استعرض مجلس نقابة الصحفيين في اجتماعه مساء اليوم، وقائع وتحركات ومحاولات مريبة ومثيرة للقلق شهدها الوسط الصحفي والإعلامي مؤخرًا، تشي بسعي بعض رجال الأعمال للهيمنة علي الإعلام الوطني وإفقاده استقلاله، وإسقاطه في براثن الاحتكار المحظور بنصوص دستورية وقانونية صريحة وقاطعة. ويلفت المجلس النظر إلي أن هذه المحاولات البائسة بلغت ذروة الخطر في الدعوة التي جري توجيهها، أول، من أمس 'السبت'، لعدد من الزملاء رؤساء تحرير الصحف الخاصة للاجتماع في مقر إحدي هذه الصحف، بحجة البحث في موضوع تأسيس وإنشاء غرفة لصناعة الصحافة يتم تسجيلها في اتحاد الصناعات، علي غرار ما تم في خصوص غرفة صناعة الإعلام المرئي 'تحت التأسيس'. وقد لاحظ مجلس النقابة في هذه الدعوة الغريبة المريبة، الآتي: أولًا: إنها تقحم الصحفيين في أمر لاعلاقة لهم به، وإنما هو يخص ملاك الصحف وحدهم، وفي هذا خلط مريب وخطير بين فئتين مختلفتين تمامًا 'الصحفيون والملاك'، إذ يحظر القانون علي الصحفي أن يكون مالكًا أو مساهمًا في ملكية أي صحيفة 'مادة رقم 5 الفقرة 'أ' من قانون نقابة الصحفيين 76 لسنة 1970'. ثانيًا: إن الدعوة المريبة تلك تجاهلت حقيقة أن أكبر وأهم صناع الصحف في مصر، حتي الآن، هي المؤسسات الصحفية القومية، ومن ثم لايمكن البحث في شئ يخص مستقبل هذه الصحافة، بما في ذلك تأسيس غرفة تجمع الصانعين، في غياب من يمثل إدارة هذه المؤسسات العملاقة. ثالثًا: كما أن هذه الدعوة بموضوعها وسياقها تبدو محاولة خبيثة لايمكن السكوت عليها، لشق صف الصحفيين والتمييز بينهم علي أساس نوع ملكية الصحف التي يعملون فيها، ومن ثم تقسيمهم بين عاملين في صحف خاصة، وقومية، وحزبية إلخ. فضلا عن تجاهل حقيقة أن الصحفي المصري حصل منذ زمن بعيد علي حقه في تنظيم نقابي ديموقراطي مستقل، هو نقابة الصحفيين التي تحمل فوق كاهلها تاريخ طويل ومشرف من النضال من أجل أن يتمتع الشعب المصري بصحافة حرة ومستقلة ومحمية من هيمنة أي سلطة أو جماعة، أو سطوة وتوحش رأس المال. رابعًا: إن عددًا من الزملاء رؤساء التحرير الذين لبوا الدعوة المذكورة وحضروا الاجتماع، عبروا بوضوح وحسم عن تحفظهم ورفضهم أن يتم إقحامهم في أمر لا يخص الصحفيين، ولا يتطابق مع نصوص ومبادئ الدستور والقانون. ورفض هؤلاء الزملاء التوقيع علي البيان الذي صدر عن الاجتماع، وهم يستحقون التحية وتثمين موقفهم المبدئي الشجاع. وفي المقابل يقف عدد من الصحفيين أعضاء النقابة في خانة المتبني والمدافع عن تلك التحركات المشبوهة، وهو ما لا يمكن للنقابة السكوت عنه، خصوصا وأن التمسك بهذا المسلك يفقد صاحبه شرطًا جوهريًا من شروط العضوية في نقابة الصحفيين وممارسة المهنة. وأخيرًا، فإن مجلس نقابة الصحفيين، ومن أمامه وخلفه جميع أعضاء الجمعية العمومية، يؤكدون أن النقابة التي طالما خاضت معارك شرسة دفاعًا عن المهنة، وعن حرية الصحافة والحريات عمومًا في هذا الوطن، لن تسمح لمن يقفون وراء هذه الهجمة الجديدة، المتهورة والمغرورة، علي الصحافة والإعلام المصري، بأن يحققوا أهدافهم الخبيثة. كما يحذر مجلس النقابة بعض الأطراف في الحكومة من مغبة الصمت الذي يصل إلي حد التواطؤ، مع رجال الأعمال المشار إليهم، لاسيما وأنهم باتوا يتمتعون الآن، وبدون مناسبة، باهتمام وتدليل علني يثيران الكثير من علامات الاستفهام والتعجب.