يومًا بعد يوم.. يتأكد لدي الغالبية من الشعب المصري.. أن الرئيس 'عبد الفتاح السيسي' صادق فيما يقول.. تحدوه الرغبة الحقيقية والأمينة.. في إصلاح ما أفسده الدهر أو بالأحري ما أفسده رؤساء سابقون بمصرنا الحبيبة! لعله يؤم بأن أقصر الطرق بين قلوب المحبين والعاشقين لأوطانهم هو الخط المستقيم.. حيث المكاشفة والصراحة، حيث لا تعتيم ولا مناورة، ولا سكوت، ولف ودوران وألعاب الحواة!! أو ما أعطيه باليمين آخذه بالشمال.. ولا للغش والفساد.. والإجراءات التعسفية والاستغلال! وقد عاني الشعب المصري، مُرّ المعاناة من تلك الإجراءات السابقة، بحيث صارت لا تنطلي عليه، بعد أن مر عليه مجموعة من الرؤساء لم يتلاعبوا بالمعاني والاسماء والقوانين فحسب، وإنما تلاعبوا بمصائر الشعب المصري.. حيث صارت أوضاعنا لا تسُر عدوًا ولا حبيبًا!!. ولاتزال صفحة التاريخ مفتوحة.. ولم تقفل وتحدد النهايات المستحقة بعد!! رغم ذلك فإن الشعب المصري في أغلبيته تركهم خلف ظهره، وولي وجهه شطر المستقبل، ومع رئيس جديد منتخب 'السيسي' عله يحقق معه غدًا أفضل، أكثر عدلاً وحرية وكرامة. ومن هنا استقبل أغلبية الشعب المصري دعوة رئيسه الجديد 'السيسي' بالتبرع طوعًا لدعم العجز في الموازنة المصرية باهتمام بالغ، وبتقدير لشخصه رفعه إلي القدوة الحقيقية المفتقدة، وإلي المثال الذي ينبغي الاحتذاء بأفعاله المتطابقة مع أقواله.. وهو يعلن أنه يبدأ بنفسه.. ويتبرع بنصف راتبه الشهري '21 ألف جنيه'.. وبنصف ثروته التي ورثها عن أبيه والتي لم نعرف حجمها بعد.. وهو يؤكد أن العجز بلغ من الخطورة بحيث لا يمكن السكون عليه، رغم كونه إرثًا من عهود الفساد السابقة.. لكنه يسطو علي الحاضر وينال من حقوق الأجيال القادمة التي يشفق عليها 'السيسي'.. بعد أن تجاوز الدين ال 2 تريليون جنيه.. فماذا نحن فاعلون؟! هل نتسول.. وقد رفض تلك التسمية بشدة الرئيس 'السيسي'.. وأغلب الظن أنه فاجأ الجميع بهذا النداء.. وبالتالي أطلق تلك الدعوة للتطوع والتي جاءت عبر مقطع صغير من كلمة ألقاها في حفل تخريج دفعة جديدة من ضباط الكلية الحربية، لكنها بالقطع لا تخلو من دلالة.. لجنود الوطن وحراسه من القوات المسلحة وللشعب المصري علي السواء.. وإن كان الرئيس استثني غير القادرين وحدد في خطابه القادرين، أو بالأحري هؤلاء الذين شفطوا خيرات البلد وعرق فقرائها وكونوا ثروات طائلة في غفلة من الزمن وفي ظل أزمنة من الفساد والنهب العام المنظم!! وكله من قوت الشعب الفقير، بحيث صار لدينا 8 من رجال الأعمال يأتون علي قمة أغني أغنياء العالم. فقد بلغ مجموع ثروتهم 2203 مليارات جنيه.. بينما 50% من الشعب المصري البالغ الآن ما يربو علي 90 مليون.. يعيشون تحت خط الفقر!! علي أية حال الأكثرية التي هرولت تلبي الدعوة دون سفسطة أو تذبذب من تفكير.. كانت النماذج التي يطلق عليها محدودة الدخل أو الفقيرة.. وتبرعها الرمزي ينم عن أصالة هذا الشعب.. وعلي أنه كان مفتقدًا للقدوة والمثال، وعندما عثر عليه.. لبي طلبه.. حتي لو جاء من احتياجاته الأساسية! علي أن هناك نوعًا آخر من المصريين يُعد بالآلاف ينطبق عليه المثل القائل 'من اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي' فرغم كونه يري في الدعوة.. نبلاً وكرمًا.. إلا أنه يطالب بأن يمتد الخيط إلي آخره.. كيّ لا يعيد استنساخ التاريخ من معونة شتاء، ومن دعوات الشيخ 'حسان' في زمن الإخوان الغابر والتي لم يعرف الشعب عنها شيئًا!! لذلك يطالب بالشفافية التامة، وبالمعلومات الموثقة بالأرقام، فمن يتبرع لابد من أن يعلن الرقم الموثق من قبل الجهة التي يتوجه إليها. ثم هو يطالب بالقوانين الحازمة التي تأخذ من الغني ولا تأتي علي حقوق الفقير الذي في احتياج إلي تغيير أوضاعه بعد أن فاقمت الثلاث سنوات الماضية من أوضاع الفقراء بعامة.. إنه يطالب بالحد الأقصي والحد الأدني للأجور، وبالضرائب التصاعدية، وبإلغاء استيراد السلع الاستفزازية، ومحاربة الفساد، وبعدم المساس بالدعم الخاص بالفقراء لأنهم لا يستطيعون تحمل ما لا يطيقون. وعندما يقول 'السيسي': 'طب أنا ليه ما كلمش المصريين.. لازم أتعامل معكم بكل صراحة'.. فإن أصوات معظم المصريين تبادله صراحة بصراحة يا ريس.. إن لدينا من رجال الأعمال من ينطبق عليهم المثل القائل 'يخاف ما يختشيش' 'فلا ينفع ولا يجدي معه.. تلك الاشارات والرسائل النبيلة التي ترسلها تجاهه! إن لم تأخذ الحقوق بسيف القانون.. فلن يعتدل الميزان.. فكيف لنا أن نقارن علي سبيل المثال.. موقف الجيش الذي تجلي في إعلان وزير الدفاع تبرعه بمليار جنيه لدعم الاقتصاد.. وأحد الميليارديرات ودعمه ب5 ملايين جنيه فهل هذا الأمر يصدق؟. خاصة أن ذاك الرجل كان قد دفع لطليقته 15 مليون جنيه حتي يضمن سكوتها وهي إحدي نجمات لبنان!! فما أحوجنا إلي القوانين.. وإلي الشفافية في الكشف عن الثروات المهربة والثروات المنسوبة زورًا لأصحابها بعد أن جرفوا الاقتصاد.. واستنزفوا خيرات البلد! ما أحوجنا إلي المشاركة الشعبية والمراقبة الفعالة التي تنشط دفاعًا عن مكتسبات هذا الشعب.. وعن حقوقه التي أهدرت عبر سنين طوال.. ما أحوجنا إلي تطبيق القوانين التي تحقق العدالة الاجتماعية حتي لا يختل ميزان العدل. بل يستقيم من أجل مصر. ويا سيادة الرئيس.. لك جزيل الشكر.. فقد أعطينا المثل والنموذج.. ودفعتنا إلي تأمل القدوة الاخلاقية والخلاقة.. وهي خطوة ضرورية علي طريق الاصلاح الاجتماعي الاقتصادي السياسي الطويل.. الذي ينبغي أن يؤسس علي القوانين النافذة لإحقاق العدل الاجتماعي، والنهوض بالأمة والاقتصاد والمجتمع ككل.