بعد رحلة مرض طويلة عاشها الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، عاد من لندن محمولًا علي الأكتاف، حيث وصل جثمانه إلي مطار القاهرة في الساعة الثالثة فجرًا، علي متن طائرة مصرية كان علي متنها السيدة نهلة القدوسي والمحامي مجدي العمروسي، وشقيقة عبد الحليم علية شبانة، وابن خالتها شحاته. كان في استقبال الجثمان بالمطار شقيقا العندليب إسماعيل ومحمد شبانة، وعدد كبير من الفنانين في مقدمتهم بليغ حمدي، سيد إسماعيل، حسين كمال، وكذلك السيد محمد البسام، الملحق الإعلامي بالسفارة السعودية. وكان من المقرر أن ينقل جثمان الراحل إلي مستشفي المعادي، ومنها في الصباح إلي مسجد عمر مكرم، لكن هذا التدبير قد اختصر، حيث أمر الشيخ محمد متولي الشعراوي، وزير الأوقاف وقتها، بفتح المسجد طوال الليل ليسجي فيه الجثمان. واتخذت ترتيبات خاصة لتشييع جنازة عبد الحليم إلي مثواه الأخير، وعند الساعة الحادية عشرة تمامًا حمل بعض الفنانين نعش الفقيد من داخل المسجد بعد أن تمت الصلاة عليه، ثم وضع في سيارة مكشوفة لونها أخضر وغطيت بالزهور من جوانبها بينما ارتفعت علي أعلاهاصورة لعبد الحليم، من أول فيلم مثله للسينما وهو 'لحن الوفاء' وكان النعش مجللًا بالحرير الفضي وملفوفًا بالعلم المصري. وضمن دائرة أمنية مكثفة سارت جنازة الطرب خطوة خطوة من جامع عمرمكرم، إلي ميدان التحرير حتي جامع شركس، وكانت الأمواج البشرية تحاول اختراق الدائرة للوصول إلي النعش لكن كل المحاولات كانت تواجه بالردع محافظة علي جلال الموقف، وفي هذه الدائرة استمر سير الجنازة في الشوارع المحددة وسط أصوات نحيب نسائية وانفعالات عصبية لمئات الألوف من الشبان. وكان في مقدمة المشيعيين السيد عز الدين جلال، نائبًا عن رئيس الجمهورية أنور السادات، والسيد ممدوح سالم، رئيس الوزراء والسادة الوزراء، بالإضافة إلي عدد كبير من السفراء العرب. وخلف الوزراء مباشرة كان عدد من الفنانين الذين اختلطت أصواتهم بشهقات البكاء بينهم بليغ حمدي، محمد الموجي، محمد سلطان، حسين كمال، حسن الإمام، ومحامي الفقيد مجدي العمروسي. أما الموسيقار محمد عبد الوهاب، فقد تخلف عن السير خلف النعش بأمر الأطباء بسبب الصدمة التي أصابته لدي سماعه النبأ المفجع بمكالمة هاتفية من زوجته السيدة نهلة المقدسي، بعد أن كان الخدم قد أخفوا عنه حتي صحف الصباح. وردة وسط المعزيين وكانت نادية لطفي، الفنانة الوحيدة التي اشتركت في الجنازة علي الرغم من طلب أسرة الفقيد عدم اشتراك الفنانات حتي لا يتعرضن لزحام المعجبين أثناء سير الجنازة.