ربما لا تكون فضيحة كبري أن تعترف حركة 'حماس' بضبط أحد عناصرها القيادية متلبساً بجريمة الفساد المالي والأخلاقي أو أن يعترف بعض 'الإخوان' بصحة واقعة ضبط نجل الرئيس محمد مرسي متلبساً بتعاطي المخدرات.. وقد تكون التبريرات جاهزة لدي قيادات 'الإخوان' وتراهم مدافعين عما أصابهم بمقولة إن فساد الأبناء أو الآباء لا يعيب قادة الإصلاح.. فلا عيب في نبي الله نوح عليه السلام بفساد ابنه، ولا سوءة في نبي الله إبراهيم بكفر أبيه.. لكن الفضيحة الحقيقية هي توقيت الإعلان عن هذا الفساد.. فجماعة 'الإخوان' التي تدعو فلذات أكباد الأمة المصرية إلي تقديم الدماء والأرواح ثمناً لغايات التنظيم الإخواني في دفع دول بعينها إلي مواقف الشجب والإدانة والاستنكار.. هي ذاتها الجماعة التي يناضل قادة منها من فنادق النجوم الخمس في دوحة الهاربين واسطنبول الفارين.. وهي ذاتها الجماعة التي تم ضبط أحد القياديين بها وهو يجاهد في حضن امرأة بينما تم ضبط الآخر يناضل تحشيشا وإدماناً.. والأكثر قسوة في كل هذه الوقائع هو أن جماعة 'الإخوان' تضحي بشباب مصر من أجل عودة محمد مرسي للحكم بينما يقف ابنه موقف العابث الذي يعيش حياته لهواً ولعباً في رفقة سيجارة حشيش.. والحديث ليس حديثنا ولكنه حديث الوقائع.. والواقعة الأولي نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط في الأول من مارس 2014 علي لسان المقدم حازم سعد رئيس مباحث قسم شرطة العبور، الذي أكد أن عبد الله محمد محمد مرسي العياط نجل الرئيس المعزول محمد مرسي كان قادما من محافظة الشرقية، وبصحبته أحد أصدقائه متجها إلي منزله بالتجمع الخامس، وخلال سيرهما بمنطقة العبور، تمكن رجال الأمن من ضبطهما في أحد الأكمنة علي الطريق، حيث عثر بحوزتهما علي سيجارتين مخلوطتين بالحشيش. وقال المقدم حازم سعد: إن نجل الرئيس المعزول اعترف بعد إلقاء القبض عليه وبحوزته كمية من مخدر الحشيش، وبصحبته أحد أصدقائه أثناء جلوسهما داخل سيارة ملاكي أمام الجامعة الكندية بحيازته المضبوطات بقصد التعاطي. وذكر رئيس المباحث - في تصريح صحفي أن الشخص الذي تم ضبطه مع نجل مرسي بمنطقة العبور، يدعي محمد عماد موظف بمجموعة شركات راية للاتصالات المملوكة للقيادي الإخواني حسن مالك، وقد تم ضبط نجل المعزول وصديقه أثناء قيام قوة أمنية من مباحث قسم شرطة العبور بمتابعة الحالة الأمنية وضبط العناصر الإجرامية والخارجين علي القانون، اشتبهت في السيارة 'ملاكي رقم ون 9836 ماركة أسكودا أوكتافيا' كانت تقف علي جانب الطريق وبالاقتراب منها وتفتيشها وجد بداخلها نجل الرئيس المعزول عبد الله محمد مرسي وبصحبته أحد أصدقائه، وبتفتيشهما عثر بحوزتهما علي 5 جرامات من مخدر الحشيش ملفوفة داخل سيجارتي حشيش.. وتم تحرير محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيق، وأمرت بعرض المتهمين علي الطب الشرعي، بعد أن رفضا إعطاء الطبيب الشرعي عينات من الدم والبول لتحليلها طبقًا لقرار النيابة