حمل فى جعبته صفقات تجارية بمليارات الدولارات تحت شعار «سويًا نحقق النجاح» عقدت 3 قمم فى السعودية بحضور الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعد سلسلة من الجمود الذى شهدته فترة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما إذ أعلن الرئيس الأمريكى الجديد عن تغير كبير سيشمل المنطقة على المستويات الاقتصادية باتفاقيات شراكة مع دول الخليج والإعلان عن «ناتو عربى اسلامى» لمواجهة تحديات إيران فى المنطقة لاسيما بعد التوتر المتصاعد بين الولاياتالمتحدةوإيران وعقوبات أخرى ستشمل شخصيات وكيانات إيرانية خاصة أن إيران هى كلمة السر فى أغلب النزاعات الحالية فى المنطقة لاسيما فى العراق وسوريا واليمن ومختلف دول الخليج. والرسالة المهمة التى تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر القمم الثلاثة لخصها وزير الخارجية الأمريكى، ريكس تيلرسون فى أن الهدف الأساسى من الزيارة رسالة مفادها أن أمريكا عادت لدورها كراعية ووسيطة لمواجهة التحديات فى هذه المنطقة من العالم بخلاف تعزيز التعاون السياسى وتحقيق شراكات اقتصادية وعسكرية وثقافية واسعة النطاق وصفقات سلاح قد تصل قيمتها إلى 380 مليار دولار على مدى العشر سنوات القادمة. وبدأت القمم الثلاثة بالقمة السعودية الأمريكية وتهدف لإعادة تأكيد الصداقة العريقة وتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية الوثيقة بين البلدين وتوقيع شراكات اقتصادية مهمة مع المملكة. ثم قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولاياتالمتحدة، حيث اجتمع قادة المجلس مع ترامب لمناقشة التهديدات التى تواجه الأمن والاستقرار فى المنطقة وبناء علاقات تجارية بين الولاياتالمتحدة ودول المجلس لزيادة الاستثمارات الأمريكية فى المنطقة وتوقيع عقود شراكة تجارية وصفقات سلاح مهمة للمرحلة القادمة لاسيما مع توتر متصاعد بين الإمارات والسعودية على خلفية دعم الإمارات للحوثيين بما يتعارض مع الأمن القومى السعودى. ثم القمة العربية الإسلامية الأمريكية التى التقى فيها ترامب بقادة الدول الإسلامية لتحقيق شراكات أمنية أكثر فاعلية لمواجهة خطر التشدد والإرهاب. وقد أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعتزم بدء العمل على بناء مؤسسة جديدة لمكافحة «الإرهاب» خلال زيارته للمنطقة ولقاءاته خلال القمم الثلاثة التى شهدتها المملكة العربية السعودية، فيما وصفه وزير الخارجية السعودى عادل الجبير ب«ناتو عربى إسلامى» كمؤسسة أمنية للتصدى لأى تحديات قد تظهر فى المنطقة الأمر الذى أثار حفيظة الجانب الروسى رافضًا فكرة الناتو العربى الجديد. وأشارت تقارير البيت الأبيض إلى أن هناك سعيًا أمريكيًا لبناء إطار جديد فى الشرق الأوسط لمواجهة داعش وإيران، وتوفير غطاء أمنى لحلفاء الولاياتالمتحدة فى المنطقة حيث يعد التصدى لداعش واحدًا من أهم تعهدات ترامب الرئيسية التى قدمها خلال الحملة الرئاسية لعام 2016، حيث أوضح أنه يحتاج إلى ضم المزيد من البلدان الإسلامية للتحالف الدولى ضد داعش. وتعد المملكة العربية السعودية حليفًا مهمًا للولايات المتحدة فى المنطقة لما تمثله من رمزية تاريخية وإسلامية مؤثرة فى المنطقة، فضلا عن قوتها العسكرية التى تمثل عاملا مهما فى مواجهة الفكر المتشدد والعنف والإرهاب. وأكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أنه يريد بناء ائتلاف ضد الإرهاب والمتطرفين من حلفاء الولاياتالمتحدة فى الشرق الأوسط، وأعطى الأولوية فى قيادة هذا الائتلاف للمملكة العربية السعودية. يذكر أن أول زيارة خارجية قام بها الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب كانت للمملكة العربية السعودية فى رمزية خاصة حيث إنها أول زيارة خارجية لرئيس أمريكى ثم يتجه بعدها لإسرائيل ثم الفاتيكان. وقد أعلن مستشار الأمن القومى بالبيت الأبيض «اتش آر مكماستر» فى مؤتمر صحفى له فى واشنطن أن ترامب يهدف لتجميع قادة أكثر من 50 دولة مسلمة لمواجهة الأعداء المشتركين للحضارة وأنه