بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿الأحزاب:70﴾ طالعت مقال للدكتور عمرو حمزاوي بعنوان "عن تفتيت الأصوات في الانتخابات وواجب المشاركة" ويمكن تلخيص المقال في أربع نقاط: 1- إن فشل الأحزاب الليبرالية في الاتفاق علي قائمة موحدة سيؤدي إلي تفتيت أصوات المتعاطفين مع الثورة. 2- إن برلمان 2011 سيكون برلمانا منقسما ومفتتا بخليط من بقايا النظام القديم وجديد متنوع به أطياف إسلامية وليبرالية ويسار ومستقلة. 3- إن توقع قيام المواطن من الاختيار بوعي بين قوائم مختلفة ومرشحين متنوعين .. هذا التوقع شديد المثالية وبعيد عن الواقع المصري. 4- إن المواطنات والمواطنين يثقون في الأحزاب ونخب السياسة. وقبل أن أعلق علي هذا المقال .. أود أن أذكر –هذين التعليقين 1- التعليق الأول ل"خالد" بعنوان "أستاذ عمرو نفسي أسمع أجابة علي سؤالي" .. وكتب خالد في تعليقه:"... أن الليبرالين في الفترة الاخيرة صوتهم عالي جدا و'فزلكة ' علي خلق الله وتعالي في الكلام وكأن أنتم فقط من تفهمون صالح مصر وكأنكم وحدكم من قمتم بالثورة وطبعا ده كلام فاضي .. لان الثورة خرج ملايين في التحرير وفي كل مناطق القاهرة والسويس والاسكندرية ولا ننسي سيناء وحتي في الوادي الجديد. السؤال: هل سوف ترضون بالديمقراطية ولا ذي الاستفتاء سوف يوصم الشعب المصري منكم بالجهل؟" 2- التعليق الثاني ل"علي الجمال" بعنوان "القوائم كانت مرفوضة شعبياً علي الرغم من أصراركم عليها لعلمكم بضعفكم" .. وكتب علي الجمال في تعليقه: " لا تتفلسف علي الناس لان المصريين بطبيعتهم و فطرتهم أذكياء وممكن يودووك البحر و يرجعوك عطشان أنت و أي قوي تتخيل أنها تملك أصواتهم - تحيا مصر و شعب مصر و يسقط ال'--' و ال'--' و الانتهازيين و المتاجرين بآلام المصريين". هذان التعليقان مثال علي مدي وعي وفهم المواطن المصري الذي يوصمه من يعتبرون أنفسهم "نخباً" بعدم القدرة علي ممارسة حريته وعدم إدراكه لمصلحته ومصلحة الوطن .. المواطن المصري الذي يراه د. عمرو حمزاوي غير قادر علي الاختيار بوعي بين قوائم مختلفة ومرشحين متنوعين .. المواطن المصري الذي يري د. عمرو حمزاوي أن توقع ممارسته لحقوقه السياسية بنزاهة ووعي هو أمر شديد المثالية وبعيد عن الواقع المصري!! وأسأل من يدَّعون أنهم النخب أين أنتم من الواقع المصري حتي تتحدثوا عنه؟ من الذي أعطاكم الحق أن تنصبوا أنفسكم أوصياء علي المواطن المصري؟ هل غاب عنكم أن مصر صاحبة أول حضارة في التاريخ .. وأن الشعب المصري ما زال محافظاً علي صفاته وسماته التي اكتسبها عبر آلاف السنين؟ وأقول لهم أن المواطن المصري معدنه صلد وقوي صهرته الأحداث الجسام عبر مسيرة تاريخية هي الأطول بين كل الأمم .. وأن بذور الحضارة كامنة في ذاكرة هذه الأمة وتسكن ضمائر هذا الشعب العريق. والواقع المصري أن المواطن المصري هو من يدري وأنتم الذين لا تدرون. وعلي عكس ما قاله د. عمرو حمزاوي: "إن المواطنات والمواطنين يثقون في الأحزاب ونخب السياسة" .. فإنني أري أن التحدي الصعب الذي يواجه المواطن المصري هو البحث عن ضالته خارج نطاق دائرة ضيقة فرضت نفسها أو فرضتها الظروف علي هذا الوطن .. هذه الدائرة لا يتسع محيطها – قبل وبعد الثورة – إلا لذات الوجوه والأصوات والأقلام التي احترفت واحتكرت المنابر الإعلامية – المرئية والمسموعة والمقروءة – في تكرار ممل لنفس الآراء والأفكار والرؤي السياسية والاجتماعية والاقتصادية ... ألخ .. وأغلب بضاعتهم إما منقولة عن سابقين أو تجارب سابقة لأمم أخري .. كما أنها غير مجردة وإنما هي نتاج فكر سابق التجهيز يؤمن بنظريات بعينها أو يعتنق إيديولوجيات لا يحيد عنها .. وفي الغالب تطرح هذه الآراء والأفكار والرؤي السابقة التجهيز بدون آليات التنفيذ .. كما أنها لا تراعي الطبيعة الخاصة جداً للمجتمع والإنسان المصري. أما بالنسبة لتخوف د. عمرو حمزاوي من أن "البرلمان القادم سيكون برلمانا منقسماً ومفتتاً بخليط من بقايا النظام القديم وجديد متنوع به أطياف إسلامية وليبرالية ويسار ومستقلة" .. فإنني أري أن التعددية في مجلس الشعب ظاهرة صحية .. وأن شكل المجلس تحدده الإرادة الشعبية .. وأن هكذا هي الديمقراطية التي يتشدق بها الليبراليون والنخب ثم ينقلبوا عليها عندما تؤتي ثماراً لا يشتهونها. إن الأغلبية غير مطلوبة في المجلس القادم لأن "الأغلبية فيه" لن تشكل الحكومة .. وستظل السلطة التنفيذية بيد رأس الدولة يعين ويقيل الحكومة والوزراء. ولذلك استنكر تكالب الأحزاب علي المقاعد الفردية رغم أنها ضمنت تواجدها داخل المجلس – رغماً عن الإرادة الشعبية – عن طريق القوائم .. وأري ضرورة عدم السماح بسيطرة الأحزاب علي هذا المجلس حتي نضمن التعددية وتمثيل كل طوائف الشعب. وبما أنه لا سبيل أمام المستقلين للتواجد داخل المجلس إلا عن طريق المقعد الفردي .. فإنني أدعوا الناخبين لمنح المقعد الفردي لأحد المرشحين المستقلين. وأقول لشباب مصر الواعد أنتم فخر لمصر وأملها في بناء مستقبل زاهر .. ولقد وفقكم الله في إنجاز ما هو جدير بحماس الشباب وقوته وفتوته. إن المجلس القادم عمره قصير ولن يتعدي سنة واحدة .. وأن مهمته الرئيسية ستنحصر في وضع الدستور وتقنين ما صدر من مراسيم واتفاقيات ... ألخ أثناء الفترة الانتقالية التي حل فيها المجلس .. وهذه المهام يناسبها أكثر الحكمة والخبرة. فلا تتعجلوا قطف الثمار قبل أوانها .. واحذروا النصائح التي في ظاهرها تحفيزكم لدخول المعترك السياسي ولكن من باطنها بث الاختلاف والفرقة بينكم حتي تتشتت جهودكم .. خذوا وقتكم لتنظموا صفوفكم وتعدوا برامجكم وتفرزوا قياداتكم .. وليكن هدفكم المجلس التالي الذي سيحكم مصر. وأري أن دوركم الوطني الأهم في هذه المرحلة هو الاستمرار في حماية الثورة .. كما أن لكم دور بالغ الأهمية في الانتخابات التي نحن بصددها وهو فرز المرشحين والتواصل معهم لاختيار وتأييد من ترونهم الأنسب والأصلح لمهمة المجلس القادم.