لبيان ما إذا كانت العينات المأخوذة منهما بها مواد مخدرة من عدمه. وكشفت معاينة النيابة العامة التي أجراها أحمد الحناوي، وكيل نيابة العبور، عن أن السيارة بها بقايا وآثار مخدر الحشيش في التابلوه والطفاية، وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 3086 /39 جنايات قسم العبور لسنة 2014 ومن جانبها حاولت أسرة الرئيس المعزول أن تنفي الواقعة، وقال أسامة مرسي، في تدوينته عبر 'فيسبوك': 'ما حدث من اختطاف واعتقال عبد الله محمد مرسي لا يعدو عندنا مجرد افتئات علي الحق وتشويه للشرفاء الأنقياء، وإن إلصاق وتلفيق تهمة حيازة المخدرات مضحك أكثر مما يثير العجب' !!!! وقد تؤدي قضية ابن مرسي إلي فتح ملفات الفساد داخل صفوف التنظيم الإخواني والمخالفات التي تم التعتيم عليها بعد تحقيقات داخلية كانت تنتهي إلي إصدار قرارات بإقالة عناصر قيادية من مواقعها وفصل عناصر أخري من صفوف الجماعة !!! أما الواقعة الثانية من وقائع الفساد التي تم الإعلان عنها فقد جاءت في بيان صادر عن حركة 'حماس' الإخوانية الفلسطينية كما جاءت في تصريحات صحفية علي لسان قيادات الحركة في الأسبوع الأخير من شهر فبراير 2014، حيث أكدت 'حماس' أن أيمن طه القيادي في الحركة والذي شغل منصب الناطق باسم 'حماس'، يخضع للتحقيق الداخلي من قبل الحركة، حول 'سلوكه واستغلال النفوذ وتربح بدون وجه حق'، وأكدت الحركة، أن التحقيق مع أيمن طه ليس له أي علاقة بجوانب أمنية مع الجهات المعادية. وأكدت 'حماس' في بيانها 'أيمن طه لم يعد متحدثا باسم 'حماس' ولن يعود إلي ذات الموقع وليس عنصرا فيها'. وفي تصريحات صحفية أكد نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والقيادي في حركة حماس أحمد بحر أن أيمن طه يخضع للتحقيق الداخلي، وقال بحر في مقابلة تلفزيونية مع قناة 'الغد العربي' أن أيمن طه قد اعتقل لبعض المخالفات والإخوة يحققون وسيحاسب علي ذلك كأي مواطن عادي. وأيمن طه هو ذاته الذي أوقفته أجهزة الأمن المصرية في الخامس من فبراير 2009 أثناء عودته من مصر إلي غزة بعد أن وجدت أجهزة الأمن بحوزته أكثر من 11 مليون دولار وتم منعه من دخول قطاع غزة، وطلبت منه كشرط للعبور أن يقوم أولا بإيداع ما وجد معه من أموال في بنك العريش المصرية. ويأتي اعتراف 'حماس' بالقبض علي القيادي أيمن طه ليفتح الملفات القديمة حول ضبط العديد من عناصر حماس في وقائع فساد كانت تتضمن اتهامات بتهريب الذهب والمخدرات والأسلحة والسيارات وغسيل الأموال والإثراء بلا سبب هذا بالإضافة إلي جرائم التهريب التي لازالت مستمرة عبر الأنفاق التي تربط بين مصر وغزة والتي تحول البعض بسببها من فقراء معدمين إلي أثرياء يتفوق ثراؤهم علي كبار رجال الأعمال في العالم، ومن أجل هذا الثراء تم تقنين التهريب في حكومة 'حماس' وأصبح للتهريب وزارة تدير الأنفاق في دويلة غزة التي يحكمها 'الإخوان'!!! وتناولت تقارير صحفية اتهامات موجهة لعناصر قيادية في حماس تم اتهامها باختلاس