سيشارك فى افتتاح مركز يهدف إلى محاربة التشدد وللترويج للاعتدال فى إشارة واضحة لفكر داعش المتطرف والنفوذ الإيرانى الشيعى فى المنطقة الذى كشر عن أنيابه فى مختلف دول المنطقة وذاق ويلات هذا الانتشار الإيرانى معظم دول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية. وأكد تيلرسون أن أحد أهداف زيارة ترامب إلى السعودية، إيجاد تحالف ضد سياسات إيران وأن هناك إجماعًا فى جميع دول المنطقة حول أنشطة إيران لزعزعة الاستقرار فى المنطقة وأن مسألة الوقوف بوجه إيران أصبح ضرورة. والعلاقات الأمريكيةالإيرانية بدت فى أسوأ حالاتها منذ تولى الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب حيث أعلن حتى قبل توليه المنصب أنه سيمزق الاتفاق النووى مع إيران إذا وصل للرئاسة ثم أطلق سلسلة عقوبات على إيران بسبب تجاربها الصاروخية الباليستية منذ فبراير الماضى على عدد من الشخصيات والكيانات الإيرانية وحذر إيران مرارًا بأنها تلعب بالنار حيث أعلنت الخارجية الأمريكية فى مارس الماضى فرض عقوبات على 8 كيانات وثلاثة أشخاص بسبب نقل تكنولوجيا حساسة إلى إيران من أجل برنامجها الصاروخى الباليستى.. وأكدت فى بيان لها أن انتشار تكنولوجيا الصواريخ فى إيران يسهم بشكل كبير فى التوترات الإقليمية وأشارت للدعم الصاروخى الذى تقدمه إيران للحوثيين فى اليمن وضمن الكيانات التى فرضت عليها العقوبات شركات وشخصيات صينية وكورية شمالية وإماراتية. وتشهد العلاقات بين السعودية وإيران أزمة حادة عقب إعلان الرياض فى 3 يناير 2016 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة، على خلفية الاعتداءات التى تعرضت لها سفارة المملكة بطهران وقنصليتها بمدينة مشهد شمالى إيران وإضرام النار فيهما احتجاجًا على إعدام ناشط شيعى وهو نمر النمر مع 46 مدانًا بالانتماء لتنظيمات إرهابية. كما يخيم التوتر على العلاقات بين البلدين، بسبب عدد من الملفات، أبرزها الملف النووى الإيرانى الذى ترى الرياض أنه يهدد أمن المنطقة، والملفان اليمنى والسورى، حيث تتهم السعودية إيران بدعم نظام بشار الأسد بسوريا وتحالف مسلحى الحوثى باليمن. وكان الملف الإيرانى أبرز النقاط التى تناولتها القمم الثلاث بدعمها للحشد الشعبى والميليشيات الشيعية المسلحة فى العراق ودعمها للحوثيين فى اليمن وتهديدها الصريح لأمن المملكة العربية السعودية ومختلف دول الخليج بعمليات لها اليد العليا فيها وتهديداتها المباشرة بعمليات ضد السعودية بشكل خاص ترتب عليه مزيد من تغير المواقف لاسيما الأمريكية التى من الواضح أنها ستأخذ منحنى أكثر حزمًا فى التعامل معها مستقبلًا.. ويرى المراقبون أن المنطقة ستتغير تماما على ما كانت عليه قبل القمم الثلاثة الأخيرة. وتمثل زيارة ترامب الأخيرة للمنطقة ولقاءاته خلال القمم الثلاثة الأخيرة رسالة تطمين للشركاء السعوديين والخليجيين على السواء فيما يخص التحالف الدولى ضد داعش وإيران وكافة التنظيمات الداعمة لهم وإعادة الشراكة الاقتصادية مع مختلف دول المنطقة لاسيما بعد توتر أحدثته قرارات ترامب الأولى ضد مواطنى عدد من الدول الاسلامية وقانون جاستا بإعادة العلاقات وشراكات اقتصادية مهمة خلال المرحلة القادمة سواء مع السعودية أو الإمارات بتوقيع اتفاقات للتعاون الدفاعى مع الإمارات وعقود اقتصادية وتسليحية ضخمة مع دول المنطقة فى تعزيز للشراكة العربية الأمريكية حيث عقد فى الرياض منتدى سعودى أمريكى لرؤساء الشركات التنفيذيين تم فيه توقيع عدد من الصفقات فى مجالات الدفاع والكهرباء والنفط والغاز والصناعة والكيماويات وتم إصدار تراخيص جديدة لشركات أمريكية للعمل فى المملكة. ولم يخف ترامب أن أهداف تلك الزيارة هى فى المقام الأول من أجل المصالح الأمريكية، حيث غرد على تويتر قبل ركوبه الطائرة قائلاً «مستعد لرحلتى الخارجية الكبيرة، ستكون حماية بشكل كبير للمصالح الأمريكية وهذا ما أحب أن أفعله». ويحمل ترامب فى جعبته الكثير من الأهداف فى مقدمتها استعادة الدور الأمريكى فى الشرق الأوسط الذى غاب طوال