يري محللون في اعلان التقارب بين الولاياتالمتحدةوكوبا الاربعاء نهاية فكرة معينة عن الثورة الكوبية المتشددة ليحل مكانها السياسة البرغماتية التي ينتهجها الرئيس راوول كاسترو. فبعد ان خلف اخاه الزعيم فيدل كاسترو في 2008 اعتمد الرئيس الكوبي تدريجيا لهجة الليونة في خطابه ازاء واشنطن ليفسح بذلك المجال الضروري للبادرة التاريخية التي قام بها باراك اوباما بعد عقود تميزت بالخطابات النارية المعادية للولايات المتحدة ل'القائد' فيدل. واعتبر عدد من الدبلوماسيين والخبراء ان الاعلان التاريخي الاربعاء لم يكن ممكنا تصوره علي الارجح في عهد قائد الثورة الكوبية الذي جعل صراعه مع العدو الاميركي 'قدره'. لكن راوول طبع وهو في سن الثالثة والثمانين بصمته علي رأس البلاد من خلال اجراء سلسلة اصلاحات لم يكن من الممكن تصورها من قبل مثل الانفتاح الجزئي امام اقتصاد السوق او منح المواطنين حرية السفر بدون اذن من السلطات. وهذه الاصلاحات كان لها وقع طيب في الجهة الاخري من مضيق فلوريدا. ولدي وصوله الي الحكم اعلن انه سيتحاور وفق مبدأ 'الند للند مع الولاياتالمتحدة'. ومنذ ربيع العام 2013 اجري هذا الرجل المنهجي الذي لا يتقن فن الخطابة محادثات سرية عن بعد برعاية كندا مع مسؤولين اميركيين. لكن راوول كاسترو كان يعتبر في السابق من 'صقور' النظام عندما كان وزيرا للدفاع في ظل حكم شقيقه. وراي دبلوماسي اميركي لاتيني ان راوول كاسترو عرف كيف يقدم التنازلات الضرورية لهذا التقارب المذهل بقدر ما هو تاريخي. وقال لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته 'ان هذا الاتفاق حول تطبيع العلاقات لم يأت بين ليلة وضحاها، بل انها عملية وصلت الي مرحلة النضوج ولا بد ان تنطوي علي تنازلات'. واكد هذا الدبلوماسي ايضا ان الافراج عن ثلاثة جواسيس كوبيين وسجينين تطالب بهما الولاياتالمتحدة ليس 'سوي الجزء المرئي في الاتفاق'، و'لا بد ان يكون هناك وعود وتنازلات اخري'. ومن بين العوامل الرئيسية التي ساعدت علي هذا التغيير في المناخ هناك ايضا قرار راوول كاسترو فتح قناة دبلوماسية مع الكرسي الرسولي فيما بقي فيدل كاسترو مبتعدا عن الكنيسة. والاربعاء حرص الرئيس الكوبي علي 'شكر الفاتيكان وبخاصة البابا فرنسيس علي دعمه' علي هامش الاتصالات مع واشنطن. وفي الاثناء نفسها استمر في الخداع بشأن المواضيع التي يتمسك بها النظام، مع المطالبة بشكل مستمر بحرية العملاء الكوبيين الثلاثة وادانة الحظر الاميركي الذي ما زال الكوبيون يسمونه ب'الحصار'. كذلك من غير الوارد اظهار اشارات ضعف بشأن مسائل تتعلق بنظره بالوحدة الوطنية، أكان علي مستوي الانفتاح السياسي ام حقوق الانسان. وشدد الاربعاء علي القول 'لقد حافظنا علي وفاء عميق تجاه اولئك الذين سقطوا دفاعا عن هذه المباديء' المتعلقة بالاستقلال، بدون اغفال الاشارة الي ان موقف كوبا تجاه واشنطن لم يتغير قيد انملة مقارنة بحقبة فيدل. وفي كانون الثاني/يناير نجح راوول كاسترو ايضا بمهارة في تعبئة كل القارة من اجل الضغط علي واشنطن اثناء قمة الدول ال33 لمجموعة دول اميركا اللاتينية وجزر الكاريبي 'سيلاك' التي عقدت في كوبا وتبنت قرارا يهمش الولاياتالمتحدة. ومنذ ذلك الحين باتت الولاياتالمتحدة معرضة لخطر المقاطعة في قمة الاميركيتين المقرر عقدها في نيسان/أبريل 2015 في بنما ان استمرت واشنطن في اقصاء كوبا. واعتبر الكوبي ارتورو لوبيز ليفي من جامعة نيويورك ان علي الفريقين من الان فصاعدا ان يعملا سويا من اجل الابقاء علي هذه الدينامية. واوضح لوكالة فرانس برس 'ان الطريق لن تكون سهلة لكن توافر الرؤية الحسنة ستكون مفتاح العلاقات بين كوباوالولاياتالمتحدة'.