أيام معدودة تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية التونسية التي ستجري يوم الثالث والعشرين من نوفمبر الجاري 2014، وكانت الجمهورية التونسية قد قطعت شوطا كبيرا بعد ثورتها لاستكمال بنود المرحلة الانتقالية التي بدأت بإعداد الدستور والاستفتاء عليه، ثم إجراء الانتخابات البرلمانية مؤخرا لتبقي الانتخابات الرئاسية التي تقدم لها ولأول مرة 27 مرشحا أوفرهم حظا حسب آخر استطلاعات للرأي أجريت في تونس هو الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس حزب يمين الوسط الذي حصل علي 86 مقعدا برلمانيا ومحققا المركز الأول علي حزب النهضة الإسلامي الذي شهد تراجعا كبيرا بعد أن شعر التونسيون بالخوف علي بلدهم من تأثير هذا الحزب وبدءوا في تصحيح مسار ثورتهم والاتجاه نحو الديمقراطية والأحزاب الليبرالية لإعادة تونس إلي الوجهة التي تستحقها وسط بلدان العالم، يليه المنصف المرزوقي الرئيس التونسي المنتهية ولايته، والمنصف المرزوقي يعتبر حقوقيا ومعارضا سابقا وكان قد عاش في المنفي فترة حكم بن علي ومؤسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وقد انتخبه المجلس الوطني التأسيسي بعد انتخابات أكتوبر عام 2011 رئيسا لتونس بصلاحيات محدودة مقابل صلاحيات أكبر لرئيس الحكومة، وقد شهدت تونس في عهده تراجعا كبيرا علي المستوي الإقليمي والدولي مما انعكس بالسلب علي الاقتصاد والسياسة الخارجية التونسية، ويعتبر من المقربين والمحسوبين علي حزب النهضة ويعول كثيرا علي أصوات الحزب الذي لم يرشح أحدا من قياداته للانتخابات الرئاسية، من أبرز المرشحين أيضا سليم الرجاحي 42 عاما وهو رجل أعمال ثري ويرأس النادي الأفريقي لكرة القدم ورئيس حزب الاتحاد الوطني الذي حصل علي المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية مؤخرا، ثم الشخصية السياسية المرموقة علي الساحة السياسية التونسية حمي الهمامي الذي يعتبر من أبرز المعارضين السياسيين للرئيس بورقيبة، وكذلك الرئيس المخلوع بن علي الذي زج به في السجن في عهده، وهو قيادي بارز في الجبهة الشعبية التي حصلت علي المركز الرابع في الانتخابات البرلمانية كما يعتبر معارضا قويا للغنوشي، أيضا كمال مرجان وهو آخر وزير خارجية في عهد بن علي، وامرأة واحدة هي القاضية كلثوم كنزو التي تعتبر من أكثر المناضلين عن استقلال القضاء في عهد بن علي، وقد ترأست جمعية القضاة التونسية بعد الثورة ولا تنتمي لأي حزب سياسي، إضافة إلي عدد آخر من بعض الوزراء السابقين المحسوبين علي عهد الرئيس بورقيبة وعهد بن علي، ليبقي الباجي قائد السبسي 88 عاما هو المرشح الأوفر حظا للفوز بالعهد الرئاسي لتونس بعد الثورة فمن هو الباجي السبسي؟؟ هو الباجي قائد السبسي أو محمد بن حسونة قائد السبسي المولود في سيدي بوسعيد شمال تونس العاصمة في 26 نوفمبر 1926، درس القانون في فرنسا وعمل بالمحاماة ثم بالعمل السياسي، ففي عام 1963 وبعد الاستقلال عمل كمستشار للرئيس بورقيبة ثم مدير لإدارة الشرطة ثم وزيرا للداخلية وبعدها وزيرا للدفاع وسفيرا لتونس في باريس، ووزيرا للخارجية عام 1981 وكان قد أدان في حينه الغارة الجوية التي استهدفت منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط بتونس أمام مجلس الأمن، ثم سفيرا لتونس في ألمانياالغربية، وتولي رئاسة مجلس النواب ما بين عام 1990، 1991، ثم رئيسا للوزراء بعد الثورة في 27 فبراير 2011 وحتي ديسمبر من العام نفسه، كان قد ألف كتابا شهيرا ثم نشره عام 2009 بعنوان ' البذرة الصالحة والزؤام ' سرد فيه تجربته مع الرئيس بورقيبة الذي حكم تونس من 1956 حتي 1987، ويعتبر الباجي قائد السبسي من أكثر المعارضين والمنتقدين لحزب النهضة والغنوشي، وقد وصف النهضة بالرجعية والتشدد والظلامية، ويقول: رشحت نفسي من أجل إعادة تونس إلي القرن الحادي والعشرين بثوب جديد تستحقه، وقد بدأ حملته الانتخابية أوائل نوفمبر الجاري من روضة آل بورقيبة بشعار تحيا تونس، كما يعتبر الباجي من رموز الراحل بورقيبة، وكان قد صرح في أحد لقاءاته مع فرانس برس بأنه يتحلي بالحكمة الكافية التي تجعله يتخلي عن الأمور السلبية والأخذ فقط بالأمور الإيجابية ويؤيد كشف الحقيقة ويعارض تصفية الحسابات وينظر نحو المستقبل الذي ترنو إليه تونس والتونسيون، كما أبدي استعداده للمثول أمام القضاء بخصوص اتهام خصومه له بدوره السلطوي في عهد حكم الرئيس الراحل بورقيبة تتعلق بقضايا التعذيب عندما كان وزيرا للداخلية، وفوق كل ذلك يركز الباجي قائد السبسي علي إعادة تونس إلي الواجهة في القرن الحادي والعشرون علي نحو تستحقه والعمل علي انتشالها من قبضة أحزاب التشدد والظلامية ولذلك فإنه من الأرجح أن يكون السبسي هو رئيس تونس القادم.