الأحلام التوسعية تملكت 'أردوغان' فطغت علي قراراته. زادت الأمور تفاقما بتدخله في شئون الدول الأخري ودعمه للإرهاب ودوره العدواني الحقير في الشأنين السوري والمصري مما جعله يفقد جيرانه ويتسبب في خسائر فادحة لاقتصاد بلاده. مضي هذا المأفون يتلاعب بمستقبل تركيا عندما دعَّم التنظيمات الإرهابية في سوريا قلبًا وقالبًا بداية بداعش والنصرة والإخوان. ساندت تركيا الإرهاب لوجستيا وإعلاميًا وجعلت من أراضيها معبرا لتسريب الإرهابيين إلي الداخل السوري، ورفضت أن تشارك في التحالف الدولي ضد داعش. ولكنها ما لبثت أن تحولت اليوم لتصبح ضد داعش عندما اتهمته بتنفيذ التفجير الذي وقع في سروج في 20 يوليو الماضي والذي أسفر عن مقتل 32 شخصا. تحول تركيا من النقيض إلي النقيض لم يأت عفو الخاطر وإنما تم من خلال صفقة مع أمريكا، ولهذا رأينا أمريكا تسارع بدعم هجمات تركيا في سوريا والعراق مما يدل علي معالم الاتفاق المسبق بينهما. وهنا يأتي الحديث عن سعي تركيا لإقامة منطقة آمنة علي الحدود مع سوريا، وهي التي طالما سعت إليها بل جعلتها شرطا لمشاركتها في الحرب علي داعش. لقد أعلن مسئول أمريكي مؤخرًا أن أمريكاوتركيا متفقتان علي العمل معا لتطهير شمال سوريا من داعش وضمان قدر أكبر من الأمن والاستقرار علي طول الحدود التركية مع سوريا. ومن ثم يظل البون شاسعا بين موقفين، فعلي حين سهلت تركيا دخول مسلحي داعش وغير داعش إلي سوريا من قبل، فإنها اليوم تتبني نهجا جديدا تريد من خلاله تخفيف فلتان الحدود خدمة لحسابات أمريكية تركية مشتركة. ويأتي هذا في أعقاب التراجع الذي عصف بحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية التي عقدت في السابع من يونية الماضي وسلبت منه الأغلبية. أما ما يظهر بجلاء من وراء تخبط أردوغان، فهو أنه يعمل جاهدا علي إعاقة مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية بهدف الدعوة إلي انتخابات جديدة يستعيد معها حزبه الأغلبية المطلقة بما يمكنه من حل البرلمان فيما إذا لم يتم تشكيل حكومة ائتلافية حتي الثالث والعشرين من أغسطس الحالي. إنها حرب جديدة تشنها تركيا بدعوي محاربة داعش وهي ترمي في الأساس إلي توجيه ضربات مؤلمة للأكراد، وقد يكون الهدف أيضا من ورائها الذهاب إلي انتخابات مبكرة حيث إن الرأي العام في تركيا ضد الحرب والتدخل في سوريا. ولكن ما لا يغيب عن أي فطن أن تركيا كانت تحضر لكل هذه التطورات منذ شهور طويلة مما يدلل علي أنها كانت تضع في اعتبارها استهداف سوريا والعراق معا من خلال صفقة مع أمريكا الشيطان الأكبر.