حقق حزب العدالة والتنمية التركي فوزا كبيرا لم يتوقعه أحد بعد أن استعاد الأغلبية التي خسرها في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من يونيو، مما يمكنه من تشكيل الحكومة منفردا دون الحاجة للدخول في ائتلافات مع أي أحزاب أخري بعد أن حصل علي 49.4%، علي الرغم من أن أغلب استطلاعات الرأي، ومنها شركات موالية للحزب الحاكم، أكدت أنه لن يتمكن من اجتياز نسبة 44%. وهناك عدة أمور يجب الإشارة إليها عند تفسير هذا النجاح غير المتوقع للحزب الذي يقبع في السلطة منفردا منذ عام 2002، حيث يبرز السؤال الأهم 'ماذا تغير خلال خمسة أشهر وجعل حزب العدالة والتنمية يفوز بالأغلبية البرلمانية؟ ربما استفاد الحزب والقصر الرئاسي من عدة أخطاء ارتكبها في انتخابات السابع من يونيو، وأبرزها دخول رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بثقله بشكل علني وواضح لدعم حزب العدالة والتنمية، فتجنب القصر هذه المرة الدخول في حملة الدعاية للحزب الحاكم، إضافة إلي ابتعاد الحزب تماما هذه المرة عن التطرق لخططه لتحويل نظام البلاد من البرلماني إلي الرئاسي، حيث لم يتلفظ بهذا التوجه طوال حملته الدعائية للانتخابات المبكرة. الجميع كان يساورهم الاعتقاد بأن عملية السلام الداخلي للتوصل لتسوية للقضية الكردية ستؤدي حتما إلي تجزئة البلاد، ولكن بعد الإعلان عن وضع محادثات السلام علي الرف، انتقلت أصوات من حزب الحركة القومية اليميني المتشدد إلي حزب العدالة والتنمية، وهو ما يفسر الهبوط الكبير في أصوات حزب الحركة القومية من 16.29% في انتخابات السابع من يونيو إلي 11.9% في الانتخابات الأخيرة. وإضافة إلي ذلك، انتقلت أصوات 1.8% من الناخبين إلي حزبي السعادة والوحدة الكبري الإسلاميين المحافظين إلي حزب العدالة والتنمية، بعكس انتخابات السابع من يونيو. وكان حزب العدالة والتنمية قد حصل علي المركز الأول في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من يونيو الماضي بنسبة 40.87%، أي ب 258 مقعدا من أصل 550 هي إجمالي مقاعد البرلمان، لكنه لم يحقق الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة منفردا، فيما تخطي حزب الشعوب الديمقراطية الكردي لأول مرة الحاجز الانتخابي 10% بحصوله علي 13.12% من الأصوات، فيما جاء حزب الشعب الجمهوري في المركز الثاني بنسبة 24.95%، وحزب الحركة القومية علي 16.29%، كما حصلت الأحزاب الأخري والمرشحون المستقلون علي 4.77%. يشار إلي النتائج الأولية بعد فرز صناديق الاقتراع في عموم المدن التركية قد أظهرت فوز حزب العدالة والتنمية بنسبة 49.2% 'أي 316 مقعدا'، ثم حزب الشعب الجمهوري بنسبة 25.3% 'أي 134 مقعدا'، وحزب الحركة القومية بنسبة 11.9% 'أي 41 مقعدا'، وحزب الشعوب الديمقراطية الكردي بنسبة 10.4% 'أي 59 مقعدا' في الانتخابات المبكرة التي شهدت إقبالا كبيرا بنسبة 86.21%، وهو رقم غير مسبوق في الاستحقاقات الانتخابية في تاريخ الجمهورية التركية. ويشير مراقبون إلي أن الحزب التركي الحاكم ربما تخلي بعض الشئ عن الورقة الدينية المعتادة، ولجأ إلي الورقة القومية هذه المرة، حيث بدأت حكومة العدالة والتنمية في أعقاب انتخابات السابع من يونيو الماضي وفشل الحزب الحاكم في الحصول علي الأغلبية البرلمانية في شن حرب علي معسكرات منظمة حزب العمال الكردستاني داخل البلاد وخارجها، وهو ما أثلج صدر القوميين ودفعهم للتصويت لصالح العدالة والتنمية الذي كان يشدد مؤخرا علي أهمية الاستقرار والحفاظ علي أمن البلاد، علاوة علي أن الناخبين الأتراك اعتقدوا أن حكومة ائتلافية قد تسهم في خلق أزمة اقتصادية