تحت شعار «عدو عدوى صديقى» استغلت قوات التحالف الدولى لمحاربة داعش القوة القتالية وحلم كردستان الكبرى للأكراد بوضعهم فى مقدمة الصفوف فى الحرب ضد داعش لا سيما فى سوريا واتضح لك بعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تزويد الأكراد بالأسلحة الثقيلة للقضاء على داعش وتشمل أسلحة متطورة ونظارات رؤية ليلية التى تستعملها القوات الخاصة الأمريكية وقذائف هاون وصواريخ حرارية ورشاشات ثقيلة بالإضافة إلى مدرعات ودبابات، وتسبب هذا الدعم فى إثارة حفيظة الجانب التركى بعد إعلان المتحدث باسم التحالف الدولى فى سوريا الكولونيل بالقوات الجوية الأمريكية «جون دوريان» أن واشنطن قد تبدأ «سريعًا جدًا» فى تسليم بعض الأسلحة والمعدات لمقاتلى وحدات حماية الشعب الكردية فى سوريا، لكنها ستقوم بذلك بشكل تدريجى وذلك استعدادًا لمعركة تحرير الرقة التى يعول فيها التحالف على الأكراد بريًا وخاصة مع استيلاء قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الطبقة بالكامل والاستعداد الحثيث لمعركة الرقة الفاصلة. وأعلن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان أنه يأمل أن تغير الولاياتالمتحدة قرارها بتسليح القوات الكردية وأنه يريد أن يصدق أن حلفاء تركيا سينحازون لأنقرة وليس للمنظمات الإرهابية على حد وصفه. واستنكر رئيس الوزراء التركى بن على يلدرم هذا القرار محذرًا من عواقبه الوخيمة على واشنطن وقال فى مؤتمر صحفى قبل سفره للندن إنه لا يتخيل كيف يمكن أن تختار الولاياتالمتحدة بين الشراكة الاستراتيجية مع تركيا وتنظيم إرهابى. وأعرب نائب رئيس الوزراء التركى نور الدين جانيكلى عن أمل بلاده فى أن تنهى أمريكا سياستها لدعم وحدات حماية الشعب الكردية فى سوريا، مضيفا أن أنقرة لا يمكن أن تقبل بالدعم الأمريكى لهذا الفصيل. وبالطبع تعنى المعارضة التركية لهذه الخطوة الأمريكية أن تركيا لن تشارك فى معركة تحرير الرقة لأن أنقرة سبق أن أعلنت أنها لن تشارك فى أى عمليات تكون الميليشيات الكردية طرفًا فيها وذلك استكمالًا للضوء الأحمر الذى أضاءته أمريكا وقوات التحالف لتركيا وأدى لوقف عملية درع الفرات بعد توغل تركى كبير فى الأراضى السورية وفى نفس الوقت إعطاء الضوء الأخضر للقوات الكردية بالتقدم. وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إن تركيا ستسأل الرئيس الأمريكى ترامب عن لقطات الفيديو والصور التى تظهر رايات لوحدات حماية الشعب الكردية مرفوعة على قافلة أمريكية فى شمال سوريا كما حذر سابقًا وحدات حماية الشعب الكردى من البقاء فى منبج وإلا ستتعرض للقصف التركى مما حدا بالجانب الأمريكى بنشر قوات لمنع التصادم بين الطرفين فى المدينة. ولكن صحيفة «نيويورك تايمز» أكدت فى تعليق لها على القرار الأمريكى بتسليح الأكراد أن ما خسره الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مع القرار الأمريكى قد يحصده بالحصول على ضوء أخضر للهجوم على حزب العمال الكردستانى فى العراق لاسيما أن تركياوالولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا يعتبرون الحزب منظمة إرهابية ومع تأكيد المسئولين الأمريكيين أن الولاياتالمتحدة لن تفعل شيئا يضر بأمن تركيا القومى إذا المطلوب إزاحة تركيا من معركة الرقة لتهيئة الأمور على الأرض لتدشين الدولة الكردية وتنشغل تركيا بحزب العمال الكردستانى على حدودها الجنوبية وفى العراق أيضًا. قال