غدا ذكري أنتصار اهالي المنصورة علي الصليبيين في المنصورة في معركة المنصورة والتي هزم فيها الصليبيين شر هزيمة ما منعهم من أرسال قوات أخري لمحاربة المصريين وفيما يلي جانب من تلك المعركة التاريخية الحاسمة. قامت معركة المنصورة من8 إلي 11 فبراير من سنة 1250 بين القوات الصليبية 'الفرنج' بقيادة لويس التاسع' ملك فرنسا، الذي عُرف بالقديس لويس فيما بعد، والقوات الأيوبية بقيادة الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ.وفارس الدين أقطاي الجمدار وركن الدين بيبرس البندقداري. أسفرت المعركة عن هزيمة الصليبين هزيمة كبري منعتهم من إرسال حملة صليبية جديدة إلي مصر، وكانت بمثابة نقطة البداية التي أخذت بعدها الهزائم تتوالي عليهم حتي تم تحرير كامل الشام من الحكم الصليبي. أخذ الانحطاط يتسرّب إلي جسم الدولة العربية بعد هذه الفترة، إذ أنه بعد نهاية المعركة كانت الجيوش المغولية قد دمرت بغداد وأسقطت الخلافة العباسية مما اضطر العرب لمواجهتهم، وجعل الدولة الإسلامية منهكة ثقافيا واقتصاديا بعد هزيمة الزحف المغولي، فساد الفقر والتخلف في فترات متقطعة واستمر الأمر علي هذا المنوال حتي سقوط المنطقة العربية بيد العثمانيين الأتراك في القرن السادس عشر. نتائج معركة المنصورة: قُتل عدد كبير من القوات الصليبيية المهاجمة. من فرسان المعبد وفرسان الإسباتريه لم ينج سوي ثلاثة مقاتلين، وفنيت الفرقة الإنجليزية تقريباً عن أخرها. واضطر أخو الملك لويس 'روبرت دي أرتوا' إلي الاختباء في أحد الدور، ثم قتل هو و'وليم أوف ساليزبري' قائد الفرقة الإنجليزية. أثناء المعركة راح الفرنج علي الضفة المقابلة لبحر أشموم يكدون ويجدون لإتمام الجسر حتي يتمكنوا من العبور لمساعدة فرسانهم، ولكن لما وردتهم أنباء سحق الفرسان، عن طريق بيتر أوف بريتني الذي فر إليهم بوجه مشجوج من ضربة سيف، وشاهدوا بقايا فرسانهم مدبرين إلي جهتهم والمسلمين في أعقابهم، راحوا يلقون بأنفسهم في مياه النيل بغية العودة إلي معسكراتهم وكاد لويس ذاته أن يسقط في الماء. يصف المؤرخ 'جوانفيل' الذي حضر الواقعة كالتالي: 'في تلك المعركة أعداد كبيرة من الناس من ذوي الهيئات المحترمة ولوا مدبرين فوق الجسر الصغير في مشهد مخزي لأبعد الحدود.لقد كانوا يهرولون وهم في حالة من الذعر الشديد، وبدرجة جعلتنا لا نتمكن من إيقافهم علي الإطلاق. أستطيع ذكر أسمائهم ولكني لن أفعل ذلك لأنهم صاروا في عداد الأموات'. وبذلك أصبح الصليبيون في ذات الموقع الذي باتوا فيه في الليلة السابقة علي الضفة الشمالية من بحر أشموم حيث أداروا عليهم سوراً وبقوا تحت هجوم مستمر طوال اليوم. وقد اتهم بعض الفرسان لويس التاسع بالجبن والتخاذل. بعد المعركة عقد فارس الدين أقطاي، القائد العام للجيوش المصرية، مجلس حرب لمناقشة أمر يتعلق بالعثور بين قتلي الفرنج علي شارة تحمل علامة البيت الملكي الفرنسي، كان صاحب الشارة هو شقيق الملك لويس، 'روبرت دي أرتوا' الذي لقي مصرعه في المعركة، ولكن أقطاي ظن أنها خاصة بلويس وأن العثور عليها دليل علي أنه قد قُتل، فقال: 'كما أن المرء لا يهاب جسداً بلا رأس، فإنه أيضاً لا يهاب قوماً بلا قائد'، فاتفق الجميع علي ضرورة