استمرت الاحتجاجات التي تشهدها البحرين منذ يومين، وقد توفي شاب ثان اسمه فاضل سلمان متروك '31 عاماً' جراء إصابته بطلقات الشوزن في مناطق مختلفة من جسمه أثناء مشاركته في تشييع جنازة الضحية الأول علي عبد الهادي مشيمع '21 عاماً'. كما أصيب 7 أشخاص آخرون بإصابات مختلفة إلا أن حالتهم كانت مستقرة. وفي تطور لافت احتشد الآلاف من المواطنين منذ ظهر أمس، في وسط دوار اللؤلؤة في العاصمة 'المنامة'، رافعين الأعلام البحرينية، ولافتاتٍ تدعو إلي القيام بإصلاحاتٍ سياسية ومعيشية، في إطار الوحدة الوطنية. ولم يشاهد في المنطقة المذكورة أي تواجد أمني أو قوات تابعة إلي مكافحة الشغب، كما خلت المنطقة من أي مظاهر غير سلمية في الاحتجاج والتظاهر، ولم يعق المتظاهرون حركة المرور، بل قاموا بالمساعدة علي تنظيمها وتسيير الطرق والتأكد من استمرار بقائها مفتوحة، كما شوهد شبان وشابات يقومون بتنظيف الساحات من علب المياه الفارغة والمخلفات الأخري. وبثت الفضائية البحرينية مساء أمس تقريراً للمرة الأولي عن الأحداث التي تمر بها البلاد، وصاحب التقرير بث صور للحشود المجتمعة، وذلك في خطوة غير معتادة.وفي تطور لافت، علقت كتلة 'الوفاق' النيابية نشاطها البرلماني 'احتجاجاً علي استخدام العنف ضد المتظاهرين المطالبين بإصلاحات سياسية علي رأسها تحقيق الملكية الدستورية التي تتوافر علي التداول السلمي للسلطة والمطالب السياسية العادلة'. من جانب آخر، قال مواطنون من سترة إن نحو 15 سيارة 'رينج روفر' دخلت إلي سترة من مدخل محطة البترول الرئيسة وقام أصحابها بحركات بهلوانية، وتشحيط الإطارات، ورفعوا إشارة 'النصر' بأيديهم، أطلقوا أبواق السيارات، وحاولوا استفزاز المواطنين بعد منتصف ليل أمس. وعلق أحد المواطنين 'من الواضح ان هؤلاء لا ينتمون الي منطقة سترة، كانوا يحاولون استفزاز الشباب نحو العنف، ولكنهم غادروا المنطقة بعد نحو سبع دقائق من أعمالهم الحمقاء'. هذا، ولم تحل شركات الاتصال مشكلة بطء الإنترنت، ووعدت إحدي الشركات بمعالجة 'الخلل' خلال 24 ساعة، ولكن يبدو للمراقبين ان الخلل ليس فنياً، وهناك شكوك في أن قراراً سياسياً ربما اتخذ لخفض سرعة الانترنت وعرقلة تصفح الفضاء الالكتروني. إلي ذلك، علمت 'الوسط' من مصادر موثوقة أن 'عدد الجرحي الذين أدخلوا قسم الطوارئ في مجمع السلمانية يوم أمس الأول بلغ 31 شخصاً بينهم فتاة تبلغ من العمر 25 سنة بعد أن اخترق الشوزن يدها ليصل إلي العظام لتجري لها يوم أمس عملية'، وتابعت أن 'من بين المصابين طفلاً، وكانت الإصابات بين الاختناق والشوزن'، وختمت 'كما تم يوم أمس استئصال العين اليمني لأحد مصابي يوم أمس الأول، والعين اليسري لمصاب آخر في اليوم نفسه'. يشار إلي أن عدداً من الجرحي تم نقلهم إلي مراكز أخري، فضلاً عن آخرين لم ينقلوا إلي قسم مجمع السلمانية الطبي. ومع يوم أمس ارتفع عدد المصابين الي أكثر من 37 جريحاً. أعربت كتلة المستقلين النيابية عن خشيتها من "اندساس عناصر في التظاهرات الاحتجاجية " واستغلالها في نشر أعمال عنف وتخريب وشغب، مشيرة إلي أن ذلك يمثل "أكبر الضرر بمصالح المواطنين أنفسهم من خلال المساس بالممتلكات العامة والخاصة وتهديد الأبرياء وترويع الآمنين، وغيرها من التأثيرات السلبية علي المصلحة العامة للوطن وجهود التنمية الاقتصادية المستدامة وجذب الاستثمارات". وطالبت