هذا وصف أطلقه الإخواني التائب الأستاذ ثروت الخرباوي علي الدكتور عبد الرحمن البر، أستاذ علم الحديث بجامعة الأزهر الشريف وعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية المحظورة.. وعلي الرغم من أن هذا الوصف أُطلق علي الدكتور البرّ لانحياز فتاواه إلي جماعته، فقد اكتسبه واستحقه كثير من العلماء ممن هم علي شاكلته، لأنهم يوظفون علمهم الديني لخدمة أغراض جماعة الإخوان المسلمين التي تصطبغ أهدافها السياسية بالصبغة الدينية منذ نشأتها. لقد أصبح هؤلاء المفتون السياسيون ماكينة فتاوي دعائية سياسية لا تراعي للدين ولا لدماء المسلمين حرمة ولا قداسة.. ألم يُفتوا قبل 30 يونية 2013 بإهدار دماء من سيخرجون للتظاهر ضد حكم الدكتور محمد مرسي وجماعته؟ بلي، وأفتوا كذلك ببطلان محاكمته بعد عزله.. ألم يشرعنوا القتل باسم الدين ويحرضوا ضد أصحاب المذاهب الأخري 'الشيعة'؟ بلي، واستخدموا سلاح الفتاوي لإرهاب الخصوم السياسيين والتخلص منهم، فأفتوا بإهدار دم المشير عبد الفتاح السيسي باعتباره مرتدًا عن الإسلام'!!'.. هكذا صار الدين بكل حمولاته المقدسة، ومبادئه السامية، خادمًا للأهواء السياسية، التي شوهته وأفقدته روح الأخوة والتسامح، والرفيف الإنساني النادر، الذي استحق به أن يكون خاتمة رسالات السماء إلي الأرض. ومنذ أيام قليلة 'الجمعة 9 مايو 2014' خرج علينا الدكتور عبد الرحمن البر ببيان 'إلي الثوار الأحرار.. من أعطي الذلة من نفسه طائعًا غير مكره فليس منا'، نشره علي موقع إخوان أون لاين، الموقع الرسمي لجماعة الإخوان الإرهابية المحظورة. وهو بيان ملأه صاحبه بالتحريض علي الفوضي واستمرار العنف والإرهاب تحت راية 'الجهاد'، وذكر فيه كثيرًا من وقائع التاريخ، التي انتقاها لتعضد مسعاه، وتخدم أغراضه، وتدعم وجهة نظره.. ونقتبس من بيان الدكتور عبد الرحمن البر قوله: 'وقد اعتبر الإسلام انتصاب المسلم للدفاع عن نفسه أمام من يطمع في ماله أو يعتدي علي عرضه جهادًا في سبيل الله، وليس دفاعًا عن الحق الشخصي فقط، بل إقرارًا للحقوق العامة والمثل العالية، ووصف المسلمين بأنهم 'إذا أصابهم البغي هم ينتصرون'، ومن ثم فإن موت المسلم دون حقه شهادة.. 'أ.ه. وكلام الدكتور البرّ، السابق، صحيح في عمومه، ويعد جهادًا حقًا ولكن في حالة الاعتداء الخارجي من دول طامعة معتدية، تريد اغتصاب الأرض، وانتهاك العرض.. ولكن كلامه لا يصح ولا يصدق عندما يريد أن يسبغ الشرعية الجهادية علي أعمال العنف والإرهاب التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها في الداخل والخارج لكسر الدولة، واسترداد حكم رفضه الناس ونبذوه، وخرجوا عليه بالملايين في 30 يونية 2013. وخطورة البيان الذي أصدره الدكتور البرّ، تكمن في سياقه وتوقيته، خاصة أن البلاد توشك علي القفز من عنق الزجاجة، إن لم تكن قد قفزت بالفعل، بعد أن أهلت بشائر الانتخابات الرئاسية بين المشير السيسي والأستاذ حمدين صباحي، وخروج المصريين في الخارج للمشاركة فيها بشكل كثيف وغير مسبوق.. وهو ما يحاول مفتي الإخوان عرقلته وتعويقه بدعوة إخوانه إلي الجهاد وحمل السلاح في وجه مؤسسات الدولة وخاصة القضاء والجيش والشرطة، لأنها المؤسسات المنوط بها التصدي لإرهابهم.. ومحاولاتهم جرّ البلاد إلي مُستنقع الفوضي والاحتراب الأهلي. من أجل ذلك بادرت دار الإفتاء المصرية بالأزهر الشريف إلي التحذير من فتوي الدكتور عبد الرحمن البر بالجهاد وحمل السلاح واعتبرتها تحريضًا صريحًا علي القتل والإفساد في الأرض ونشر الفتن، وإشاعة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.. وإسالة الدماء وإذكاء روح التطرف والإرهاب.. وقد جاء هذا التحذير عبر 'المرصد' الذي أنشأته دار الإفتاء وجعلت مهمته الأساسية ' رصد الفتاوي التكفيرية والآراء الشاذة، والقيام بالرد عليها بعد تفنيدها وتفكيك ما بها من مقولات تكفيرية'.. وهي مهمة قتالية فكرية تستحق التنويه والإشادة. هل عرفتم الآن سرّ تربص الإخوان المسلمين بمؤسسة الأزهر الشريف إبّان عام حكمهم الفاشل، وما دبروه من مكائد للإطاحة بشيخ الأزهر، تمهيدًا للاستيلاء علي هذه المؤسسة العريقة وإدخالها حظيرة الأخونة؟ ولكن سيظل الأزهر الشريف منارة لعلوم الدين الصحيح، ورمزًا للاستنارة والاعتدال والوسطية، وصخرة تتحطم عليها أهواء الخوارج الجدد وإسلامهم السياسيّ الذي لا يستهدف غير السلطة وإن داسوا في سبيلها كل القيم بما فيها الدين نفسه!!