الهجوم الفوري علي معسكر الصليبيين، فقام المسلمون في الفجر بشن هجوم واسع صمد فيه الفرنج ولكنه ألحق بهم خسائر فادحة. في هذا الهجوم فقد مقدم فرسان المعبد 'وليم أوف سوناك' إحدي عينيه، ثم فقد الأخري بعد بضعة أيام ومات. انطلق الحمام من المنصورة بنبأ الانتصار علي الصليبيين وحط بالقاهرة، فضربت البشائر بقلعة الجبل وفرح الناس وأقيمت الزينات. النتائج التاريخية لهزيمة الصليبيين: واجهت الحملة الصليبية السابعة علي مصر نهايتها المأساوية في فارسكور في عام 1250 معلنة عن بدء عصر تاريخي جديد لكل القوي الإقليمية التي كانت متواجدة في تلك الفترة. هزيمة الحملة الصليبية السابعة في مصر أثبتت مرة أخري مكانة مصر كقلعة وترسانة عسكرية للإسلام في تلك الأيام. الحملة الصليبة السابعة كانت آخر حملة صليبية منظمة علي مصر. لم يتمكن الصليبيون من تحقيق حلمهم باحتلال بيت المقدس مرة أخري، وفقد ملوك أوروبا، باستثناء لويس التاسع، اهتمامهم بإطلاق حملة صليبية جديدة. ولكن مباشرة بعد رحيل لويس التاسع إلي عكا، اغتيل السلطان الأيوبي توران شاه بفارسكور بأيدي ذات المماليك الذين دحروا الصليبيين في المنصورة وفارسكور، ليصبحوا منذ ذلك الحين حكاماً لمصر وبعد قليل حكاماً للشام. بعد هزيمة الصليبيين في سنة 1250 توزعت الخريطة السياسية والعسكرية في شرق حوض البحر المتوسط علي أربع قوي أساسية: المماليك في مصر، الأيوبيون في الشام، الصليبيون في عكا وساحل الشام، مملكة قليقية الأرمينية، وإمارة أنطاكية الصليبية. بينما تحول المماليك في مصر والأيوبيون في الشام إلي عدوين لدودين، تحالف صليبيو عكا وأرمن قليقية وصليبيو أنطاكية. من مقر إقامته في عكا حاول لويس مناورة مماليك مصر، مستغلاً الصراع الناشب بينهم وبين بقايا الدولة الأيوبية في الشام. بمجرد وصول لويس إلي عكا وفد إليه مبعوث من الناصر يوسف ملك دمشق طالباً إقامة تحالف أيوبي-صليبي ضد مماليك مصر. ولكن لويس رفض بسبب خوفه علي مصير أسراه المحتجزين في مصر، ولمعرفته أن مصر قوة لا يُستهان بها وفي ذاكرته هزيمته في مصر وهزيمة التحالف الصليبي مع أيوبي الشام في سنة 1244م والذي أدي إلي سقوط بيت المقدس بالكامل في أيدي المسلمين. ولكن بعدما أرسل الناصر يوسف رسالة إلي لويس توحي باستعداده لتسليمه القدس في مقابل مساعدته ضد السلطان عز الدين أيبك في مصر اهتم لويس بالأمر وأرسل إلي أيبك موفوده 'جون أوف فالنسينس' يحذره من أنه سيضطر إلي التحالف مع دمشق ضده في حالة عدم الإفراج عن الأسري الصليبيين المحتجزين في مصر. لم تؤد تلك المشاريع التحالفية إلي شيء ذي أهمية - باستثناء موافقة أيبك علي الإفراج عن الأسري والتنازل عن بقية الفدية المطلوبة من لويس في مقابل منع الناصر محمد من الاقتراب من حدود مصر، ولكنها كانت تنذر بسقوط بني أيوب في الهاوية بعد كل إخفاقاتهم وصراعاتهم الداخلية، وفقدانهم كل مبررات بقائهم في حكم المنطقة العربية الإسلامية، مما أدي في النهاية إلي بزوغ نجم دولة المماليك كقوة عسكرية مخلصة، تذود عن الإسلام وتجاهد الغزاة ولا تهادنهم ولا تتنازل لهم عن أراضي المسلمين ومقدساتهم، وكذلك كان حال الأيوبيين وقت بزوغ نجمهم في عهد صلاح الدين الأيوبي.