بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع علي إعلان مليشيا 'الحشد الشعبي' في العراق، ومسؤولين محليين في محافظة صلاح الدين، مقتل الرجل الثاني في نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الأمين العام الحالي لحزب البعث عزة إبراهيم الدوري، جاءت الوقائع كي تؤكد العكس. في البداية، لم تتبنَّ الحكومة العراقية رسمياً رواية مقتل الدوري، كما تنصّلت وزارة الصحة من تصريحات سابقة لها، حول تسلّمها جثة الدوري وتشريحها، وإجراء فحص لحمضه النووي. وأعلنت الوزارة أنها لا تملك الحمض النووي العائد للدوري، وطالبت بعينات من أحد أبنائه أو أشقائه. ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلان المتحدث باسم حزب البعث، خضير المرشدي أن 'الدوري حيّ يرزق داخل العراق'. ومما عزز عدم صحة مقتل الدوري، مطالبة زعيم عشيرة البكارة في صلاح الدين، الشيخ عبود النجم، بالجثة، مؤكداً أنها ل'شعلان البجاري، أحد أبناء العشيرة، ويعمل في رعي الأغنام في قرية قرب مدينة الدور، مسقط رأس الدوري، وجري قتله من المليشيات، بعدما رأوه يشبه الدوري'. وأضاف النجم ف، أن 'الجثة التي ادّعوا أنها للدوري، إنما هي للبجاري'. واعتبر أن 'العملية كلها ملفقة، بعد أن وجدوا في الرجل شبهاً فقتلوه بوحشية'. وتساءل النجم 'هل الجثة التي ظهرت لرجل عمره 73 عاماً؟' في إشارة إلي عمر الدوري. من جانبه، كان زعيم 'التيار الصدري'، مقتدي الصدر، أكثر المشككين بصحة رواية مقتل نائب الرئيس العراقي السابق، مؤكداً في بيان له أن 'الحديث عن مقتل الدوري مجرد ادعاءات، تهدف لتسييس الجهاد والانتصارات من قبل بعض المليشيات'. وأوضح الصدر في البيان أن 'الخلافات السياسية والمطامع داخل صفوف الحشد الشعبي تعيق عمله والأخبار الملفقة أيضاً'. ودعا إلي 'عزل فصائل الحشد الشعبي عن السياسة والسياسيين، الذين حاولوا تجيير الجهود لمصالح فئوية وحزبية'، مشيراً إلي وجود بعض المليشيات ذات الأبواق الطائفية. من جهته، أفاد وزير عراقي رفيع، رفض الكشف عن اسمه، بأن 'الجنرال الإيراني في الحرس الثوري باقر زاده، عاين الجثة في بغداد بناءً علي طلب حكومي، باعتباره رئيساً للجنة تبادل رفات قتلي الحرب بين العراق وايران '1980 1988''. وكشف أن 'الجثة لم تشبه الدوري، ما دفع السلطات العراقية إلي إغلاق الموضوع وعدم إثارته مجدداً'. ولفت إلي أن 'المليشيات نقلت الجثة التي أمضت ثلاثة أسابيع متنقلة بين مكان وآخر، إلي وزارة الصحة، وذكرت أنها ستقوم بإعلان النتيجة قريباً بعد ظهور نتائج الحمض النووي، إلا أنها عادت في اليوم الثاني لتعلن أنها لا تمتلك عينة من حمضه النووي وأنها موجودة عند الأميركيين فقط'. وذكر أن 'الجثة لا تزال موجودة في ثلاجة الموتي بمدينة الطب، في باب المعظم في بغداد'. وكانت مليشيا الحشد قد أعلنت في 17 أبريل الماضي، مقتل الدوري في عملية وصفتها ب'الاستباقية'، وأظهرت رجلاً في نهاية العقد الخامس من العمر، أحمر اللحية، يشبه الدوري ويضع مسبحة في عنقه. وتبنّي عدد من المليشيات العملية، حتي وصلت إلي تبادل الشتائم والتخوين، فيما بينها طمعاً بالمكافأة الأميركية لاعتقال أو قتل، الرجل، والبالغة 50 مليون دولار. وتبنّت مليشيا 'العصائب' العملية، ثم مليشيا 'بدر'، وبعدها 'حزب الله' وآخرها مليشيا 'كتائب الإمام'. ويري أستاذ التاريخ السياسي في جامعة بغداد مصطفي الأطرقجي، أن 'تاريخ إعلان قتل الدوري، وهو 17 أبريل، يصادف ذكري تحرير العراق لجزيرة الفاو، علي الخليج العربي، من الإيرانيين في العام 1987، وكان للدوري دور مهم في المعركة. وإعلان مقتله في هذا اليوم، قد يكون فيه إرضاء للإيرانيين في محاولة من المليشيات لدعمها أكثر، فضلاً عن صرف أنظار الشارع العراقي عن الانتكاسات الأمنية في بيجي والرمادي وديالي، وفشل معركتي تحرير صلاح الدين والأنبار.
