أحمد بدرخان رائد من رواد السينما المصرية من خلال مشواره الفني تمكن من تأسيس السينما المصرية علي أسس منهجية سليمة، تخصص أكثر في إخراج الفيلم الغنائي بل أصبح رائداً من رواده إذ قدم أفلاماً لأهم عمالقة الغناء في مصر أمثال أم كلثوم وفريد الأطرش وأسمهان ونجاة الصغيرة ومحمد فوزي ومحمد عبد المطلب وغيرهم. قدم بدرخان للسينما موضوعات متعددة وبعيدة عن الطابع الغنائي، عاطفية واجتماعية وسياسية، إلاّ ان جميعها تندرج ضمن أسلوب سينمائي واحد تميز به بدرخان وهو الأسلوب الرومانسي. ولد أحمد بدرخان في 18 أكتوبر من العام 1909م وحصل علي الشهادتين الابتدائية والثانوية من مدرسة الفرير وبدأ تعلقه بالسينما وهو في الثانية عشرة حيث كان يتردد كثيراً علي دار سينما 'الكوزمو' بشارع عماد الدين، وكان أحد أفلام شارلي شابلن الصامتة أول ما شاهده بدرخان من أفلام فأعجب به كثيراً وأحب التمثيل من خلاله وبالتالي صمم علي أن يظهر علي الشاشة، وكانت صداقته بزميل الدراسة جمال مدكور والذي يشاركه نفس الهواية سبيلاً لاشباع هواية التمثيل لديه فكانا يترددان علي مسرح رمسيس باستمرار لمشاهدة المسرحيات وحضور بروفاتها. وفي العام 1930م التحق أحمد بدرخان بمعهد التمثيل الذي أنشأه زكي طليمات إلاّ أنه لم يستمر بالدراسة فيه نظراً لاغلاقه، وبعد حصوله علي شهادة الكفاءة الفرنسية التحق بدرخان بالجامعة الأمريكية وشارك في نشاط فريق التمثيل والذي كان الفنان الكبير جورج أبيض تولي تدريبه، كما أن بدرخان نفسه قد كوّن فريقاً للتمثيل أطلق عليه اسم فريق الطليعة وقام بتمثيل دور البطولة في مسرحية الأديب التي قدمها علي مسرح رمسيس. من خلال كتاباته في السينما استطاع بدرخان ان يلفت إليه انتباه الاقتصادي الكبير طلعت حرب الذي استدعاه وطلب منه تقريراً وافياً عن إمكانية إنشاء استوديو سينمائي في مصر فعكف بدرخان علي كتابة التقرير مستعيناً بما لديه من كتب ومقالات عن الاستوديوهات، بالإضافة إلي المعلومات والتفاصيل الفنية بالاستوديوهات والذي زوده بها صديقه نيازي مصطفي الذي كان يدرس السينما في ألمانيا. ثم حاز هذا التقرير علي الموافقة من طلعت حرب وبدأ في المشروع، وإلي أن يتم تنفيذه أرسل حرب بعثتين لدراسة السينما بفرنساوألمانيا، وكان بدرخان علي رأس بعثة فرنسا وهناك في باريس التقي نجيب الريحاني أثناء تصوير فيلمه 'ياقوت أفندي' في العام 1934م فعمل مساعداً لمخرج الفيلم أميل روزيه. وفي أكتوبر 1934م عاد بدرخان وعيّن مخرجاً سينمائياً باستوديو مصر بمرتب قدره عشرون جنيهاً شهرياً، إلاّ أنه وبسبب خلاف شخصي مع مدير الاستوديو أحمد سالم تم تنحيته من الإخراج واسناده إلي الخبير الألماني فريد كرامب احتجاجاً علي هذا التصرف قدم بدرخان استقالته من الاستوديو. قام أحمد بدرخان بإخراج أول أفلام فريد الأطرش مع شقيقته أسمهان وهو فيلم 'انتصار الشباب' 1941م ثم اخرج مجموعة من الأفلام قام بإنتاجها وبطولتها فريد الأطرش وهي 'شهر العسل' 1945م و'ما قدرش' 1946م و'أحبك أنت' 1949م و'آخر كدبة' 1950م. وفي 1944م كوّن أحمد بدرخان مع أمينة رزق وعبد الحليم نصر وحلمي رفلة شركة إنتاج تحت اسم شركة اتحاد الفنانين وقدمت أفلاماً مثل 'قبلة في لبنان' 1945م و'القاهرة - بغداد' و'سجين الليل' و'عدل السماء' وغيرها. بالرغم من أن بدرخان وقع تحت تراكم الديون بسبب إصراره علي إنتاج فيلم عن الزعيم مصطفي كامل، إلا أنه ظل صامداً متماسكاً لأنه أرضي ضميره ولفت الأنظار إلي عمله الوطني، عين نقيباً للسينمائيين، وكان أول رئيس لإتحاد النقابات الفنية، وحصل علي جائزة الدولة التقديرية عام 1954 ووسام الفنون عام 1962، وترك حوالي ثلاثين فيلماً بين إنتاج وإخراج، توفي في أغسطس عام 1969.