أصدرت الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار منير جويفل حكمها النهائي القاضي ببطلان عقد مدينتي حيث سبق لمحكمة القضاء الإداري أن قضت.. ببطلان العقد الإ أن هيئة المجتمعات العمرانية وشركة طلعت مصطفي طعنا علي الحكم أمام الإدارية العليا والتي انتهت إلي رفض الطعنين وتأييد حكم أول درجة ببطلان العقد وقبول تدخل جميع الخصوم المنضمين للطرفين انطلاقا من أحقية كل مواطن مصري في الدفاع عن المال العام ومن ثم توافر شرطي المصلحة والصفة في تدخله في الدعوي. وقالت المحكمة في أسباب الحكم إن العقد محل التداعي وملحقه هو تصرف من هيئة لمجتمعات العمرانية للشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني في 8 آلاف فدان لإقامة وحدات سكنية من الإسكان الحر لبيعها إلي الغير، ومن ثم كان من الواجب خضوع العقد لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات وألا يتم بقرار تخصيص . وأوضحت المحكمة أنه بمقارنة البيع الذي تم في تلك الحالة المعروضة، فإن الوضع بدا وكأنه أمر عجيب، ففي حالة عقد مشروع مدينتي بدا تصرفاً في المال العام محاطاً بالكتمان لا يعلم أحد من أمره شيئا إلا طرفاه، فتمخض الأمر عن بيع أراضي الدولة بمقابل عيني ضئيل يتم أداؤه خلال 20 عاماً يمكن زيادتها إلي 25 عاما، فضلا علي اشتمال العقد علي شروط مجحفة. وأكدت المحكمة أن الفارق بدا شاسعاً بين عقد بيع أراضي مدينتي، وسعر البيع في الحالات الأخري اللاحقة، رغم أن البيع اشتمل في بعض الأحيان علي أراضٍ في ذات منطقة القاهرةالجديدة التي بها مشروع "مدينتي"، وأن هذه البيوع تمت بفاصل زمني في بعضها لا يزيد عن بضعة أشهر. وأكدت الحيثيات أنه في حالة أرض "مدينتي" اهتزت الثقة في السوق العقاري إثر علم المستثمرين بظروف وملابسات بيع أرض مشروع "مدينتي"، ومقابله وشروطه، وداخل الناس الشك في أسلوبه، وكيفية إخراج المال العام من ذمة الدولة إلي الغير، وتحديداً إلي مستثمر بعينه، أما في الحالات الأخري فقد أقبل المتنافسون في مزادات في وضح النهار، فزادت موارد البلاد وأخذ الاستثمار العقاري طريقه إلي النمو والازدهار. وذهبت المحكمة إلي أن العقد المتداعي هو عقد بيع اشتمل علي بيع مساحات شاسعة تكفي لإنشاء مدينة بأكملها، فقد جري إبرامه بالأمر المباشر في خروج سافر وإهدار واضح لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، وما تقتضيه أصول الإدارة الرشيدة من أن يجري إبرامه من خلال مزايدة علانية أو مظاريف مغلقة يتباري فيها المتنافسون، وهو ما يعيب الإدارة التي انعقد بموجبها العقد، بل ويلقي بظلاله ويعكس آثاره علي التوازن المالي مقابلاً وشروطاً للعقد، وهو ما من شأنه أن يسيء العقد بوصفه بالباطل. وأكدت المحكمة أن صحاري مصر وأراضيها كنوز جديرة بالحماية ولا يجوز تبديها بأثمان بخسه وعن المتعاقدين علي الوحدات السكنية بمشروع مدينتي ذهبت المحكمة إلي أنه : "بالنسبة للمتعاقدين علي وحدات سكنية أو محلات أو وحدات أخري بقصد الإتجار والاستثمار، سواء كانوا قد استلموها أو لم يستلموها، فإن مركزهم القانوني "لن يضار" عند معالجة آثار الحكم ببطلان أرض بيع أراضي المشروع، وأوضحت المحكمة أن المتعاقدين تعاملوا مع بائع ظاهر بحسن نية، ولن يضار أحد منهم من آثار الحكم وعلي الجهات المختصة مراعاة ذلك عند إعمال آثار الحكم ببطلانه، والتي مؤداها إنهاء العقد وإعادة الأرض محل العقد إلي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، مع تقييد التصرف فيها بإتباع الإجراءات القانونية السليمة بالمقابل العادل في الوقت الحالي. وعن قرار النائب بحفظ التحقيقات في قضية مدينتي ذكرت المحكمة: " أن لا ينال مما تقدم أن النيابة العامة قررت التحفظ علي التحقيق في بلاغ إهدار المال العام محل التداعي، وذلك أن أمر بطلان العقد من عدمه مسألة مستقلة عن هذا التحقيق الذي يتعلق بتوافر أركان المسئولية الجنائية وعما إذا كان هناك إهدار للمال العام من عدمه. وإذ يرحب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بهذا الحكم الهام الذي يمثل صفعه لسياسات الحكومة المصرية في التصرف علي أراضي الدولة يؤكد أن آثار هذا الحكم يجب نفاذها علي كل الشركات الاستثمارية والخاصة التي حصلت علي أراضي من الحكومة المصرية بقرارات تخصيص دون إتباع قانون المزايدات والمناقصات والبالغ عددها 23 شركة حصلت علي أراضي من هيئة المجتمعات العمرانية خلال الفترة من 1998 تاريخ صدور قانون المزايدات وحتي عام 2006 الذي شهد تحرير آخر عقود التخصيص طبقا للتصريحات الأخيرة لوزير الإسكان أحمد المغربي مع الاعلامي جمال عنايت بقناة الصفوة.