حجر فى الماء الراكد ، هذا ما فعلته احتفالية اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين لتكريم أكبر أعضاء النقابة واتحاد كتاب مصر سنا الكاتب والمترجم «وديع فلسطين»، وذلك بمناسبة صدور كتاب «وديع فلسطين ..حارس بوابة الكبار الأخير» للكاتبة ولاء عبد الله ابوستيت التى اعتبرت أنها صاحبة مشروع فكرى بالبحث عن الشخصيات المماثلة والكتابة عنها. حضور «فلسطين» رغم حالته الصحية وضعف بصره كان مؤثرا يؤكد ما يمكن أن يؤول إليه حال الكبار فى بلد لا تقدر كنوزها البشرية وخاصة بعد أن اكد خلال الاحتفالية أنه استجاب إلى طلب لبنان فى الحصول على مكتبته بدلا من أن تؤول إلى سور الأزبكية مؤكدا أنها تضع عليها اسمه بكل ما فيها من كنوز أدبية ومخطوطات ومجلدات لرسائل علمية وكتب موقعة من كبار أدباء مصر الذين عاصرهم هذا الرجل القبطى الصعيدى حفيد الفراعنة الذى طاردته لفترة غير قصيرة محنة اسمه الذى تسبب فى توهم البعض أنه غير مصرى وهو ما أدى إلى استجوابه اكثر من مرة من جهات أمنية، لم تكن ندوة تكريم بقدر ما كانت فرصة لتصويب بعض أخطاء التاريخ، ومن ذلك ماقاله الرجل عن جريدة «المقطم» التى عمل بها، واتهمت بأنها لسان الاحتلال، مؤكدا انها انتهت صحيفة وطنية مائة بالمائة، ليفتح الرجل أبواب التساؤلات حول المنسى أو المغلوط من تاريخ الصحافة المصرية، ويكون وجوده فى حد ذاته وثيقة دامغة على أن ذاكرة الصحافة المصرية بحاجة إلى هؤلاء الباقين على قيد الحياة ليس فقط لتكريمهم وإنما لأنهم تلك الذاكرة الحية التى ستفك لنا الكثير من الطلاسم، فإذا كانت وزارة الثقافة المصرية أو اتحاد كتاب مصر لم يقوما بطبع كتبه او ترجماته، على الرغم من طبعها فى الخارج فى طبعات فاخرة، فلا شك أنه علينا أن ندعوهما إلى ذلك، فكيف يمكن أن نهمل كاتبا ومترجما عاصر شخصيات كعميد الأدب العربى طه حسين والعملاق عباس محمود العقاد ، وابراهيم شكرى، واديب نوبل نجيب محفوظ وشاعر الأطلال المظلوم إبراهي ناجى وشعراء وكتاب المهاجر، وكان عضوا فى مجامع اللغة العربية فى أكثر من بلد عربى على الرغم من أنه لم ينل عضوية نظيرها المصرى، كاتب قدم أكثر من اربعين كتاب للمكتبة العربية كما قدم ترجمات لبعض الأعمال الإبداعية والفكرية، وشارك فى عدد من الموسوعات. لقد قدم وديع فلسطين فى يوم الاحتفال به نموذجا إنسانيا فريدا..لم يعد يحتفظ بكثير من كتبه.. لم يعد يريد من الدنيا شيئًا.. لكننى أثق أننا والأجيال القادمة نريد منه الكثير.