في زيارة وصفها الأشقاء السودانيين علي مختلف أطيافهم السياسية والعلمية والشعبية ب " التاريخية " ووسط أجواء احتفالية بعلماء مصر والأزهر الشريف ومفتي الجمهورية احتشد آلاف العلماء وأئمة المساجد والوعاظ وأعداد غفيرة من المواطنين السودانيين بقاعة الصداقة الكبري بالخرطوم وبحضور ما يزيد علي ألفي شخص، من كبار القيادات الدينية بالخرطوم ونائب رئيس الجمهورية السوداني وعدد من وزراء الحكومة السودانية وسفراء الدول العربية والإسلامية وأعضاء مجمع الفقه الإسلامي السوداني وهيئة علماء السودان وجامعة القرآن الكريم وجامعة أفريقيا العالمية ألقي الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أول أمس محاضرة بعنوان "منهج الإفتاء المعاصر الواقع والمأمول، " طالب فيها الأخوة السودانيين إلي عدم أخذ الفتوي من غير المتخصصين المستوفين لشروط الإفتاء وأركانه الثلاثة وهي إدراك المفتي للمصادر الشرعية، والواقع المعيش، والقدرة علي الجمع بينهما. وأوضح أنه لا يجوز أن يفتي إلا من تتحقق فيه الشروط المقررة في مواطنها، وهي العلم بكتاب الله تعالي وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، وبمواطن الإجماع والخلاف، والمعرفة بالمذاهب وأصول الفقه ومبادئه وقواعده ومقاصد الشريعة، والعلوم المساعدة ومنها النحو والصرف والبلاغة واللغة والمنطق. وقال د علي جمعة إن علي المفتي معرفة أحوال الناس وأعرافهم، وأوضاع العصر ومستجداته، ومراعاة تغيرها، والرجوع إلي أهل الخبرة في التخصصات المختلفة؛ لتصور المسألة المسئول عنها، كالمسائل الطبية والاقتصادية ونحوها وأنه علي المفتي أن يكون مخلصا لله تعالي في فتواه، ذا وقار، عارفا بما حوله من أوضاع، ملتزما بما يفتي به من فعل وترك، بعيدا عن مواطن الريب، متأنيًا في جوابه عند المتشابهات، وأن يشاور غيره من أهل العلم، مداومًا علي القراءة والاطلاع، أمينًا علي أسرار الناس. وكان الدكتور أحمد علي الإمام مستشار الرئيس السوداني نيابة عن رئيس الجمهورية السودانية والدكتور الأزهري التيجاني وزير الأوقاف والإرشاد في استقبال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية يوم الاثنين الماضي في مطار الخرطوم الدولي وأكد المفتي في المؤتمر الصحفي الذي عقده في مطار الخرطوم فور وصوله للخرطوم، مع عدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام، المحلية والعالمية والعربية أن التواصل والتنسيق والتشاور بين المؤسسة الدينية الإسلامية ممثلة في مجمع الفقه الإسلامي، ووزارة الأوقاف والإرشاد وبين دار الإفتاء المصرية، أمر في غاية الأهمية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تكتنف الحياة المعاصرة، وأن الزيارة تأتي تأكيدا علي عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين، المصري والسوداني وفي إطار التعاون والتشاور المستمر بين البلدين. وفي لقاء موسع مع ممثلي وسائل الإعلام السودانية والعربية والعالمية بمقر إقامته بالخرطوم شن مفتي الجمهورية هجوما عنيفا علي الإرهاب والتطرف ومعتقديه أكد فيه أن أحداث الإسكندرية الأخيرة إرهابية وجريمة شنيعة استهدفت إشعال نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد مشيرا إلي أن الإرهاب والتشدد والتطرف لم ولن ينتصر أمام الإرادة الوطنية الصلبة للشعوب وأنه يمشي في طريق مسدود ولن يؤت ثماره أبدا ما دامت الأمة علي تماسكها ووحدتها. كما اشاد رئيس مجمع الفقه السوداني ومستشار رئيس الجمهورية بدورد علي جمعة المؤثر والفعال الذي قام به لتطوير دار الإفتاء والخدمات المقدمة لطالبي الفتوي و بيان الرأي الشرعي.. وعرض المفتي خلال اللقاء تجربة دار الإفتاء المصرية والتطور المؤسسي الهائل الذي حدث فيها، من إنشاء موقع إلكتروني متميز ومركز اتصالات وكذلك في أمانة الفتوي، وإدارة الحساب الشرعي وأخري للتدريب مؤكدا علي أهمية التنسيق والتكامل بين مجمع الفقه الإسلامي ودار الإفتاء واتفق الطرفان خلال الاجتماع علي توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم تشمل تبادل الأبحاث العلمية والمنشورات الفقهية، وتشمل كذلك التنسيق في مجال فتاوي الأمة، وعقد مؤتمرات مشتركة في قضايا فقهية معاصرة. كما ألقي المفتي محاضرة في جامعة القرآن الكريم بأم درمان حول مكونات العقل المسلم، أكد فيها ضرورة مراعاة تحقيق أمور كثيرة منها مراعاة المصالح ومنها أهمية التوثيق في الحياة المعاصرة و مراعاة مقاصد الشريعة والقواعد الفقهية الحاكمة إلي آخره من الأمور التي تكون العقل المسلم. وبحضور ما يقرب من ألف وخمسمائة شخص واكتظت القاعة بهم، وحضور خمسمائة آخرون وقوفا علي أقدامهم، اجتمع مفتي الجمهورية بالعلماء وأئمة المساجد في الخرطوم العاصمة وألقي محاضرة حول الأقليات ومحاربة الغلو والتطرف .. وأكد فيها علي أهمية تأكيد وتحقيق مفهوم المواطنة الذي يمثل الحقوق والواجبات المتداولة بين أفراد المجتمع الواحد، بصرف النظر عن الاعتبارات الإثنية أو العرقية أو الدينية، مؤكدا أن الإسلام نهي عن الغلو والتطرف وأن تعاليم الإسلام كلها تدعو إلي السماحة والتعايش مع الآخر. وفي لقاء مع نائب رئيس الجمهورية السودانية السيد علي عثمان طه بمكتبه بالأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس بالخرطوم أطلع مفتي الجمهورية نائب رئيس الجمهورية علي الجهود التي تقوم بها دار الإفتاء المصرية ومجمع الفقه الإسلامي في توحيد الفتاوي المتعلقة بالأمة الإسلامية فضلا عن التعاون بينهما في مجال تبادل الخبرات والمشاريع العلمية وصرح المفتي عقب اللقاء أنه أطلع نائب رئيس الجمهورية علي برنامج زيارته للبلاد مبينا أنها تأتي في إطار العلاقات الوثيقة بين السودان ومصر مشيرا إلي أنه زار دار مصحف أفريقيا حيث وقف علي تجربة السودان في هذا الصدد وأوضح أن الأزهر الشريف يعتزم القيام بعمل مماثل لرعاية المصحف الشريف مستفيدا من تجربة السودان ، وأضاف أن تواصل زياراته للسودان ستكون فرصة لبناء جسور قوية بين أجهزة العمل الإسلامي في البلدين . ويختتم الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ااجتماعاته ولقاءاته خلال زيارته للسودان التي استمرت علي مدي الخمسة أيام الماضية بإلقاء الخطبة يوم الجمعة في مسجد النور أكبر مساجد الخرطوم العاصمة والتي سيحضرها الرئيس السوداني عمر البشير لصلاة الجمعة وسيلقي المفتي الخطبة عن مفهوم الوحدة في الإسلام.