الكتلة في بيان لها كافة القوي والفعاليات السياسية والدينية والأهلية الوطنية ب"الاستجابة إلي صوت العقل والحكمة الذي يمثله صاحب الجلالة الملك المفدي من خلال تهدئة الأوضاع والابتعاد عن أساليب التصعيد أو التجييش المنبوذة" ، وأكدت الكتلة "أن اتباع الأساليب والوسائل الحضارية والسلمية في التعبير عن الرأي، والحرص علي سيادة الأمن والاستقرار ودعم الوحدة الوطنية واحترام المؤسسات الدستورية والقانونية القائمة هي صمام أمان الحفاظ علي المكتسبات الوطنية والإصلاحات وتحقيق المصلحة العليا للوطن، بما يرتقي بالمستوي المعيشي للمواطنين ويدفع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك المفدي". من جهته وجه الملك حمد بن عيسي آل خليفة عاهل البحرين المفدي امس كلمة تأسف فيها علي وفاة اثنين. وقال آل خليفة في كلمته : كلفنا الأخ جواد بن سالم العريض نائب رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة خاصة لمعرفة الأسباب التي أدت إلي تلك الأحداث المؤسفة التي جرت حيث إن همنا الأول هو سلامة الوطن والمواطن ولكي يأخذ كل ذي حقٍ حقه. وسنطلب من السلطة التشريعية الموقرة النظر في هذه الظاهرة واقتراح التشريعات اللازمة لعلاجها بما ينفع الوطن والمواطن. إن مملكة البحرين هي دولة القانون والمؤسسات الدستورية ولدينا قانون ينظم المسيرات السلمية أقره مجلس منتخب فحرية التعبير عن الرأي حق كفله الميثاق والدستور ونظمه القانون الذي علينا جميعاً الإلتزام به". العلامة السيد محمد علي الحسيني المرجع الديني للشيعة العرب أكد أن ما تشهده البحرين منذ فترة تحرکات شعبية تطالب بالإصلاح، ولا مراء من أنه ليس هناك من أحد بمقدوره الاعتراض او النيل من أي مطلب شعبي مشروع يستند إلي المسوغات والمبررات الخاصة به، ذلك أن القاعدة المعروفة 'الحق يعلو ولا يعلي عليه'، هي دوما المقياس والمعيار الاهم والادق لاستجلاء الحقيقة وتبيانها. وأضاف في بيان له يقينا أن هذه التحرکات الشعبية التي تبغي الإصلاح قبل أي شيء آخر، ليس بإمکاننا الحکم عليها بأنها ظاهرة سلبية او أنها تمس مصلحة الوطن، خصوصا فيما لو سارت بشکل هادئ ولم تسلك 'لاسامح الله' سبلا تؤثر في أمن واستقرار هذا البلد الأمين، واننا في الوقت الذي ندرك ونؤمن بمشروعية هذا التحرك وفق بقائه داخل الاطار الوطني العام وتمسکه بثوابت اساسية أهمها أمن الوطن وسلامته وعدم النيل او التأثير في استقراره. دعا أمين عام الجامعة العربية عمرو موسي الزعماء العرب إلي عدم القلق من الثورات الشعبية التي تجتاح المنطقة، مشدداً في الوقت عينه علي أهمية الحفاظ علي علاقة جيدة مع الولاياتالمتحدة. وقال موسي في مقابلة مع صحيفة 'واشنطن بوست' نشرتها الثلاثاء، إنه قال لمندوبي الجامعة العربية الذين التقوا الاثنين "لا يجب أن نخاف أو نقلق" من الثورات التي تجتاح المنطقة، مضيفاً "لقد أوصلت رسالة بأن رياح التغيير تهب علي مجتمعاتنا"، وإنه يجب الشعور بالتفاؤل من المستقبل. نقلت 'وكالة أنباء البحرين' عن رئيس الأمن العام البحريني قوله انه 'أثناء تشييع جنازة المرحوم علي عبدالهادي مشيمع اشتبك عدد من المشاركين في الجنازة مع أفراد أربع دوريات أمنية كانت متوقفة علي خط سير الجنازة بسبب تعطل إحدي الدوريات والتي استدعت حضور الدوريات الثلاث التي كانت تقوم بعملية إخلاء للسيارة المتعطلة في الموقع. ونتجت