لحظات من الذهول تنتاب الزائرين منذ أن تطأ أقدامهم بوابة مجسم سور الحارة القديمة بمدينة جدة، يتمعنون بمكوناتها وأدواتها القديمة، التي تضم في زواياها الفوال بجرته العتيقة وبائع اللبن الذي لا يمل من الدوران في شوارعها، والمكوجي ومزين الحارة بشفرته التقليدية وسقاء الماء الذي يتجول في شوارعها ليروي ظمأ المارة. فتحولت منطقة جدة التاريخية إلى متحف مفتوح يعود بالزائر إلى أكثر من نصف قرن، وذلك من خلال فعاليات مهرجان جدة التاريخية، الذي أصبح أحد أبرز المناسبات في جدول أهالي جدة، والزائرين لهذه المدينة منذ بدايته في عام 2014م، وذلك لما له من قيمة تاريخية كبيرة، تتجسد من خلال 10 أيام من كل عام حيث يقوم المهرجان على استحضار الماضي على المستوى الإنساني والمكاني والتراثي، ويعرض على زواره حقباً تاريخية مرت بها جدة عروس البحر الأحمر مُنذ أكثر من نصف قرن. وهذا العام وتحت عنوان "فجر جديد"، افتتح الأمير مِشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة رئيس اللجنة العليا لمهرجان جدة التاريخية، وبحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وعدد مِن المهتمين وأهالي مدينة جدة فعاليات النسخة الثالثة مِن المهرجان. يهدف المهرجان إلى تعزيز مكانة المملكة كمصدر للثقافة والأدب والتاريخ العربي والإسلامي، والإسهام في ربط الماضي العريق بالحاضر وتسليط الضوء على منطقة جدة التاريخية، وتعريف الزوار بها وبما تحتويه من معالم وإرث تاريخي كبير بهدف المحافظة عليها وإعادة إحياء عادات وتقاليد أهلها، إضافة إلى جعلها مزاراً لأهالي وزوار عروس البحر الأحمر. كما ساهم مهرجان جدة التاريخية بشكل كبير في تعزيز ملف انضمام جدة التاريخية لمنظمة "اليونسكو" وتسجيلها كموقع تراث عالمي يجدر الاهتمام به والمحافظة على تاريخه. عُرِفَ المهرجان خلال دوراته السابقة بكثرة زيارة كبار المسؤولين له، كونه يعتبر من الأعمال الوطنية الرائدة في المنطقة، وقد توج المهرجان في دورته الأولى بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله-، كما أن المهرجان يعتبر الأول على مستوى المملكة من حيث كثافة عدد الزوار والمرتادين حيث بلغوا حتى نهاية النسخة الثانية 3 مليون و800 ألف زائر.