رئاسة أوباما حيث جمع قادة العرب الاسلامى لحشد تأييد ودعم عربى لقتال الإرهاب متمثلا فى تنظيم داعش. غازل ترامب العرب من خلال إعلانه ضرورة احتواء ايران وتحجيم نفوذها فى المنطقة وهو ما تسعى إليه السعودية ودول الخليج بعد إثارة نظام الملالى القتل والفوضى فى كل من العراق وسوريا ولاسيما اليمن الذى يمثل ميدانًا لمعركة مكشوفة بين طهرانوالرياض ولذا كان اقتراح واشنطن بتشكيل ما أطلق عليه مسئولون بالبيت الأبيض ب«الناتو العربى» ضد التدخل الايرانى فى المنطقة. وهو أمر يتطلب عقد مزيد من صفقات بيع الأسلحة لدول الخليج وعلى رأسها السعودية، عبر أكبر صفقة حيث تقدرها الأرقام ب300 مليار دولار. من بينها صفقة أسلحة تقدر ب100 مليار دولار تحصل المملكة بمقتضاها على نظام ثاد المضاد للصواريخ الباليستية وطائرات هليكوبتر ودبابات وقنابل موجهة وسفن قتالية جديدة كان قد تم إخطار الكونجرس بها عام 2015 لشراء على الأقل أربع سفن من هذا النوع بقيمة 11,5 مليار دولار. الأمر الذى يعنى أن السعوديين سيتحملون المزيد من عبء شرطنة الخليج العربى والبحر الأحمر ضد العدوان الإيرانى، وجدير بالذكر أن تلك الصفقة لا تشمل طائرات مقاتلة مثل إف-35 المتطورة حتى لا تغضب إسرائيل. ومن الأهداف الأمريكية التى حملها ترامب خلال الزيارة الحصول على مساهمات مالية كبيرة جديدة من دول الخليج لما تعتبره الولاياتالمتحدة دفاعًا مكلفًا عن هذه الدول لمحاربة داعش، فدول مثل الكويت والبحرين وقطر والسعودية التى تستضيف بالفعل قواعد عسكرية أمريكية ودول عدة تعتقد أنها تساهم بما فيه الكفاية لكن آخرين مثل السعودية تجد نفسها فى ضائقة مالية نتيجة انكماش سعر النفط. واصطحب ترامب زوج ابنته إيفانكا ومستشاره جاريد كوشنير )36 عاما( لقيادة المفاوضات مع ولى ولى العهد محمد بن سلمان لإتمام صفقة الأسلحة التى تعتبر صفقة الأسلحة الكبيرة. واكد مسئولون بالإدارة الأمريكية أن كوشنير تدخل شخصيا فى خفض أسعار هذه الأسلحة عندما اتصل هاتفيا بالمدير التنفيذى لشركة لوكهيد مارتن التى تقوم بصنع الرادارات وطلب من المدير ماريلان هوسون تخفيض السعر ووعدته مديرة الشركة بالنظر فى الأمر. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن تدخل كوشنير شخصيًا فى مبيعات الأسلحة دليلا إضافيًا على استعداد البيت الأبيض ترامب لتغيير موقف أمريكا فى الشرق الأوسط وهو أمر غير تقليدى. حيث تعتبر لوكهيد مارتن المصنع الوحيد لنظام ثاد المضاد للصواريخ الباليستية. وكان كوشنير بدأ فى تكوين علاقات مع أعضاء العائلة المالكة السعودية أثناء الفترة الانتقالية عندما كان على مأدبة غداء جمعته ب«ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان» مارس الماضى بعد دعوة ترامب له وقدم عرضًا استراتيجيًا للعلاقات الأمريكية السعودية. اقتصاديًا تسعى واشنطن إلى قيام الرياض بالاستثمار فى البنية التحتية بالولاياتالمتحدة بقيمة 40 مليار دولار، حيث رافق ترامب الكثير من المديرين التنفيذيين من الشركات الكبرى مثل جنرال الكتريك وجيب مورجان ودو كيميكا لحضور قمة منفصلة من أجل مشاريع اقتصادية مشتركة تقدر بعشرات المليارات،حيث يشكل الاستثمار الأجنبى عنصرًا هامًا فى خطة التحول الاقتصادى لعام 2030 التى يقودها الأمير محمد بن سلمان لزيادة القاعدة الصناعية فى بلاده والقطاع الخاص غير المعتمد على الطاقة. وتهدف الزيارة إلى توقيع أكبر 10 صفقات عملاقة لشركات أمريكية مع شركة أرامكو السعودية لخدمات حقول النفط تستفيد منها شركات أمريكية مثل جنرال الكتريك وشلمبر جير وجاكوبس للهندسة وهاليرتون، وتعد شركة أرامكو أكبر مصدر للنفط الخام فى العالم وتعمل بالفعل مع العديد من الشركات الامريكية فى مجال استخراج الموارد وقد تصل القيمة السوقية لشركة أرامكو 10 تريليونات دولار مما يجعلها الشركة الأكثر قيمة فى العالم. وجدير بالذكر أن منظمة ترامب أنشأت ثمانى شركات تسمى «جدة» والتى تعرف بالعاصمة الصيفية للسعودية، وتتيح هذه الصفقة عقد صفقات فندقية مع شركات سعودية.