تركيا الحليفة الجديدة في الحرب علي داعش هي تركيا الحليفة القديمة لداعش التي تنتهك سيادة العراقوسوريا يوميا بعد ان كانت بوابة مرور المقاتلين الاجانب إلي الأراضي السورية منذ بدء الثورة السورية وحتي الان. تركيا هي الدولة الوحيدة التي تمكنت من الافراج عن 49 شخصا هم رهائنها المحتجزون لدي داعش في الموصل في صفقة لم يعرف عن تفاصيلها الكثير وظل العالم يتساءل ما الذي قدمته تركيا لداعش كي تفرج عن مواطنيها بهذه السهولة؟. يصدق البعض أن هذه «التركيا» هي من قررت فجأة ان تحارب داعش بحجة أنها اكتوت بنيران الارهاب علي اراضيها بعد حادثة سروج ومقتل اكثر من ضابط تركي لذا من المنطقي أن تشارك في الغارات ضد داعش. ولكن هل هذه هي الحقيقة؟ الواقع يقول ان تركيا منذ اتفاقها مع أمريكا وهي تشن غارات جوية للمرة الأولي علي سورياوالعراق مستهدفة مواقع لحزب العمال الكردستاني وهو احدي المنظمات التي تدرجها امريكا واوروبا وتركيا علي قوائم الارهاب منذ سنوات. ورغم ذلك لم تتوان أمريكا عن دعم الأكراد خاصة في العراق واستخدامهم في حربها ضد داعش وقد حققوا انتصارات لافتة علي الارض وحرروا الكثير من المناطق في العراقوسوريا من قبضة التنظيم ، فلماذا تدير امريكا ظهرها للأكراد الآن ولماذا توافق علي ضرب معسكراتهم شمال العراق بالصواريخ التركية؟ السر ببساطة يكمن في تصاعد النفوذ الكردي في المنطقة بعد ان حذر عدد من التقارير الامنية الأمريكية من ان الغارات الامريكية علي معاقل داعش تصب في مصلحة حزب العمال الكردستاني وانه بعد مرور عام من الآن سيشكل نفوذ الاكراد خطرا علي المصالح الأمريكية. ولن تجد أمريكا أفضل من تركيا كي تتصدي للاكراد بينما تقف هي خلف الكواليس. نص الاتفاق الأمريكي التركي علي إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا ستمتد لمسافة 90 كيلومترا، تستخدم لتدريب المعارضة السورية المعتدلة. ولكن الحقيقة أن تركياوامريكا تسعيان لمنع الأكراد وحزب العمال الكردستاني من السيطرة علي الشمال السوري بعد أن نجح الحزب في إقامة ثلاث مناطق حكم إداري في الحسكة وكوباني وعفرين في سوريا. وهو ما يثير حفيظة تركيا التي لا تريد حزاما كرديا يهدد حدودها الجنوبية. ولأن أمريكا تدير الحرب في المنطقة فهي لا تريد ان تفلت منها الخيوط بصعود قوة علي حساب القوي الموجودة في المنطقة مستفيدة من حالة التوتر والعداء التي نشبت مؤخرا بين الأحزاب الكردية خاصة في العراق. فقد اتسمت العلاقة بين حزب العمال الكردستاني وكل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والآتحاد الوطني الكردستاني الذين يديرون قتال البشمركة ضد داعش بالتذبذب مع وجود أهداف سياسية مختلفة لكل منهم، مما جعل العلاقة تنافسية أكثر منها علاقة تحالف. مع ان حزب العمال الكردستاني ساهم بشكل كبير في تدريب المقاتلين الأكراد في معركتهم ضد داعش. وكان آخر فصول الخلاف بين الأحزاب الكردية الاعلان الذي صدر عن حزب العمال الكردستاني يناير الماضي باعتبار منطقة سنجار خاضعة لإدارته وهي احدي المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل. وهو ما اعتبره اكراد العراق تحديا سافرا من الحزب التركي وبداية الطريق نحو صراع كردي - كردي سيضر بقضية استقلال الأكراد وانشاء دولتهم. قبل عامين اوشك اردوغان ان يحقق اتفاقا تاريخيا مع الاكراد لينهي صراعا طويلا امتد منذ عام 1984 وراح ضحيته 45 ألف شخص. ولكن لم يتمكن اردوغان من استثمار المصالحة مع الاكراد سياسيا ليحقق اغلبية في البرلمان تمكنه من تعديل الدستور خاصة بعد فوز حزب الشعب الديمقراطي الكردي بنتيجة غير مسبوقة في الانتخابات التركية. فكيف سيقضي علي الطموح السياسي الكردي؟ اصبح البديل أن يقنع اردوغان الاتراك بأنهم في حاجة إلي حكومة حرب وليس حكومة ائتلافية مستخدما خطر داعش كغطاء للتصعيد ضد الأكراد واعتقال اعضاء حزب العمال الكردستاني وضرب معاقله في سورياوالعراق. من ناحية أخري يقلق أمريكاوتركيا تصاعد النفوذ الإيراني خاصة مع وجود الاتهامات التركية القديمة لإيران بتمويل حزب العمال الكردستاني لزعزعة استقرارها بعد ان كشفت أن إيران تعتبر أكثر الدول التي تقدم الدعم لحزب العمال الكردستاني. لا لشيء إلا لتصدير مشكلة الأكراد من اراضيها إلي دول الجوار بعد أن بدأ الحديث عن سيناريوهات لتقسيم العراقوسوريا. ويؤكد اختلاف السياسة الامريكية في التعامل مع الاكراد الانباء التي اشارت إلي تصاعد حدة الاتهامات لأمريكا بالتخبط والفشل في التصدي لداعش والرفض الامريكي غير المبرر لتسليح الأكراد لاستكمال المواجهات الميدانية مع التنظيم. مما جعل بعض الدول في المنطقة تلوح بامكانية تزويد الأكراد باسلحة ثقيلة فخرجت أمريكا تبحث عن حليف جديد يمنع الاكراد من تحقيق المزيد من المكاسب الميدانية ووجدت ضالتها المنشودة في تركيا التي تعرف ان تحقيق الاكراد للمزيد من المكاسب الاقليمية سوف يجدد المطالب الانفصالية لأكراد تركيا.