صالح مسلم الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديمقراطى الذراع السياسى لوحدات حماية الشعب، إن القرار الأمريكى متوقع، وأضاف أن حملة الرقة تجرى بالتوازى مع الحملة الدولية على الإرهاب وأنه من الطبيعى أن تقدم الولاياتالمتحدة أسلحة لقوات سوريا الديمقراطية والجماعات المسلحة التى تقاتل فى إطارها.. وتهون الولاياتالمتحدة من شأن الاتهامات التركية بوجود صلة بين وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستانى، فيما تعتقد أنقرة أن التقدم الذى تحرزه الوحدات سيغذى المشاعر المناهضة للأكراد فى المناطق ذات الأغلبية العربية فى سوريا مثل الرقة ويهدد سلامة الأراضى السورية. يذكر أن توترًا زاد فى الفترة الأخيرة بين تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية بعد أن شنت طائرات حربية تركية غارات جوية على مقاتلى وحدات حماية الشعب الكردية فى سوريا ومنطقة سنجار العراقية أواخر الشهر الماضى مما أسفر عن مقتل 30 من المقاتلين وفقًا لأحد التقديرات. وسبق أن خيرت تركياالولاياتالمتحدة بين علاقتها مع تركيا أو العلاقة مع من أسمتهم إرهابيى كوبانى فى إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، الذى تقول عنه انقرة، إنه يتلقى أوامره من حزب العمال الكردستانى الذى يقاتل من أجل حصول الأكراد على حكم ذاتى جنوب شرق تركيا، وذلك فى أواخر ولاية الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما. وقامت الولاياتالمتحدة بدعم الأكراد جويًا فى الاستيلاء على منطقة تل أبيض وطاردت الطائرات الأمريكية سكان المنطقة من العرب والتركمان لإجبارهم على الفرار إلى تركيا الأمر الذى وتر العلاقات الأمريكية التركية وتظل القضية الكردية عامل النزاع الأساسى بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوتركيا وحتى الروس لم يخفوا تحالفهم مع الأكراد كذراع برية ناجعة للتحالف للقضاء على داعش وأيضًا مواجهة الجيش السورى الحر وفصائل المعارضة التى تنخرط فى صراع مع قوات التحالف والنظام بعيدًا عن داعش. وقد وصل الهاجس الكردى أن دفع تركيا لبدء عملية عسكرية فى سوريا فى 24 اغسطس العام الماضى وأسمتها درع الفرات لتحرير جرابلس والمناطق الحدودية الجنوبية مع سوريا من داعش ومنع قيام كيان كردى وفى العراق أعلنت عزمها شن عملية عسكرية باسم درع دجلة بعد إعلان الأكراد فى رفع العلم الكردى فى كركوك وبدء قوات البيشمركة والأسايش الكرديتين بإجبار الأهالى العرب على مغادرة المدينة لإحداث تغيير ديمجرافى بها. وعلى الصعيد الروسى فيقيم الأكراد علاقات قوية مع الجانب الروسى وظهر ذلك فى حرص روسيا على تمثيل الأكراد فى مفاوضات جنيف رغم المعارضة التركية كما تم فتح مكاتب تمثيلية للأكراد فى موسكو كبداية لإنشاء مكاتب مماثلة فى دول أوربية أخرى وكذلك فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأعلنت وحدات حماية الشعب الكردى فى أواخر مارس الماضى على لسان المتحدث الرسمى باسم الوحدات ريدور خليل أنها ستتلقى تدريبات عسكرية من القوات الروسية فى شمال سوريا، بناء على اتفاق ثنائى تم التوصل إليه فى إطار التعاون ضد الإرهاب كما أكد أن وحدات حماية الشعب الكردية السورية تستهدف زيادة قواتها بواقع الثلثين إلى أكثر من 100 ألف مقاتل هذا العام فى خطة ستعزز الجيوب الكردية ذات الحكم الذاتى والتى تثير قلق تركيا بشدة. وأضاف أن الوحدات