من الاشتباك إصابة أحد الأشخاص المشاركين بالجنازة ويدعي فاضل سلمان متروك، والذي توفي في المستشفي. والتحقيق جارٍ لمعرفة ملابسات القضية'. وعلقت كتلة 'جمعية الوفاق' المعارضة التي تمثل اكبر تيار شيعي في البحرين، ولديها 18 نائباً من اصل 40، عضويتها في مجلس النواب في اعقاب مقتل المتظاهريْن. وأكدت الجمعية في بيان علي موقعها الالكتروني انها 'علقت عضويتها في مجلس النواب احتجاجاً علي قمع المتظاهرين واستخدام العنف المفرط ضدهم، ما أدي الي سقوط شهيدين'. وذكرت ان قرارها يأتي 'استنكاراً لسياسة البلطجة الامنية'، مشددة علي تأييدها 'خيار الشعب ومطالبه المشروعة بإصلاح سياسي جذري وفي مقدمته الدستور العقدي وتحقيق التداول السلمي للسلطة'. وأعرب العاهل البحريني حمد بن عيسي آل خليفة عن أسفه لوفاة متظاهرين اثنين خلال تفريق تظاهرات مطالبة بالاصلاح السياسي في المملكة، وامر بتشكيل لجنة يترأسها نائب رئيس مجلس الوزراء للتحقيق في ملابسات 'الأحداث المؤسفة'. وقال الملك حمد في خطاب تلفزيوني بنبرة هادئة 'كانت هناك للأسف وفاة لاثنين من ابنائنا الاعزاء' في اشارة الي شابين قتلا خلال تظاهرات دعا اليه ناشطون عبر الانترنت. وشهدت المملكة تظاهرات شارك فيها المئات تلبية لدعوة من اجل قيام 'ثورة 14 فبراير في البحرين' للمطالبة بإصلاحات سياسية وبالافراج عن معتقلين شيعة ووقف 'التجنيس السياسي'.وعلقت كتلة جمعية الوفاق المعارضة التي تمثل اكبر تيار شيعي عضويتها في مجلس النواب البحريني في اعقاب هذه الاحداث. واكدت الجمعية في بيان علي موقعها الالكتروني انها 'علقت عضويتها في مجلس النواب احتجاجا علي قمع المتظاهرين واستخدام العنف المفرط ضدهم ما ادي الي سقوط شهيدين'. وذكرت الجمعية ايضا ان قرارها يأتي 'استنكارا لسياسة البلطجة الامنية'، مشددا علي تأييدها 'خيار الشعب ومطالبه المشروعة باصلاح سياسي جذري وفي مقدمته الدستور العقدي وتحقيق التداول السلمي للسلطة'. من جهته، عزا خليل مرزوق النائب في جمعية الوفاق التي تشغل 18 من اربعين مقعدا، تعليق العضوية في البرلمان الي 'تردي الاوضاع الامنية بالتعاطي السلبي والوحشي مع المتظاهرين وسقوط شهيدين بإطلاق نار من مسافة قريبة كان هناك تعمد للقتل'. وقال المرزوق إن مقتل المتظاهرين حصل 'رغم سلمية المتظاهرين وعدالة المطالب الموجودة منذ 2002 للانتقال الي ملكية دستورية وسلطة تشريعية كاملة السلطات والتداول السلمي للسلطة لكسر احتكار السلطة والثروة'، وتوقع المرزوق استمرار التحركات الاحتجاجية 'السلمية' مشيرا الي ان جمعية الوفاق تدعم 'توجهات المتظاهرين... لكن لا تدعو الي التظاهرات لكي يري العالم ان شباب البحرين هم من يقومون بالتغيير وان هناك مطالب من دون تسييس'. واعتبر النائب الشيعي المعارض ان 'شعب البحرين لا يقل حماسة وشجاعة عن الشعوب الاخري' في اشارة الي الدول العربية التي شهدت حركات شعبية غيرت النظام او تطالب بتغييره، لاسيما مصر وتونس. وصباح أمس، قتل المتظاهر الشاب فاضل المتروك برصاص انشطاري بينما كانت قوي الامن تفرق متظاهرين تجمعوا امام مستشفي السليمانية لتشييع القتيل الاول. واكدت وزارة الداخلية مقتل المتروك عبر صفحتها علي موقع تويتر للتدوين.والقتيل الاول كان الشاب علي مشيمع وسقط خلال تفريق الامن لتظاهرة في قرية الديه الشيعية شرق المنامة مساء الاثنين.