في كتابه 'الحجاب'، قال الصحفي الأمريكي الشهير 'بوب وود ورد' إن الرئيس الراحل أنور السادات جعل من مصر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة، وأنها في المقابل زودته بمعدات إلكترونية متطورة وإمكانات بشرية لكشف محاولات الانقلاب، كما قامت بتركيب أجهزة التنصت في العديد من الأماكن والمواقع الحساسة، وأن 'السادات' كان يعامل رجال المخابرات الأمريكية 'C.I.A' كما لو أنهم رجاله.. وعندما فشلت ال'C.I.A' في التنبؤ باغتياله، تم 'آنذاك' الاتفاق مع الرئيس الجديد 'حسني مبارك' علي توظيف المزيد من المصادر البشرية والإلكترونية في كل المواقع والمؤسسات الحكومية 'وغير الحكومية' لحمايته من أي محاولة اغتيال.. فتم إنشاء محطة للمخابرات الأمريكية في مصر، وافتتاح مكتب للمباحث الفيدرالية 'F.B.I' في مقر السفارة بالقاهرة، مع نشر العديد من العملاء، وسط تسهيلات 'أمنية ومعلوماتية....' غير مسبوقة من النظام السابق.. وهي العناصر التي نشطت بالأساس لحماية المصالح الأمريكية، ودعم من يحافظون عليها من رجال الحكم.. لكن، ما لم يتطرق إليه 'بوب وود ورد' هو مسئولية هذه العناصر عن زعزعة أمننا القومي، ومدي الدور الذي تلعبه 'حاليا' في الدفع بالبلاد نحو الفوضي........! .. قبل شهور، تحدثت دوائر دبلوماسية واستخباراتية، إنجليزية- فرنسية عن دور لعبه حبيب العادلي 'وزير الداخلية الأسبق' في حادث كنيسة القديسين 'وحوادث أخري'.. قالت أجهزة الاستخبارات الغربية إن 'العادلي' شكّل قبل سنوات جهازاً خاصاً يديره 22 ضابطاً، يتكون من 'متشددين قضوا سنوات في سجون الداخلية.. تجار مخدرات.. عناصر تابعة لشركات أمنية.. أصحاب سوابق.. ومسجلين خطر'، وإن هذا الجهاز 'الدموي' قادر علي القيام بعمليات تخريب شاملة في جميع أنحاء مصر.......! .. بعدها بفترة وجيزة، اعترفت حكومة الدكتور عصام شرف ب'مخطط الثورة المضادة'.. وقالت إن عناصر موالية للنظام السابق متهمة بتدبير أعمال العنف الطائفي 'كنيسة أطفيح.. أحداث إمبابة.....'.. وأكدت أن هذه العناصر بدأت خطة التحرك الإجرامية لتخريب الثورة وإجهاضها بالتزامن مع انعقاد أول اجتماع لحكومة الثورة، وقبل ساعات من قرار المحكمة تأييد التحفظ علي أموال 'مبارك' وأسرته.. عندها، حذرت الحكومة من حدوث انفلات أمني وانتشار أعمال البلطجة والترويع، بل المساس بالوحدة الوطنية.. ثم سارعت الحكومة بوضع مشروع لتعديل قانون العقوبات، يتضمن تغليظ العقوبات في جرائم البلطجة والترويع والتخويف تصل حد الإعدام، لكن خرجت مظاهرات منددة بهذه الإجراءات، والترويج بأنها سوف تستخدم ضد السياسيين ومن يصفون أنفسهم ب'النشطاء'........! داخل السياق هل يمكن أن يتحوّل من يصفون أنفسهم ب'النشطاء الحقوقيين' إلي ذراع طويلة لمخططات ممولين، يدفعون مليارات الدولارات لتفعيل مخططات مشبوهة، ترفع شعارات براقة؟!.. هل يمكن ألا تشغلهم فتنة المجتمع؟.. هل