أموال وبيع أراضُ حكومية بالتعاون مع مسئولين في الحركة وشراء كميات كبيرة من مواد البناء كالأسمنت والحديد، وإخفائها من الأسواق بغية إعادة بيعها بأسعار مرتفعة جداً، واتهامات أخري بإدخال شحنات قمح غير صالحة للاستهلاك الآدمي. وبسبب الفساد وتوظيف أموال التبرعات تظل الأزمات الاقتصادية تضرب قطاع غزة ولا أثر للتبرعات الكبيرة التي تخرج من الدول العربية مقارنة بأعداد سكان غزة الذين لا يتجاوز عددهم المليونين، وتواجه حركة 'حماس' أزمات وصراعات داخلية بسبب الخسائر الفادحة التي تكبدتها الحركة من جراء الاستثمارات غير الناجحة التي قامت بها عناصر قيادية في السعودية وسورية ودبي في المجال العقاري، وكانت هذه الاستثمارات في أموال التبرعات والمساعدات القادمة إلي غزة !!! ووجدت حركة 'حماس' نفسها في موضع الإلزام بإقالة عدد من المسئولين من مواقعهم علي خلفية اختلاس اموال وسرقة اراضٍ واختلاسات.. والمصيبة الكبري أن الاختلاسات كانت تقع في أموال التبرعات والمساعدات. وأعادت قضية أيمن طه إلي الذاكرة فضيحة التجسس لصالح إسرائيل التي كان بطلها مصعب حسن يوسف نجل القيادي الإخواني المؤسس في حماس الشيخ حسن يوسف، وقد عمل مصعب لصالح جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل في الفترة من 1997 حتي 2007، وبعد اكتشاف أمره هاجر إلي أمريكا لاجئاً حيث أعلن عن كفره بالإسلام واعتناقه المسيحية، واصدر كتابه الشهير الذي يحمل عنوان 'ابن حماس' وكشف فيه الكثير من خفايا حركة 'الإخوان' حماس !!! ومن أقوال مصعب حسن يوسف عن اللحظات الفارقة في رحلته بين 'حماس' وإسرائيل: 'مكثت في السجن مع أناس 'حماس'، ومع مسؤولين كبار في المنظمة استعملوا جهازا يسمي مجد – وهو شبه جسم أمني داخلي في 'حماس' يرمي إلي الكشف عن عملاء لإسرائيل. كانوا يعذبون السجناء، وأكثرهم من حماس، لأنهم شكوا في تعاونهم. كان عملي أن أسجل الاعترافات وشهادات المحقق معهم واعتمدوا علي لأنني كنت ابن الشيخ. هناك فقدت ثقتي بحماس. لقد قتلوا أشخاصا بلا سبب. في حين كان الجميع يحذرونني من 'الشاباك'، رأيت لأول مرة في حياتي أناس 'حماس' يعذبون رفاقهم وأبناء شعبهم بقسوة لا مثيل لها. لم تهمهم الحقيقة قط. كان يكفي أن يرتابوا بشخص ما حتي تنتهي قصته. لقد عذبوا بقسوة، وأحرقوا أجساد المحقق معهم، ووخزوهم بالإبر واطفأوا فيهم السجائر. 'أقسمت لنفسي أنني عندما أتحرر لن أظل في حماس ولن أعمل مع إسرائيل أيضا. أطلقت من السجن في 1997 وأنشأ 'الشاباك' صلة بي. استقر رأيي علي قطع الصلة بيني وبينهم، وأردت أن أجابههم كي افعل ذلك كما يجب. فاجأني أن اللقاء الأول كان وديا جدا ولذيذا. كنت في فضول لأعلم أكثر، لم تكن عندي خطط لقتل أحد أو للتجسس، كنت فضوليا ببساطة. وهكذا وافقت علي لقاء مستعملي، الكابتن لؤي، مرة ثانية وبعدها مرة بعد أخري'. ومن جانبها تبرأت عائلة الشيخ حسن يوسف من ابنه وأصدرت العائلة بياناً تؤكد فيه أن مصعب لم يعد ابناً لهم !!!