الأمني في مصر هادئ ولا توجد أية مخاطر أو تهديدات أمنية محتملة، حتي جمعة 28 نوفمبر التي دعت لها الجبهة السلفية وما تلاها من احتجاجات رافضة لحكم براءة الرئيس الأسبق حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين، كلها مرت بهدوء دون ان تكون هناك اية تهديدات لأي من المنشآت ودون أن تنتفض أيا من السفارات الأجنبية بالقاهرة لتحذر رعاياها في القاهرة من هجمات إرهابية محتملة في مصر، كما أنها لم ترفع مستوي التحذير أو المخاطر إلي درجة إغلاق السفارات، مثلما حدث أمس واليوم من سفارتي بريطانيا وكندا اللتين أعلنتا وقف تقديم خدماتهما للجمهور، لأسباب أمنية، وللحفاظ علي سلامة وأمن العاملين في السفاراتين.بالأضافة لتحذير السفارة السويسرية لرعاياها من السفر لبعض الأماكن في مصر او التواجد امام مقار السفارات الأجنبية او الأماكن السياحية فما هو المغذي وراء قرارات غلق السفارات وتوقيتها الحالي الأمر إذن يحتاج إلي التدقيق، خاصة إذا لم يكن قرار غلق السفارة أو رفع مستوي التحذيرات لرعايا الدول الأجنبية مقترنا بظروف أمنية سيئة، أو مضطربة مثلما حاولت هذه السفارات الإيحاء به، مع العلم بأن هذه السفارات حتي في فترة الانفلات الأمني خلال ثورة 25 يناير لم تغلق أبوابها مثلما فعلت اليوم، وهو ما يطرح تساؤلاً حول هدف وجدوي هذه القرارات والتحذيرات من سفارات دول كبري مثل بريطانيا وكندا، في حين أن سفارات دول أخري ربما هي الأكثر عرضة لتهديدات أمنية وإرهابية لم تأخذ نفس المسلك مثل السفارة الأمريكية المجاورة للبريطانية في منطقة جاردن سيتي بوسط القاهرة. وهنا يدور تساؤل كبير عن مغزي البيانات المتتالية الصادرة عن هذه السفارات، وماهو الهدف من ورائها فالتفاوض بين هؤلاء السفارات والجهات الأمنية يدور حول محور واحد وهو زيادة التعزيزات الأمنية لفترة معينة، وصولاً للهدف الذي تنشده هذه السفارات وهو عودة الوضع الذي كان قائماً قبل ثورة 25 يناير بغلق عدد من الشوارع المحيطة بها، وهو الإجراء الأمني الذي ألغي بصدور حكم قضائي التزمت به الأجهزة الأمنية ونفذته، لكن هذه السفارات تحاول اليوم جاهدة باستخدام كل السبل والوسائل التي تصل بها إلي هدفها بزيادة التمركزات الأمنية حول مبانيها وغلق عدد من الشوارع المحيطة بها، أو بمعني أصح تحويل المنطقة المتواجد بها هذه السفارات إلي ثكنات عسكرية لا يدخلها إلا المسموح لهم من جانب السفارة الهدف واضح والتوقيت أختير بعناية شديدة، فمصر مقبلة علي موسم سياحي تستقطب من خلاله أعداد كبيرة من رعايا هذه الدول الراغبين في قضاء إجازة الكريسماس في مصر، كما أن القاهرة تعد الآن لمؤتمر اقتصادي دولي تشرح من خلاله الفرص الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين الأجانب، لذلك لن تجد هذه السفارات توقيتا أفضل من ذلك لكي تبتز السلطات المصرية، فاستمرار التحذيرات لرعاياها من السفر إلي مصر، وغلق سفارتها سيعطي رسالة للعالم بأن مصر غير مهيئة أمنيا، لاستقبال السياح والاستثمارات وتأمين زوارها، وهو ما سيدفع السلطات المصرية إلي تقديم التنازلات لسفارات هذه الدول. هذه هي خطة الابتزاز وهو ما بدا واضحا في المفاوضات بين الأجهزة الأمنية والسفارات الأجنبية بالقاهرة بوجود ممثلين عن وزارة الخارجية الذين حاولوا جاهدين أثناء هذه السفارات عن قراراتها لكن دون جدوي، فتوصل دبلوماسيونا إلي أننا أمام ابتزاز يهدف إلي الضغط علي مصر، لتقديم تنازلات أمنية.