يكونون في مأمن، في ظل العائدات المالية الضخمة التي يحصلون عليها، والحماية 'الدولية' التي توفر لهم طوق نجاة في أي لحظة، ولتذهب مصر إلي...........؟! هل يمكن أن يتحوّل رواد مقاهي 'وعاطلون سابقون' إلي نشطاء سياسيين يخططون، ويفكرون، ويتحدثون باسم الثورة والمجتمع؟.. كيف نأمل في مستقبل يخطط له هؤلاء، الذين لم يكن لديهم 'يوما' القدرة علي إنقاذ أنفسهم، فكيف سيسهمون في رفاهية 79 مليون مصري؟.. هؤلاء الذين غيروا 'ديموغرافية' ميدان التحرير يستحقون منا أن نكشفهم رحمة بنا...... ورحمة بمصر! ثم.. ما معني أن يتخلي رجل الدين عن رسالته العقائدية.. عن تسامحه.. وتصالحه النفسي.. عن سموه الروحي؟.. ما معني أن يتخلي عن كونه القدوة في الورع والتقوي والصلاح والزهد والأمانة وقول الحق، ليتحوّل إلي مشروع 'بلطجي'، لا ينقصه سوي أن يخرج من فمه شفرة حادة، لا ليصيب بها فردا أو مجموعة من البشر، بل ليصيب بها وطنا بأكمله؟! ما معني أن يهدد محام يدعي نجيب جبرائيل، المجلس العسكري والحكومة باللجوء إلي مجلس الأمن وحشد أضخم مظاهرة احتجاجية في تاريخ الأقباط والكنيسة في حالة رفضهم تلبية مطالب الأقباط؟.. ما معني أن يقول بيان صادر عن منظمة حقوقية يترأسها: لابد من فتح الكنائس المغلقة قبل صدور قانون دور العبادة الموحد، والإفراج الفوري عن 28 قبطيا مقبوض عليهم في أحداث ماسبيرو، وإقالة ومحاكمة وزير الإعلام ومحافظ أسوان ورئيس قطاع الأخبار، وإقرار 'كوتة' للأقباط في البرلمان؟.. من أين جئت يا أخي بكل هذا التجبّر.............؟!!! ما معني أن يوظف صحفيون أنفسهم لخدمة مخططات، يعلمون هم 'قبل الجميع' أنها مخططات تسهم في تدمير الوطن؟.. صحيح أن المستفيدين يدفعون جيدا للمتعاونين 'المرتزقة'.. وبالفعل، تمددت ظاهرة من يؤجرون أقلامهم ويبيعون مجهودهم للممولين.. لكن السؤال: كيف سيستمتع هؤلاء المرتزقة بثرواتهم في ظل حرب أهلية يروجون لها بكتاباتهم؟! ما معني أن يستبيح البعض صفة 'صحفي' في إطلالاتهم المشبوهة علي فضائيات عربية ودولية، دون أن يكون لهم أي علاقة بالمهنة؟.. هذه الصفة غالية.. حصلنا عليها بالعرق والسنين وتراكم الخبرة، حتي صارت مكونا عضويا في حياتنا.. لماذا تتهاون نقابة الصحفيين مع هؤلاء 'المدعين' الذين يتجرءون علي هيبتها وسمعتها، خاصة أن عددا كبيرا من هؤلاء 'الصحفييييييييييييين' يخدمون أهدافا بعينها. ويبقي......... إذا استطعنا أن نفّرق بين المتظاهرين الحقيقيين 'الذين دافعوا عن كرامة هذا البلد وحلمه في مستقبل أفضل'، والائتلافات والأحزاب المستأجرة، التي تتسيد المشهدين السياسي والإعلامي حاليا.. عندها 'فقط' سوف نكشف جزءا من ملامح المؤامرة، التي نجني ثمنها في هذه اللحظة التاريخية.. عندها سوف نعرف لماذا تحّول ميدان التحرير إلي 'سبة'، ساهمت النخبة ومن يوصفون ب'العقلاء' في ترسيخها بدلا من أن يملأوا الفراغ... وينقذوا أم الدنيا.