"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" البقرة ، فرض الله الصيام في جميع الأديان ليحرر الإنسان من عبودية العادات ، كما فرضه تربية للإرادة ، وتقوية للعزيمة ، وتدريبا على الصبر وفرصة لتهذيب النفس وصفاء الروح . ما أبهج رمضان ، وما أحلى أيامه ولياليه المعدودات ، فالصيام فيه يكون سرا بين العبد وربه وهذا من كمال الإيمان لله والاستغراق في تعظيمه وتكريمه ، ورمضان كريم كلمة طيبة ونغم حلو تنتعش له النفوس وتستريح له القلوب وتشيع في الناس الخشية والخشوع، ولصدى ترديدها بين الناس روعة وجلال 0ورمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن وأفاض خلاله على البشرية هداية الرحمن ببعثه محمدا خاتم الأنبياء ، وقد روى أبو هريرة عن الرسول "ص" إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين والجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد ، يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ، وكان الرسول إذا رأى هلال رمضان قال :"اللهم اجعله هلال رشد وخير، آمنت بالذي خلقك"ثلاث مرات ، ثم يقول : "الحمد لله الذي ذهب بشهر شعبان وأتي بشهر رمضان " ، وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخل شهر رجب يدعو ربه قائلا : "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان " ،وفي آخر يوم من شعبان يخطب في الناس قائلا : "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا ، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر ، والصبر ثوابه الجنة ، إنه شهر المواساة وشهر يزداد رزق المؤمنين ومن أفطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء " فقال الناس " يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم؟ فأجاب الرسول : يعطي الله هذا الثواب لمن أفطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن ، ومضى الرسول يقول : وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار فاستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم ، وخصلتين لا غنى بكم عنهما ، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا اله إلا الله، وتستغفرونه ، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله الجنة ، وتعوذون به من النار 0 صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذن ليكن شعارنا هو التصميم على تحقيق أسباب المغفرة بالصدق والعمل والإخلاص شريطة أن يكون خالصا لوجه الله ، وأن ندعو كما دعا الرسول قبل دخول شهر رجب " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ، فاللهم بلغنا رمضان دعاء ورجاء يبهج ويفرح المسلم قبل قدوم الشهر الكريم طمعا فيما أعده الله لعباده الصالحين ورحمة ومغفرة وعتقا من النار . فاللهم اجعلنا في هذا الشهر من المتوكلين عليك ،ومن الفائزين فيه لديك ، أجب دعواتنا وأعنا على صيامه وقيامه ، واجعل لنا منه الحظ والنصيب بالجنة ، واجعل لنا مكانا في رمضان القادم " اللهم بلغنا منانا يا رب العالمين "