يستعد الفرنسيون للتوجه بعد غد الأحد، إلي مراكز الاقتراع للمشاركة في الجولة الأولي من الانتخابات البلدية وإختيار رؤساء البلديات الجدد في معركة شرسة بين الحزب الاشتراكي الحاكم واليمين المعارض، لاسيما بالنسبة ل'عمودية' العاصمة باريس. ويختار الفرنسيون من بين ال926 ألف مرشح من جميع التيارات والأحزاب السياسية الذين يخوضون غمار الانتخابات التي ستجري جولتها الثانية في الثلاثين من الشهر الجاري. ويتنافس في الانتخابات البلدية أيضا 17 وزيرا من حكومة جون مارك أيرولت، من أبرزهم وزير الداخلية مانويل فالس، عن مدينة 'إيسون'، ووزير الاقتصاد بيير موسكوفيتسي، ووزير العمل ميشال سابان، ووزيرة الثقافة أوريلي فيلبيتي، ووزيرة الفرانكفونية يمينة بنجيجي. وتشتد المنافشة بين الحزبين الأكبر والأقوي في فرنسا في الوقت الذي تسعي فيه 'الجبهة الوطنية' 'اليمين المتطرف' الذي تقوده مارين لوبان إلي الفوز بعدد من البلديات علي مستوي البلاد. رهانات كبري يعول عليها الاشتراكي الحاكم واليمين المعارض لتحسم السباق الإنتخابي الذي يعد المعركة الأقوي بعد الإنتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت في عام 2012 وأسفر كليهما عن فوز اليسار الحاكم. لكن انتخابات رئاسة البلديات تتواكب هذه المرة مع بروز عدد من الفضائح السياسية التي طالت حزب 'الاتحاد من أجل حركة شعبية' 'اليمين المعارض' الذي ينتمي له الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، والحزب الاشتراكي الحاكم علي حد سواء، بخلاف تراجع شعبية الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا أولاند وحكومته. وفي باريس.. تأتي المنافسة 'نسائية' بامتياز حيث تخوض اليمينية ناتالي ناتالي كوسيسكو موريزيه مرشحة حزب 'الاتحاد من أجل حركة شعبية' والوزيرة السابقة في حكومة ساركوزي، معركة حياة أو موت أمام منافستها الاشتراكية آن هاديلجو، حيث تسعي الأولي إلي وضع نهاية ل13 عاما من سيطرة التيار اليساري علي بلدية العاصمة. وناتالي كوسيسكو موريزيه الباريسية الأصل والتي تنحدر من عائلة سياسية والتي استكملت دراستها تخرجت من مدرسة 'بوليتكنيك'، التي تعتبر من بين أبرز المدارس الفرنسية والمعروفة بتشكيل الكوادر العليا للدولة علي علم بمفاتيح اللعبة لخبراتها الوزارية السابقة والعديدة وأيضا ترأسها لبلدية 'لونجيمو' في الضاحية الباريسية في عام 2008. ولا تخفي موريزيه طموحها في الترشح للانتخابات التمهيدية لحزبها عام 2016 تمهيدا للانتخابات الرئاسية في العام التالي.. ولاسيما أنه بعد أن أتاحت لرئيسها السابق جاك شيراك الوصول إلي رئاسة الدولة عام 1995 بات ينظر إلي بلدية باريس علي أنها أداة صعود سياسي مهمة. أما المرشحة اليسارية آن هيدالجو التي ولدت بمدينة 'سان فرناندو' الإسبانية في عام 1959 قبل أن تهاجر أسرتها إلي مدينة ليون الفرنسية عام 1961 وحصولها علي الجنسية الفرنسية في عام 1973، فتسعي إلي التربع علي عرش العاصمة، وتثبيت قدم اليسار في بلدية باريس التي يترأسها حاليا برنار ديلانويه. وعلي الرغم من عدم خبرتها الوزارية مقارنة بمنافستها القوية، إلا أنها ذات خبرة إدارية، حيث تشغل منصب نائب رئيس البلدية نفسها منذ عام 2001 وحتي الآن. وفي مرسيليا، ثاني أكبر مدينة فرنسية، تشتد المنافشة الشرسة بين 'الحزب الاشتراكي' بمرشحه باتريك منوتشي ومعارضه اليميني من 'الاتحاد من أجل حركة شعبية' جون كلود جودان الذي يأمل الفوز بولاية رابعة علي التوالي وإفشال مخطط الإليزيه الذي يهدف إلي جعل مرسيليا مدينة اشتراكية، كما صرح في أحد مهرجاناته الانتخابية. وقال إن 'الإليزيه يريد إفشال جودان، لكن جودان لن يفشل'.. مضيفا أن الرئيس فرانسوا هولاند هو الذي اقترح أسماء المرشحين المسجلين علي القوائم الانتخابية التي يترأسها باتريك منوشي 'كأن الرئيس الفرنسي لا شغل له إلا متابعة الانتخابات البلدية في مدينتنا'. كما انتقد جودان الزيارات المتكررة لوزراء حكومة جان مارك إيرولت إلي مرسيليا في الآونة الأخيرة لدعم مرشح الحزب الاشتراكي.. معتبرا أن هؤلاء الوزراء لم يحملوا في جعبتهم سوي 'الوعود والأكاذيب'. وفي خضم المعركة الشرسة بين اليمين المعارض واليسار الحاكم.. يشارك الحزب اليميني المتطرف وبقوة في السباق الانتخابي، حيث تمكن من تقديم 956 قائمة انتخابية في جميع المدن التي يتجاوز تعداد سكانها ألف شخص و400 قائمة انتخابية في 900 بلدية فرنسية تعداد سكانها يتجاوز 10 آلاف شخص. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل ستسفر الانتخابات البلدية عن عودة قوية لليمين المعارض أم ستعزز الموقف السياسي للحزب الاشتراكي وشعبيته؟!.. والإجابة تبقي في يد أبناء الشعب الفرنسي.