تؤكد منظمة اليونسيف في تقريرلها هذا الأسبوع، أن أكثر من 700 مليون فتاة علي مستوي العالم يتم تزويجهن قسراً. وهناك بعض الأمثلة التي تمكنت الدراسة من رصدها في بعض المؤسسات التي تهتم بحقوق المرأة ببرلين، والتي غالباً ما تحرص علي عدم الإعلان عن البيانات الشخصية لمثل هؤلاء الضحايا، إضافة إلي أن المواطنين من المنطقة العربية 'لا يرغبون في الإعلان عن مشاكلهم، حسب ما ذكرت إحدي الموظفات في جمعية نسائية في برلين. ومن هذه الحالات ليلي 'اسم مستعار' شابة عربية تقترب من العشرينات من العمر، اختارت الهرب من بيت أسرتها وتزوجت شخصا تحبه، بعد أن حاول الوالدين تزويجها قسراً بأحد أقاربها في الوطن الأم. أما حليمة 'اسم مستعار' والتي تجاوزت الثلاثين من العمر فقد حصلت أخيرا علي الطلاق من زوجها الذي تزوجته قسراً وعانت كثيراً خلال فترة زواجها، وبالنسبة لرشيد 'اسم مستعار' الذي يبلغ خمسة وعشرين عاماً من العمر، فلم يعد يسافر مع والديه إلي الوطن الأم بسبب رغبة والديه في تزويجه بفتاة من عائلته. وفي ألمانيا يمنع القانون الزواج القسري، غير أن بعض العائلات تتحايل عليه، حيث لا يتم التبليغ عن تلك الحالات بسبب ضغوطات عائلية. في برلين يتم تسجيل أعلي نسب مقارنة بالمدن الألمانية الأخري. في هذا السياق تقول الباحثة الألمانية من أصول مغربية السيدة 'صورية موقيت' 'قبل ثلاث سنوات قام الباحث الألماني 'رالف غارمان' بدراسة في موضوع الزواج لدي العرب المقيمين في برلين وبالضبط في أوساط لبنانية، وتوصل إلي وجود ظاهرة الزواج المدبر أو المتفق عليه. ويرجع السبب في ذلك بحسب 'موقيت' إلي 'رغبة الأولياء في تزويج بناتهم وأولادهم بأشخاص من نفس الوطن والثقافة'. وبذلك يشكل الزواج القسري، حسب رأيها ' ظاهرة ثقافية موجودة في مجتمعات أخري كأوروبا الشرقية وآسيا، وهي ليست ظاهرة دينية بالدرجة الأولي. يفرق الباحثون بين الزواج القسري والزواج الذي يتم من خلال تكليف أحد الأقارب بالبحث عن زوج أوزوجة من طرف الراغب في الزواج 'زواج الصالونات'، حيث توضح 'موقيت' أن 'الزواج المتفق عليه بين عائلتين يوجد أيضاً في المجتمعات الأوروبية المتقدمة، غير أن الزواج القسري يرتبط أساسا بالمجتمعات الأبوية التي تقصي المرأة '، وتضيف موقيت أن هذا الشكل من الزواج لا يقتصر علي المجتمعات العربية والإسلامية بل يوجد أيضاً في مجتمعات مسيحية وبوذية وهندوسية، حيث ترتبط هذه الظاهرة بالثقافة وليس بالدين. تؤكد 'موقيت' علي أن بالرغم من وجود أسباب ثقافية وإجتماعية كثيرة تدفع بالأولياء إلي فرض مواقفهم علي أبنائهم وبناتهم في قرار الزواج، إلا أن المستوي التعليمي للأولياء يلعب في ذلك دورا أساسياً، 'فكلما ضعف المستوي التعليمي للأولياء والأبناء، كانت نسبة الزواج القسري مرتفعة'. وكما هو حال ليلي التي هربت من بيت أسرتها وطلاق حنان، وامتناع رشيد عن زيارة أهله في الوطن الأم، فإن عواقب الزواج القسري تتجلي في حدوث عكس ما يأمله أولياء الأمور في العائلات، يضاف إلي ذلك أن حالات الزواج القسري، حسب الباحثة موقيت 'تترتب عنها اضطرابات نفسية وحالات عنف أسري، تنعكس سلبا علي الزوجين وعلي الأولاد، وإذا حصل الطلاق تصبح الأمور أكثر تعقيدا'.