في إطار مشروع 'إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين / التاسع عشر والعشرين الميلاديين'، أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة من كتاب 'المرأة والعمل' للمناضلة المصرية نبوية موسي، الكتاب من تقديم الدكتورة مني أبو زيد أستاذة الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب جامعة حلوان. وجدير بالذكر أن المشروع نبعت فكرته من الرؤية التي تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة علي التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيدًا لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري'، وذلك كما أوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين في تقديمه لسلسلة إصدارات المشروع، ويضيف سراج الدين 'أملنا هو أن نسهم في إتاحة مصادر معرفية أصيلة وثرية لطلاب العلم والثقافة داخل أوطاننا وخارجها، وأن تستنهض هذه الإسهامات همم الأجيال الجديدة كي تقدم اجتهاداتها في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة'. ويعد اختيار القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين / التاسع عشر والعشرين الميلاديين علي وجه الخصوص رغبةً من المكتبة في تصحيح الانطباع السائد بأن الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة، ولم تتجاوزها. وحيث الحقائق الموثقة تشير إلي غير ذلك، وتؤكد أن عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري إنما هو تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التي تشمل القرنين الأخيرين. ويذكر أن نبوية موسي من أمهات النهضة النسائية، وأولي رائدات تعليم الفتيات في مصر الحديثة. كان التعليم بمثابة قضية عمرها التي كافحت في سبيلها علي مدي مراحل حياتها المختلفة، ورأت في التعليم طريقًا إلي تحقيق المساواة بين الجنسين، والسبيل للنهوض بالمرأة المصرية. وقد انعكس ذلك علي حياتها، فكانت أول فتاة مصرية تحصل علي شهادة البكالوريا. وسَعَت بعد استكمال تعليمها إلي العمل في مجال التربية والتعليم وأفنت حياتها في هذا العمل. وُلدت نبوية موسي في 17 ديسمبر 1886، وهي نفس السنة التي وُلدت فيها ملك حفني ناصف ومي زيادة. سجلت نبوية موسي حياتها أولاً في صورة مذكرات نشرتها في مجلة الفتاة عام 1937، ثم جمعتها بعد ذلك في كتاب حمل عنوان 'تاريخي بقلمي'، قامت فيه بسرد ذكرياتها حسب تاريخ حدوثها، عبرت فيه عما تكبدت من مشاق ومصاعب في سبيل تعليمها وعملها. وكانت في عام 1920 قد نشرت كتابها 'المرأة والعمل' طالبت فيه بحق المرأة المطلق في العلم والعمل، وبمساواتها الكاملة مع الرجل. ومنذ ذلك الحين شاركت في الحركة النسائية المصرية التي تزعمتها السيدة هدي شعراوي. يشتمل الكتاب علي ستة محاور أساسية، هي: المحور الأول: المرأة وتقدم الأمم، وتتحدث الكاتبة هنا عن وضع المرأة في جميع الأمم، وتربط بيت تقدم الأمم وتخلفها بوضع المرأة فيها. المحور الثاني: تعقد فيه نبوية موسي مقارنة بين المرأة العربية والمرأة الأوروبية قديماً وحديثاً. لتحاول الإجابة علي سؤال ما إذا كان التخلف الذي أصاب المرأة العربية قديم أم أمر مُستجد عليها؟ المحور الثالث: في هذا الجزء تناقش مسألة دعوة احتجاب المرأة في المنزل، وتري أن في هذه الدعوة مخالفة صريحة لتعاليم الدين الإسلامي. كما تعرض اراء التيارين الفكريين الرئيسين في هذه المسألة، التيار التقليدي المحافظ، والتيار الليبرالي. المحور الرابع: وتناقش فيه قضية مساواة المرأة بالرجل. المحور الخامس: وهو عن تعليم المرأة، تعلن فيه نبوية موسي عن رفضها لمناهج التدريس الموضوعة لتعليم البنات، والتي اقتصرت في أغلبها علي تعليمها القراءة والكتابة بجانب التدبير المنزلي وفنون التطريز. المحور السادس: وتناقش فيه قضية عمل المرأة، باعتبارها من القضايا المستحدثة في العالمين الغربي والعربي علي حد سواء في ذلك الحين. وتعرض الكاتبة حجج المعارضين لعمل المرأة، وتقسم دوافعهم إلي دوافع دينية واقتصادية واجتماعية.