كانت بحلول نهاية 2016 تضم 60 ألف مقاتل بما فى ذلك وحدات حماية المرأة، موضحا أن الوحدات شكلت بالفعل 10 كتائب جديدة منذ بداية هذا العام كل كتيبة مؤلفة من نحو 300 مقاتل. وتعول قيادة التحالف الدولى الكبرى على الأكراد بشكل أساسى فى الحرب على تنظيم داعش من جهة وفى مواجهة فصائل المعارضة السورية المسلحة لذلك كان دعم الأكراد الوسيلة الأنجع فى الحرب ضد مختلف القوى المعادية للتحالف وتوفر على القوى الكبرى عبء الحرب البرية المرهقة وتقلل خسائرها بشكل كبير استغلال للحلم الكردى فى الاستقلال. ولعل تصريحات الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى 2013 أبرز دليل على هذا الطرح حيث نفى تمامًا فكرة التدخل البرى الأمريكى فى سوريا فقط ما تم إرساله 50 جنديًا فى مطلع نوفمبر 2015 لدعم قوات الكردية فى مواجهة داعش فى الشمال السورى إذ تعتبر الولاياتالمتحدة وحدات حماية الشعب الكردية الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، صديقها المُفضل على الأراضى السورية لما حققته هذه القوات من تحرير عشرات المدن السورية من قبضة داعش لاسيما فى عين العرب كوبانى. وأتت زيارة ممثل الرئيس الأمريكى بريت ماجريك لعدة مناطق كردية فى 29 يناير العام الماضى سرًا كدلالة مهمة على عمق التنسيق الأمريكى الكردى فى سوريا وذلك تزامنًا مع محادثات جنيف. إلا أن الكثير من الشواهد تؤكد الدعم الأمريكى للأكراد منذ فترة وليس الآن ففى مارس الماضى تم تداول صور لأفراد كوماندوز تابعين لوحات حماية الشعب الكردية يرتدون ملابس وأسلحة وعتادًا أمريكيًا وتشمل خوذات قتالية متقدمة، وزى تمويه رقميًا، وملابس مخصصة للطقس البارد، وأحزمة محمولة على الصدر لحمل الذخائر، ودروع واقية للجسم، وعدة إسعافات أولية، إضافة إلى بنادق أم-4 ذات التعديلات المختلفة التى تشمل أشعة الليزر تحت الحمراء التى تستخدم للاستهداف أثناء الغارات الليلية، وهذه المعدات مجتمعةً تجعل فريق وحدات حماية الشعب أكثر قوة وتوفر لهم حماية أكبر. ونقلت وكالة «رويترز» الإخبارية الشهيرة عن مصادر كردية أن الجانب الأمريكى يبنى قاعدتين جويتين فى شمالى سوريا، حيث مناطق السيطرة الكُردية إلا أن الجانب الأمريكى نفى هذه الأنباء. وفى تقرير مهم نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية تحت عنوان «الأكراد يعولون على الدعم الأمريكى لشق طريقهم إلى مياه البحر المتوسط « كشفت فيه عن نية الأكراد لتغيير شكل منطقة شمال سوريا عبر السيطرة على ممر من الأراضى للربط بين مناطقهم فى روجافا وساحل البحر المتوسط بعد السيطرة على الرقة والتقدم عبر الأراضى التى يقطنها أغلبية عربية باتجاه ساحل البحر المتوسط بدعم أمريكى رغما عن تركيا. يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية الكردية قد أعلنت فى مطلع نوفمبر الماضى انطلاق عملية «غضب الفرات» لتحرير مدينة الرقة من داعش، وحشدت لذلك ثلاثين ألف مقاتل من وحدات حماية الشعب الكردى، ولواء شهداء الرقة، وصقور الرقة، وكتيبة شهداء حمام التركمان، ولواء أحرار الرقة، ولواء ثوار تل أبيض، والمجلس العسكرى السريانى، بينما تم استبعاد لواء ثوار الرقة الرافض للسيطرة الكردية على قوات سوريا الديمقراطية. كما أن الرقة تعتبر مركز الثقل الرئيسى لتنظيم داعش فى سوريا ويتوقع أن تكون المعارك لتحريرها حامية الوطيس لأنها تتشابه مع الموصل فى أهميتها للتنظيم.