بعد هتاف مئات الآلاف من أبناء الجنوب الخميس الماضى فى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن مطالبين بدولة جنوبية يترأسها محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدى، دخل اليمن مرحلة التقسيم الفعلى وأصبح فصل الجنوب عن الشمال واقعا ينتظر إقراره دوليا،حيث أعلن أبناء الجنوب رفضهم قرارات الرئيس هادى منصور التى أعلن بموجبها إقالة محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدى وتعيين عبد العزيز المفلحى بدلاً منه وإقالة الوزير السلفى هانى البريك وإحالته للتحقيق بتهمة العمل ضد الرئيس، وكلا الرجلين من أنصار الدولة الجنوبية وقياديان فى الحراك الجنوبى الذى يعتبر انه يناضل من أجل إعادة الجنوب إلى ما قبل إعلان الوحدة مع الشمال بداية التسعينيات. وأظهر الحشد الذى وصفته قنوات الحراك بأنه مليونى إصرارًا على الانفصال، كما أبرز تلقيه دعمًا علنيًا من دول شريكة فى التحالف العربى، وتم تقديم الزبيدى باعتباره قائدًا ورمزًا يُجْمِعُ عليه أبناء الجنوب لتحقيق طموحاتهم فى دولة مستقلة. وكشف البيان إعلان عدن التاريخى الصادر عن الحشد الجماهيرى عن ترتيب وإعداد مسبق لخطوات الانفصال، حيث جاءت صياغته محكمة فى تحديد أهداف الجنوب ولم تأت هذه الحشود كرد فعل على قرارات الإقالة وإنما لإعلان تاريخى لأبناء الجنوب. وقال البيان: إن الحشد المليونى يؤكد أن الجنوب كوطن وهوية فى حاضره ومستقبله لكل أبنائه، وأن جنوب ما بعد 4 مايو 2017 ليس كجنوب ما قبل هذا التاريخ على قاعدة التوافق والشراكة الوطنية الجنوبية. وفوض البيان الزُبيدى بإعلان قيادة سياسية وطنية برئاسته، على أن تتولى هذه القيادة تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق أهدافه وتطلعاته، ويخول الزبيدى بكامل الصلاحيات لاتخاذ ما يلزم من الإجراءات لتنفيذ بنود هذا الإعلان. وفيما وُصِفَ بأنه تدشين لسلطة الدولة الجديدة بالجنوب فى مواجهة شرعية هادى منصور، كشفت قوات الدعم والإسناد المعروفة بقوات الحزام الأمنى عن توجه لحل جميع الأحزاب السياسية فى الجنوب خلال الفترة المقبلة. وأشار المركز الإعلامى التابع لقوات الحزام الأمنى إلى أن الأيام المقبلة حُبْلَى بالمفاجآت، داعيًا الجنوبيين إلى الالتحاق بالركب، مؤكدًا أن هذه الفرصة تاريخية للجنوبيين لإعلان دولتهم بعيدًا عن المصالح الضيقة. وقوات الحزام الأمنى هى تشكيلات عسكرية وأمنية تعد الأكثر كفاءة فى الجنوب، تم إنشاؤها تحت قيادة عيدروس الزبيدى، وتضم فصائل موالية للحراك الجنوبى الموالى للانفصال، وقد تم دعمها عسكريًا وماليًا فضلاً عن تلقيها تدريبات عالية على يد القوات الإماراتية، ودخلت هذه القوات فى عدة صدامات مسلحة مع القوات الخاصة التى يترأسها نجل الرئيس هادى منصور. ولا يبدو ان تقسيم اليمن سوف يتوقف عند شمال وجنوب فقط ولكن الحوادث تشير إلى تقسيم البلاد إلى أربع دول، خاصة أن شهر ابريل الماضى قد شهد أيضًا مؤتمرًا لأبناء حضرموت أعلنوا فيه ما يسمى بالحضرمية المستقلة التى لاتنتمى للشمال أو الجنوب، مما يشير إلى تحرك حضرمى لإعلان دولة مستقلة فى محافظة حضرموت الغنية بالنفط والتى كانت تحتسب من محافظاتالجنوب ولكن المؤتمر الأخير إخرجها منه. وفى الشمال الذى يسيطر عليه تحالف المخلوع على عبدلله صالح وعبدالملك الحوثى تصاعدت الخلافات بين الحلفين وبدأ تقسيم مناطق النفوذ كأمر واقع حيث تبادل الطرفان الاتهامات العلنية بالفساد ومحاولات الهيمنة. وكان ولى ولى العهد السعودى محمد بن سلمان قد أشار إلى عمق الخلافات بين البلدين وأكد ان على عبدالله صالح سوف يتخذ موقفًا مناهضًا للحوثى إذا ما قُدِّرَ له الخروج من تحت قبضة الحوثيين وتحاول المملكة العربية السعودية إنقاذ التحالف الذى تقوده من الانهيار فى اليمن، خاصة أن عاصفة الحزم قامت وانطلقت بطلب من الرئيس عبدربه هادى منصور، الذى يشكل انفصال الجنوب إنهاء الشرعيته وانتصارًا لإيران ورجالها فى اليمن. وكان العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، قد أظهر دعمًا مباشرًا للرئيس اليمنى وقراراته من خلال استقباله هادى فى قصر السلام بجدة الأسبوع الماضى، وشدد على ان أمن اليمن واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المملكة. ولا يوجد خيار آخر أمام الرئيس اليمنى سوى تنفيذ قراراته بالقوة إذا ما استمر التمرد من دعاة الانفصال حيث وضعت شرعيته وشرعية عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل على المحك. ويتخوف المراقبون من اندلاع حرب طاحنة بين القوات الجنوبية التى يقودها الزبيدى وقوات الشرعية التى يقودها الرئيس هادى منصور، مما يدخل البلاد فى دوامة من الحروب الأهلية التى لا تهدد وحدة اليمن وبقاءه فقط ولكنها تهدد كل الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية.