مازال أهل ماسبير ينظرون إلى الثقافة على انها )هم ثقيل( أو فى أحسن الظروف يرون أنها من الكماليات التى لا يطلبها الجمهور، فبدأت برامجنا الثقافية تتقلص وتؤجل إلى ساعات متأخرة من الليل، وإذا واجهت صناع الخريطة.. يقولون بهدوء.. إن البرامج الثقافية موجودة من خلال «قناة النيل الثقافية» وعلى من يريد مشاهدة الثقافة أن يتوجه إليها.. ويضيفون قائلين القنوات الأخرى هدفها )الترويح( عن المواطن )الغلبان( وكأن الثقافة (هم) أو (بلاء). ويستمر صناع الخريطة فى تهميش الثقافة يومًا بعد يوم لصالح المنوعات التافهة التى يقلدون فيها الفضائيات التجارية فيتحول جهاز التلفزيون الرسمى من جهاز يهدف إلى صناعة العقل وصيانة الوجدان، فى ظل حصار رأس الإنسان المصرى بطنين قنوات الخرافة والتكفير والكذب إلى )وباء( يدمر العقل والوجدان معًا، بل ويسهم فى تفريغ وعى المواطن وتحويله إلى كائن استهلاكى تافه لا يفكر ولا يناقش ولا يعرف شيئًا عن تاريخه أو وطنه أو رموزه حتى برامج الأطفال التى من المفروض أنها تقدم للجيل الجديد المعلومات الصحيحة عن الوطن تحولت إلى برامج منوعات أو لعب وهلس وركاكة، وكأنهم يريدون تسطيح عقل الانسان من المهد إلى اللحد أو كأنها خطة محكمة لمحاربة الثقافة والحقيقة ان الأمر ليس مؤامرة على الاطلاق إنما هو الجهل والركاكة التى يتمتع بها عباقرة ماسبيرو ذوو العقلية المسطحة أساسًا والتى كما اسلفنا ترى ان القضايا الثقافية قضايا مكلكعة وبلاء وهم مقيم المسألة خطيرة، خصوصًا ان تقارير مهمة صدرت عن جهات تدريبية عديدة تؤكد انخفاض مستوى الثقافة العامة والمعلومات الثقافية لدى قطاعات مهمة كبعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمتدربين فى معاهد السلك الدبلوماسى والملحقين الثقافيين، وتؤكد هذه التقارير ان المتقدمين لشغل هذه الوظائف لا يعرفون بدرجة تصل إلى أقل درجة المتوسط المعلومات الثقافية المتعلقة بأعلام الوطن الثقافيين لدرجة أن كثيرًا من المتقدمين لم يعرفوا أسماء بحجم أحمد أمين وأمين الخولى ويوسف إدريس وصلاح عبدالصبور وزكى نجيب محمود، ومحمد فريد أبوحديد، بل من طرائف الإجابات ان قال أحدهم إن يوسف إدريس كان صحفيًا معارضًا، وأن زكى نجيب محمود كان عميد كلية الطب!! صحيح أن المدرسة لا تقوم بدورها وتحتاج إلى تطوير جذرى فى تدريس وسائل المعرفة الثقافية لكن المحزن ان صناع البرامج الثقافية نفسها فى وسائل الاعلام قد يجهلون نفس المعلومات بل انهم غالبا ما يقدمون معلومات خاطئة عن كثير من أعلامنا والذى أكد اننا نرجع إلى الوراء بخطى عنيدة ويكشف ركاكة الحاضر بطريقة محزنة ما يذيعه ماسبيرو زمان من لقاءات ثقافية اديرت فى التليفزيون المصرى زمن الأبيض والأسود مع عمالقة الفكر تؤكد ان مذيعى ذلك الزمان كان يتم اعدادهم بشكل جيد ومهنى ليقدموا مثل هذه البرامج التى لم يكن التلفزيون ينظر إليها على انها برامج «هم وبلاء» مثلما ينظر إليها الآن.