بعث شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، وفدًا أزهريًّا من علماء الأزهر للمشاركة في أعمال منتدي 'بانجي' في جمهورية أفريقيا الوسطي، المنعقد حتي 11 مايو الجاري، ويعد خطوة مهمة في إطار جهود الحوار والمصالحة، وفرصة حقيقية لشعب أفريقيا الوسطي لتجاوز الأزمات والمعارك الطائفية. وكان في استقبال وفد الأزهر فور وصوله سفير أفريقيا الوسطي بجمهورية مصر العربية، كما التقي الوفد الأزهري ببعض القيادات الدينية المشاركة في المنتدي. ونقل الوفد الأزهري كلمة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر إلي الأعضاء المشاركين في المنتدي، والتي تضمنت عدة رسائل من أهمها حرص مصر والأزهر الشريف علي متابعة مجريات الأمور في أفريقيا الوسطي بين المسلمين والمسيحيين، وعلي إرساء دعائم السلم والأمن والوحدة الوطنية بين أبناء شعب أفريقيا الوسطي بمختلف طوائفه الدينية والحزبية. كما أكد الأزهر الشريف علي أن رسالة الإسلام إنما جاءت لإسعاد الإنسانية كلها وبقائها ونمائها وأن الاعتداء علي الإنسان هو جريمة مؤثمة في كل الأديان. وشدد الأزهر علي ضرورة بسط العدل الشامل والكامل بين أبناء شعب أفريقيا الوسطي دون تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو المذهب، والجميع يجب أن يكونوا سواء أمام القانون في الحقوق والواجبات. كما ناشد الأزهر الشريف جميع الأطراف المعنية بالمصالحة بعدم استغلال الدين أو استخدامه في معارك سياسية أو حزبية تنال من حرمة الأديان السماوية أو تهدر الحقوق المعتبرة. ومن جانبه شارك د.محمد جميعه، منسق بيت العائلة المصرية، في المنتدي بإلقاء كلمة أمام الحضور وفي بدايتها طالب الجميع بالوقوف دقيقة حدادًا علي أرواح الضحايا، وبعدها أوجز رؤية الأزهر الشريف في معالجة الوضع المتأزم بدولة أفريقيا الوسطي من خلال عدة محاور أهمها تحقيق العدالة الناجزة في حق من اقترفوا جرائم القتل والنهب والحرق والسلب والاغتصاب لما يمثله هذا من اعتداء سافر بحق الإنسانية جمعاء. كما أكد علي أن تطبيق القانون علي جميع أبناء أفريقيا الوسطي دون تمييز بسبب دين أو جنس أو لون، فالجميع أمام القانون سواء، ولفت إلي أهمية بسط سلطة الدولة وهيبتها علي جميع المناطق، ردعًا لكل من تسول له نفسه الخروج علي القانون، ليشعر المواطن بالأمن والأمان. وأكد 'جمعية'، علي أن مساعدة اللاجئين للعودة إلي ديارهم مع تعويضهم عما أصابهم من ضرر، إضافة إلي إعادة بناء دور العبادة من المساجد أو الكنائس علي حد سواء. كما دعا المجتمع الدولي والإفريقي للمساهمة الجادة في تنمية دولة أفريقيا الوسطي مشيرا إلي امكامحنقل تجربة إنشاء بيت العائلة المصرية الفريدة، لتكون في خدمة الشعوب الأفريقية، نهاية حديثه، ناشد الدكتور جميعه الجميع بالمصالحة القلبية، وأن يصفح كل منهم عن الآخر. وأحدثت كلمة 'جميعة'، دويًّا وصدًا واسعًا علي كل المستويات الرسمية والشعبية والإعلامية، والتي عبر عنها العديد من الوزراء والمسئولين بعظيم امتنانهم وتقديرهم للدور الريادي للأزهر الشريف في مختلف المحافل الدولية خصوصًا بعدما قدَّم وفد الأزهر الشريف تجربته بشأن بيت العائلة المصري في تعزيز أواصر وروابط النسيج الوطني المصري المشترك، تلك التجربة التي أثمرت في صون وحماية الشعب المصري مما كان يحاك به، مما كان له كبير الأثر في اختيار وفد الأزهر الشريف لأن يشارك في اللجنة الرئيسية المسماة 'لجنة العدل والمصالحة'، والتي تعد أهم اللجان المعنية في ملتقي المصالحة الوطنية، وهذا ينبع من إيمان المشاركين من مختلف الدول بالدور الحيوي والفعال للأزهر الشريف علي الساحة الدولية والعالمية في إرساء قواعد العدل والإنصاف ونشر السلام، الذي يمثل رسالة الإسلام الوسطي الذي يهدف إلي سعادة البشرية دون نظر إلي لون أو جنس أو دين أو مذهب معين، مصداقًا لقوله تعالي: 'يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم'. يذكر أن الأزهر الشريف يشارك في جهود عملية المصالحة بجمهورية أفريقيا الوسطي بوفد يضم الدكتور محمد جميعه، منسق بيت العائلة المصرية، والدكتور أحمد الشرقاوي، عضو اللجنة العليا للمصالحات بمشيخة الأزهر، وذلك ضمنأعمال منتدي 'بانجي' للمصالحة، بهدف وضع حد للأزمات الطائفية والمذابح وعمليات التهجير ووضع الضوابط الكفيلة بحقن الدماء وإعادة الاستقرار للبلاد. ومن المتوقع أن يتطرق منتدي 'بانجي' الذي تنتهي أعماله في 11 مايو الجاري إلي 4 محاور أساسية هي السلام والأمن، والعدالة والمصالحة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحوكمة ويشارك به أكثر من خمسمائة شخصية دولية وإقليمية من بينها رؤساء بعض الدول والحكومات المعنية بهذا بشأن المصالحة وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية. ويهدف المنتدي بالأساس إلي إقامة صلح بين مختلف فرقاء الأزمة الطائفية التي انحدرت إليها أفريقيا الوسطي منذ 2013، والتي شهدت مواجهات بين تنظيم السيليكا المسلم وميليشيات أنتي بالاكا المسيحية، ما أسفر عن مئات القتلي وآلاف المهجرين من المسلمين الذي أجبروا علي المغادرة إلي دول الجوار، وسوف يعرض وفد الأزهر تقريرا وافيا عن الأوضاع في أفريقيا الوسطي علي مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر ليسهم بدوره في تحقيق نتائج المصالحة وتعزيز السلام ووحدة الشعب في أفريقيا الوسطي.