أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة من كتاب (المرأة والعمل) لنبوية موسى بهدف الحفاظ على التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيدا لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري. يهدف الإصدار لإتاحة مصادر معرفية أصيلة وثرية لطلاب العلم والثقافة داخل أوطاننا وخارجها، وأن تستنهض هذه الإسهامات همم الأجيال الجديدة كي تقدم اجتهاداتها في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة". ويعد اختيار القرنين ال(13 و 14 الهجريين / ال19 و 20 الميلاديين) على وجه الخصوص رغبة من المكتبة في تصحيح الانطباع السائد بأن الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة، ولم تتجاوزه. وتشير الحقائق الموثقة إلى أن عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري إنما هو تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التي تشمل القرنين الأخيرين. نبوية موسى من أمهات النهضة النسائية، وأولى رائدات تعليم الفتيات في مصر الحديثة. كان التعليم بمثابة قضية عمرها التي كافحت في سبيلها على مدى مراحل حياتها المختلفة، ورأت في التعليم طريقا إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، والسبيل للنهوض بالمرأة المصرية. وقد انعكس ذلك على حياتها، فكانت أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا. وسعت بعد استكمال تعليمها إلى العمل في مجال التربية والتعليم وأفنت حياتها في هذا العمل. ولدت نبوية موسى في 17 ديسمبر 1886، وهى نفس السنة التي ولدت فيها ملك حفني ناصف ومي زيادة. سجلت نبوية موسى حياتها أولا في صورة مذكرات نشرتها في مجلة الفتاة عام 1937، ثم جمعتها بعد ذلك في كتاب حمل عنوان "تاريخي بقلمي"، قامت فيه بسرد ذكرياتها حسب تاريخ حدوثها، عبرت فيه عما تكبدته من مشاق في سبيل تعليمها وعملها. وكانت في عام 1920 قد نشرت كتابها "المرأة و العمل" طالبت فيه بحق المرأة المطلق في العلم والعمل، وبمساواتها الكاملة مع الرجل. ومنذ ذلك الحين شاركت في الحركة النسائية المصرية التي تزعمتها السيدة هدى شعراوي. يشتمل الكتاب على عدة محاور أساسية، هى: المحور الأول: المرأة وتقدم الأمم، وتتحدث الكاتبة هنا عن وضع المرأة في جميع الأمم، وتربط بين تقدم الأمم وتخلفها بوضع المرأة فيها. المحور الثاني: تعقد فيه نبوية موسى مقارنة بين المرأة العربية والمرأة الأوروبية قديما وحديثا. لتحاول الإجابة على سؤال ما إذا كان التخلف الذي أصاب المرأة العربية قديم أم أمر مستجد عليها؟ المحور الثالث: في هذا الجزء تناقش مسألة دعوة احتجاب المرأة في المنزل، وترى أن في هذه الدعوة مخالفة صريحة لتعاليم الدين الإسلامي. كما تعرض أراء التيارين الفكريين الرئيسيين في هذه المسألة، التيار التقليدي المحافظ، والتيار الليبرالي. المحور الرابع: وتناقش فيه قضية مساواة المرأة بالرجل. المحور الخامس: وهو عن تعليم المرأة، تعلن فيه نبوية موسى رفضها لمناهج التدريس الموضوعة لتعليم البنات، والتي اقتصرت في أغلبها على تعليمها القراءة والكتابة بجانب التدبير المنزلي وفنون التطريز. المحور السادس: وتناقش فيه قضية عمل المرأة، باعتبارها من القضايا المستحدثة في العالمين الغربي والعربي على حد سواء في ذلك الحين. وتعرض الكاتبة حجج المعارضين لعمل المرأة، وتقسم دوافعهم إلى دوافع دينية واقتصادية واجتماعية. يذكر أن الكتاب من تقديم الدكتورة منى أبو زيد أستاذة الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب جامعة حلوان.