انطلقت خشبة المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية ملتقي مصر الدولي الأول للعود وسط حشد إعلامي كبير وإقبال جماهيري. بعد الاعلان عن افتتاح الملتقي قام الفنان الدكتور رضا الوكيل بتوزيع التقديرات علي المكرمين، وكانت لفتة لطيفة من الفنان نصير شمه رئيس الملتقي والفنان الوكيل أن يهبطا أدراج المسرح ليسلما التكريم الي الحاج فتحي أمين كبير صناع الأعواد في مصر وشيخهم. وفيما زين بهو الاستقبال الخاص بالمسرح أعواد كثيرة مختلفة الأحجام والاشكال وعالية الجودة عرضها الصناع الذين قدموا من أماكن ودول مختلفة من العالم، وقف عود في منتصف البهو داخل حوض زجاجي كتب تحته عود الموسيقار الراحل جورج ميشيل الذي رافقه طوال حياته.. وكانت الدكتورة كاميليا جورج ميشيل ابنة الموسيقار الراحل وابنه السيد عماد جورج ميشيل قد أتيا إلي حفل الافتتاح بصحبة العود وبصحبة رسالة دكتوراه وضعها احد الدارسين عن والدهما. حالة من الفرح انتابت الحضور عند صعود مجموعة بيت العود العربي إلي المسرح، خصوصا بعد التذمر الذي ساد الجمهور بسبب تأخر العرض عن موعده المحدد رسميا والمدرج في اجندة الاوبرا. قدمت المجموعة بقيادة نصير شمه مقطوعات موسيقية مختلفة جاءت كلها علي هارموني متناسق وشديد الدقة، وكانت روح من المنافسة الجميلة تسود أعضاء المجموعة الذين أصبح أغلبهم عازفا منفردا وله اسطواناته الخاصة، وفيما آثر بعض خريجي بيت العود العربي الابتعاد تماما عن المجموعة وتفضيله تأسيس فرقته الخاصة، ظل بعضهم الآخر ملحا علي حالة الفرح التي تجمعهم في بيت واحد ولقاء واحد وعشق واحد لآلة العود. وسط حالة الموسيقي الجميلة كان الصوت المنفرد يتعالي بين حين وآخر عبر تقسيم الصولوهات علي العازفين المتميزين فكان من نصيب كل واحد منهم تصفيقه الخاص من الجمهور وتحيته الخاصة أيضا للجمهور. مجموعة رائعة تنتمي لدول عربية مختلفة توحدوا تحت خيمة بيتهم جميعا، وصار هذا البيت ملاذهم الأجمل، وهذا ما كان واضحا في العرض من خلال ملاحظة العازفات والعازفين وهم يستمعون الي صولوهات غيرهم. في النصف الثاني من الحفل كان الجمهور علي موعد مع ضيوف الملتقي في لقطة جماعية قل أن يحدث لها مثيل: مجموعة من عازفين منفردين كلهم له مكانته الخاصة وجمهوره الخاص اجتمعوا في شكل نصف دائري: نصير شمه، شربل روحانا، سامي نسيم، حسين سبسبي، بشار الحسن، حازم شاهين، عيسي مراد، مهمت بتماز وبركليس تسوكالاس. عزفوا بشكل جماعي وارتجلوا بشكل انفرادي وأثاروا حالة عالية من البهجة وسط الجمهور. وكانت هذه الفقرة قد أضيفت علي البرنامج من قبل رئيس الملتقي قبل طباعة البرنامج النهائي بيوم واحد بناء علي اتصال تم بين الفنان نصير شمه والفنان أحمد فتحي الذي أكد سعادته بالمشاركة في الملتقي ورغبته بعمل مشترك مع شمه وقد علق شمه في حينه انه من الصعب كونه رئيس الملتقي أن يختار لنفسه هذا التميز وسط ضيوفه، وبالتالي اتفق مع فتحي أن يبدأ فنان اليمن بمقطوعة ليالي سبأ ويتداخل معه شمه بمقطوعة بعنوان ليالي بغداد ومن ثم تتم المحاكاة مع ضيوف الملتقي الكبار. وبالرغم من أصرار الفنان أحمد فتحي علي هذا التمييز وحجز يوم بالاتفاق بينه وبين "صولو انترناشيونال" الشركة المنظمة للملتقي من أجل حفله الشخصي إلا أنه لم يأت ولم يعتذر كما قرأنا في بيان لاحق وزعه أثناء تواجد الفنانين علي المسرح ليلة الافتتاح. وكان أحمد فتحي قد اطلع علي أسماء الفنانين المشاركين ولم يبد أي ملاحظة علي المستوي الفني سواء بالايجاب أو بالسلب. من جهتها تصرح "صولو انترناشيونال" أن سوء التنظيم الوحيد كان من طرف الفنان الكبير أحمد فتحي من خلال إصراره أولا علي التميز في كل ما يخصه وسط هذا الفرح الكبير، ومن خلال اصراره علي عدم البوح باعتذاره ليستغل فرصة الاعلام المسلط علي الملتقي ويصدر بيانا يقول فيه أنه اعتذر مع أن أقل واجب يتحتم عليه هو أن يعتذر ممن وجهوا له الدعوة لا من الاعلام حتي يثير زوبعة لا يستطيع أن يشرح أسبابها سوي الفنان نفسه. وقد تحدثنا من جهتنا مع الفنان نصير شمه حول هذه النقطة فأبدي استغرابه الشديد خصوصا أن فتحي ظل يؤكد فرحه بالتواجد في الملتقي حتي آخر مكالمة بينهما. وأكد نصير شمه علي أنه يكن للفنان أحمد فتحي المحبة والتقدير وأنه لو كان علي غير ذلك لما دعاه بالأساس للمشاركة في هذا الملتقي، كما يكن كل التقدير والمحبة لكل من دعاهم بصفته رئيسا للملتقي وأكد أيضا ان الاختيارات جاءت كلها بناء علي التذوق لا علي أسس المجاملات التي قد تسبغ أكثر من ملتقي ومهرجان في العالم. لكنه في الوقت نفسه أبدي أسفه علي هذا التصرف الذي حرم دولة اليمن من التواجد في هذا الملتقي، وتمني لو كان الفنان أحمد فتحي قد اعتذر فعلا حتي يستطيع دعوة فنان آخر يمثل المدرسة اليمنية في آلة العود. يذكر أن الملتقي يفتح أبوابه للجمهور يوميا ابتداء من الساعة 11 صباحا عبر أنشطة فنية متنوعة تبدأ بجاليري صناعة العود مرورا بالورشات الفنية المجانية مع كبار عازفي العود وانتهاء بالحفلات الختامية ويستمر حتي 19 من سبتمبر الحالي.