طالب قادة دول الاتحاد الاوروبي ال27 الجمعة ببدء الانتقال الديموقراطي في مصر "الان" وهددوا بطريقة مبطنة باعادة النظر في المساعدة الاقتصادية التي يقدمونها الي هذا البلد اذا ما استمر انتهاك الحريات العامة. وجاء في بيان مشترك تبنوه خلال قمة في بروكسل ان "العملية الانتقالية يجب ان تبدأ الان". وطالبوا ايضا السلطات المصرية "بتلبية تطلعات الشعب المصري عن طريق تطبيق الاصلاحات السياسية وليس عن طريق القمع". واشار القادة الاوروبيون ايضا الي ان "علاقات الاتحاد الاوروبي مع مصر يجب ان تكون قائمة علي اساس المباديء التي ينص عليها اتفاق الشراكة" المبرم عام 2001 و"الالتزامات التي قطعت في هذا الصدد"، ملوحين بذلك بالتهديد باعادة النظر في بنود هذه الاتفاقية التي تتيح لمصر الحصول علي مساعدة اقتصادية اوروبية كبيرة. وقد قرر الاتحاد الاوروبي ان يدفع لمصر مساعدة اجمالية تبلغ 449 مليون يورو خلال ثلاث سنوات بين 2011 و2013. الا ان وسائل الضغط المتوافرة للاوروبيين علي نظام الرئيس مبارك تقتصر علي هذه المساعدة الاقتصادية. من جهة اخري، طلب الاتحاد الاوروبي الجمعة من وزيرة خارجيته كاثرين اشتون التوجه الي مصر ودعا مرة اخري الي "فترة انتقالية منظمة" مطالبا بتشكيل حكومة تقوم "علي قاعدة عريضة". الا ان البيان لم يتطرق الي وضع الرئيس المصري حسني مبارك وخصوصا ما اذا كان يجب ان يرحل ام لا قبل انتهاء ولايته في ايلول/سبتمبر. من جهة اخري، حذر القادة الاوروبيون السلطات المصرية من اي اعمال عنف جديدة ضد المتظاهرين. وتعهد القادة الاوروبيون ب"شراكة جديدة تتضمن دعما اكبر في المستقبل للبلدان التي تواصل اصلاحات سياسية واقتصادية". لذلك يمكن ربط اتفاقات الشراكة بشرط الادارة الجيدة واحترام حقوق الانسان كما طالب بذلك الاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي. وحذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عند وصوله لحضور قمة الاتحاد الاوروبي من انه "اذا رأينا اليوم في شوارع القاهرة اعمال عنف ينظمها النظام او اللجوء الي البلطجية لمهاجمة المتظاهرين، فستفقد مصر ونظامها ما تبقي من مصداقية ودعم يتمتعان بهما في الغرب بما فيها بريطانيا". من جهتها قالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "ننتظر من قوات الامن المصرية الحرص علي ان تجري في يوم الجمعة الحاسم هذا، تظاهرات حرة وسلمية". ويعتبر الاوروبيون ان عملية انتقال السلطة تستغرق وقتا طويلا. وقال كاميرون "بصراحة، ان الاجراءات التي اتخذت حتي الان لم تستجب لتطلعات الشعب المصري" فيما حذرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون من "اندلاع العنف مجددا في الشوارع". واعتبرت اشتون انه "من الاساسي جدا" ان تطلق السلطات المصرية "بدون تاخير حوارا مع المعارضة". وتسعي اوروبا جاهدة لايصال موقفها في ملف بدت فيه منذ البداية متاخرة عن الولاياتالمتحدة كما حصل سابقا مع الثورة التونسية. من جانب اخر ظهرت المواقف مشتتة، كما قال رئيس الوزراء البلجيكي ايف لوتيرم علي هامش القمة معربا عن اسفه الخميس لان الدول الكبري في الاتحاد الاوروبي ارادت تصدر الساحة الاوروبية بخصوص الملف المصري مهمشة دور وزيرة خارجية الاتحاد التي يفترض ان تتحدث باسم الدول ال27 الاعضاء. والي جانب ذلك فان موجة الاحتجاج التي تهز العالم العربي في مصر وتونس واليمن والاردن واماكن اخري تدفع اوروبا الي اعادة النظر في اولوياتها في المنطقة. ويواجه الاتحاد الاوروبي كمنظمة وكذلك غالبية الدول الاعضاء فيه انتقادات اليوم لانه تسامح لفترة طويلة مع انظمة سلطوية علي الضفة الجنوبية للمتوسط خوفا من تصاعد النزعة الاسلامية. وعبر رئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فرهوفشتات الذي يتراس اليوم تيار الليبراليين في البرلمان الاوروبي عن اسفه لانه "من غير المعقول اننا، اي القارة الديموقراطية، لم نتمكن بعد من تقديم دعمنا بدون تحفظ للحشود المتجمعة في الشارع، الحشود التي لا تطالب بشيء اخر غير دعمنا". وسياسة الخطوات المحدودة التي كان يعتمدها الاتحاد الاوروبي مع الدول علي حدوده الجنوبية مراهنا قبل كل شيء علي المساعدة الاقتصادية علي امل ان تؤدي التنمية الي جلب الاصلاحات الديموقراطية، موضع انتقاد شديد حاليا. واصبحت عدة جهات تطالب بتغيير هذه الاولويات. وهذه المسائل طغت علي المواضيع الاساسية المطروحة امام القمة التي تختتم مساء وابرزها سياسة الطاقة التي تعتمدها اوروبا وازمة منطقة اليورو مع اقتراح الماني فرنسي بزيادة تنسيق السياسات الاقتصادية الوطنية عبرت بلجيكا عن رفضها له. وطالب رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني بانتقال ديموقراطي في مصر "بدون قطيعة" مع الرئيس مبارك الذي وصفه بأنه "رجل حكيم"، وذلك علي هامش اجتماع القادة الاوروبيين.