة» لقاسم أمين الذى صدر عام 1898، ثم ألف كتاب «فصل الخطاب فى المرأة والحجاب» ردًا على كتاب قاسم أمين الثانى «المرأة الجديدة»، وفى عام 1911 قدم طلعت حرب رؤيته الفكرية واجتهاداته النظرية عن كيفية إحداث ثورته الثقافية وذلك من خلال كتابه «علاج مصر الاقتصادى وإنشاء بنك للمصريين». وفى عام 1912 قدم طلعت حرب كتابه «قناة السويس» وذلك لتفنيد دعاوى إنجلترا وفرنسا لتمديد عقد احتكار القناة لمدة 40 سنة أخرى بعد ال 99 سنة التى تنتهى فى عام 1968، وقد نجحت حملته فى القضاء على هذا المخطط الاستعمارى فى مهده. بعد أن أعلن طلعت حرب عن فكرته فى ضرورة إنشاء بنك للمصريين، انعقد المؤتمر الوطنى عام 1911 للنظر فى مشكلات مصر الاجتماعية وقرر المجتمعون تنفيذ فكرة حرب فى إنشاء بنك مصر وقد تعطلت عملية إنشاء البنك بسبب الحرب العالمية الأولى. وعندما انتهت الحرب دون أن تحصل مصر على استقلالها السياسى انفجرت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول وأثناء الثورة دعا طلعت حرب أبناء مصر إلى الكفاح ضد سيطرة الأجانب الاقتصادية على المقدرات المصرية وتعود فكرة إنشاء بنك مصر، وينجح طلعت حرب فى إنشاء البنك عام 1920 حيث تم الاحتفال بتأسيسه مساء 7 مايو 1920 فى دار الأوبرا السلطانية، حيث تم تحديد قيمة السهم بأربعة جنيهات مصرية، وفى نهاية عامه الأول ارتفع رأس مال البنك إلى 175 ألف جنيه ثم إلى نصف مليون جنيه عام 1925 ثم إلى مليون جنيه عام 1932. وقد قام بنك مصر برسالته الوطنية فى تنمية الودائع علاوة على أرباحه التى استثمرها فى إنشاء أكثر من عشرين شركة مصرية ومع تأسيس البنك رفض طلعت حرب رئاسة بنك مصر وترك المنصب لأحمد مدحت باشا يكن واكتفى هو بمنصب نائب الرئيس والعضو المنتدب، وسرعان ما انتقل بنك مصر من مقره المتواضع إلى مقره الحالى فى شارع محمد فريد وسريعًا ما انتشرت فروع البنك لتصل إلى 37 وحدة مصرفية فى عام 1938، وقد اهتم طلعت حرب بالمظهر الخارجى لمنشآت بنك مصر فجعل جميع مبانى البنك ذات نمط معمارى واحد. وقد حرص طلعت حرب من خلال البنك على مساعدة صغار الصناع والحرفيين للصمود أمام سيطرة المنتجات الإنجليزية على السوق المصرية ومنافستها، كما شجع قيام شركات المقاولات المصرية ودعمها ماليًا بكسر احتكار الأجانب لهذه المشروعات. بعد عامين من إنشاء بنك مصر قام طلعت حرب بإنشاء أول مطبعة مصرية برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه وذلك ليدعم الفكر والأدب، وتدرج رأسمالها إلى أن أصبح 50 ألف جنيه، بعدها أنشا شركة «مصر للغزل والنسيج» فى أغسطس 1927 بالمحلة الكبرى برأسمال قدره 300 ألف جنيه، إلى أن وصل إلى مليون جنيه عام 1936..
ثم توالت الشركات المصرية التى أنشأها البنك مثل شركة مصر للنقل البرى التى قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب، وكذلك شراء الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ. وإيمانا منه بضرورة تدعيم الثقافة والفنون ونشر الوعى قام بتأسيس شركة مصر للتمثيل والسينما «أستديو مصر» لإنتاج أفلام مصرية لفنانين مصريين. توفى رائد الاقتصاد المصرى طلعت حرب فى 23 أغسطس عام 1941.