أعلن المشير عبد الفتاح السيسي ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة، قائلا، لقد حسم الأمر وليس أمامي إلا تلبية طلب شعب مصر, وهو أمر سمعه القاصي والداني, ولن أرفض طلبه, سأتقدم لهذا الشعب بتجديد الثقة عبر التصويت الحر. واضاف المشير، في حواره مع أحمد الجر الله، رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية، لقد توكلت علي الله ولن أرفض رغبة أبناء بلدي, ولكنني سأطلب منهم العون, فمصر دولة متوعكة وتوعكها مزمن, وقد ازداد في السنوات الاخيرة, والشعب يدرك ان الامانة ثقيلة وهي تتطلب تعاون الجميع في حملها, ولذلك علينا ان نتشارك في هذا الحمل, ونعمل من اجل شفاء بلدنا من هذه الوعكة. وفيما يلي النص الكامل للحوار نقلا عن جريدة السياسة الكويتية 'مصر بحاجة إلي جهد الجميع لانهاضها من كبوتها, وعلينا جميعا, قيادة وشعبا, العمل من أجل ذلك' بهذه العبارة يلخص النائب الأول لرئيس الوزراء, وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي رؤيته الي ما ستكون عليه مصر في المرحلة المقبلة, فخلف ذلك الهدوء الذي يتحدث فيه الرجل ثقة كبيرة, ليس بالنفس فقط, إنما بالشعب الذي طلب منه ان 'يكمل جميله' وهو لا يستطيع إلا أن يلبي ما يطلبه شعبه منه, ويترشح للرئاسة في الانتخابات التي ستجري بعد اسابيع عدة.. عبد الفتاح السيسي يحمل هم بلده, ويتفكر في أنجع السبل لتحقيق أحلام ورغبات المصريين, في بلد يقول إن 'فيه إمكانات كبيرة وهي بحاجة إلي تسويق وهذه مهمة الرئيس' كي يعيد الثقة الدولية بمصر. المشير في حديثه إلينا كان واثقا أن 'ما يجري في مصر لن يؤثر في شعبها, ولن يفت من عضده, ولن تعيق قنبلة هنا او تظاهرة هناك مسيرة النهوض, فهذه الأعمال ليست غير حشرجات محتضر'. ما يحدث حالياً أشبه بحشرجات محتضر لن تؤثر في عزيمة الشعب المصري بهذه العزيمة يتوجه السيسي الي رئاسة مصر, بل الي زعامتها ليقود ورشة عمل وطنية كبيرة مستندا إلي إيمانه بتلك الثقة الشعبية التي لن يخيب الآمال المعقودة عليه فيها. في لقائنا مع عبد الفتاح السيسي لمسنا ذلك الاصرار علي العمل, وهو الاصرار ذاته الذي كنا لمسناه في لقائنا الأول به قبل أشهر قليلة, الرجل لم يتبدل, فرتبة المشير, ودنوه من رئاسة الجمهورية زاداه تواضعا وإقبالا علي العمل. في حديثنا مع السيسي قراءة في مستقبل مصر, ولأن مصر حجر الزاوية في العالم العربي, فربما هي قراءة في المستقبل العربي, خصوصا ان الرجل يري ضرورة اتحاد العرب لمواجهة الارهاب الذي استشري في العديد من دولهم. لاشك أن الرجل يركز كل جهده علي إعادة ترتيب البيت المصري, لكنه في المقابل لا ينسي العالم العربي الذي يعتبره 'وطننا الكبير', لذلك يقول ان'الدول العربية بحاجة الي الاتحاد في ما بينها, وان دول مجلس التعاون سترحب بهذه الفكرة'. أيضا لا ينسي السيسي مواقف الاشقاء تجاه بلاده, 'وخصوصا مبادرة خادم الحرمين الشريفين, والدعم الكويتي والاماراتي والبحرينيوالعماني لمصر, وهي مواقف سيتذكرها الشعب المصري جيدا'. وفي ما يأتي الحوار الذي دار بيننا وبين عبد الفتاح السيسي: سيادة المشير... هل نعلن للشعوب العربية أنك قادم إلي رئاسة مصر؟ نعم, لقد حسم الأمر وليس أمامي إلا تلبية طلب شعب مصر, وهو أمر سمعه القاصي والداني, ولن أرفض طلبه, سأتقدم لهذا الشعب بتجديد الثقة عبر التصويت الحر. سيادة المشير... تعرف أنك مقبل علي منصب زعامة تاريخية وليس مجرد رئاسة, وان أحلام شعب مصر في هذه المرحلة كبيرة لكنها مرهقة لمن يأخذ علي عاتقه أمر تحقيقها, فهل أنت مستعد لذلك؟ لقد توكلت علي الله ولن أرفض رغبة أبناء بلدي, ولكنني سأطلب منهم العون, فمصر دولة متوعكة وتوعكها مزمن, وقد ازداد في السنوات الاخيرة, والشعب يدرك ان الامانة ثقيلة وهي تتطلب تعاون الجميع في حملها, ولذلك علينا ان نتشارك في هذا الحمل, ونعمل من اجل شفاء بلدنا من هذه الوعكة. واستطرد المشير موضحا: عندما أقول كلنا, أقصد القيادة والشعب, علينا حرث الارض سوية وزرعها ببذور صالحة حتي تشفي أم الدنيا المحروسة التي عكر صفوها حكام حلموا بجعل حكمها انتفاعا وتمصلحا أنانيا وليس عملا وطنيا, إنها تحتاج للتخلص من إرث الماضي كله ومعالجة ما خلفه ذاك الارث, بالاضافة الي معالجة ما تسببت به المرحلة السابقة وأدي الي تعثر مسيرتها. مصر الان ستعيش مرحلة جيدة من السلوك المجتمعي والاقتصادي والكرامة الوطنية الصادقة. سيادة المشير.. لكنني ألاحظ أنك تعيش هم هذه الثقة بك؟ اقولها لك بكل صدق: نعم, يعلم الله أنني أحمل هم هذه الثقة, وكلي أمل ان يكون الانجاز علي قدر الحلم. لا اخفيك ان رغبات الناس وآمالهم باتت كبيرة جدا بعد الوعكة الاخيرة, وهي أحلام لا حدود لها, هذا أمر طبيعي, ولذا علينا ان نحققها جميعها, ونعمل كلنا بصدق, علي تحقيقها سريعا, من الكبير الي الصغير كل من موقعه. مصر بحاجة الي من يسخر لها وقته كله, كما انها بحاجة الي جهود مشتركة ووعود صادقة, فنحن جميعنا, أي انا ومن وثقوا بي, عانينا ممن عبثوا بمصر, ورأينا كيف حكموها ليستغلوا مقدراتها لانفسهم, بل وعبثوا بأحلام شعبها وطموح شبابها. سيادة المشير.. ما الذي ستقوله لشعبك بعد ان تقسم اليمين الدستورية؟ سنصدق الناس القول, لن نتلاعب باحلامهم, او نقول لهم ان لدينا عصا سحرية, سأقول لهم تعالوا اليَّ نشبك أيدينا بأيدي بعضنا بعضا, ونعمل سوية لبناء مصر بلد التسعين مليون نسمة. أحلام المصريين كبيرة والأمانة أكبر.. وحملها يحتاج إلي مشاركة الجميع وتعاونهم في بلادنا امكانيات ضخمة لا تحتاج الا الي تسويق جيد, وبناء ثقة, ووضع خريطة طريق واضحة للاستفادة منها, زراعيا وسياحيا وصناعيا وتجاريا. علينا تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار الوطني والاجنبي, سواء أكان عربيا او اجنبيا. رؤيتنا للأمور واضحة وشعبنا يثق بقيادته, وهو سيتفهم مسار هذه الرؤية, سواء لجهة إعدادها او لحاجاتها والوقت الذي يلزم لتنفيذها. سيادة المشير.. هناك سؤال يشغل الجميع وهو: هل سيستتب الأمن قريبا أم ان الامر يحتاج الي وقت؟ الوضع الامني المصري اليوم أفضل مما كان عليه سابقا, اليوم أفضل من الامس, والغد يوم آخر. ان ما يحدث حاليا في البلاد أشبه بحشرجات محتضر لن تؤثر في عزيمة الشعب المصري, ففي دول اخري, وهي اكثر منا تقدما, ولديها امكانات اكبر, وأوضاعها تفوق أوضاعنا حساسية, ويحدث فيها اكثر مما يحدث عندنا, ورغم ذلك تعيش حياتها باستقرار كامل. نحن, أقولها لك بكل صراحة, لن تعكر صفو حياتنا قنبلة هنا واخري هناك, او تظاهرة او اعتصام...قريبا, وقريبا جدا سنتوجه الي العمل علي تحقيق ما طالب به شعبنا, وسنضع خريطة طريق تنموية, ونعمل علي ايجاد بيئة استثمار حسنة وجاذبة, وكل هذا سيكون من خلال قوانين متطورة جاذبة للاستثمار المصري والعربي والاجنبي, وسنعدل أيضا ما لدينا من قوانين ليتناسب مع ذلك. نريد من الناس ان تتفرغ لانهاض مصر من كبوتها, وكن علي ثقة ان ما يحدث لن يعيق مسيرتنا, ولن يثني المصريين عن النهوض ببلدهم. صحيح ان ما يحدث هو انتهاك للأمن لكنه محدود, وأجهزة الدولة تعمل علي وقفه وتحقق نجاحات كبيرة في هذا المجال, لذلك فهو لن يدوم ولن يتوسع, بل إنه يضمحل يوما بعد يوم. ماذا لديكم عربيا؟ أشكرك علي هذا السؤال, نحن وفي خضم انشغالنا بقضايانا الداخلية لا ننسي بعدنا العربي, فنحن جزء من هذا الوطن الكبير. في هذا الوطن لا بد من قيام اتحاد بين بعض دوله من اجل محاربة الارهاب الذي استشري في العديد منها. نحن سندعو الي اتحاد عربي يقوم علي تعاون مشترك بين الدول التي تعاني من الارهاب, كي تكون الحرب عليه مشتركة, وأعتقد ان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية, ودول اخري سترحب بهذا الاتحاد الذي ستكون غايته, كما قلت, القضاء علي هذا الارهاب الاسود. هل لا يزال التعاون بينكم وبين دول 'مجلس التعاون' كما كان في الأشهر السابقة؟ ان الشعب المصري سيتذكر موقفكم التاريخي, موقف الاشقاء في دول 'مجلس التعاون', وسيتذكر ايضا مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ودعمه لبلدنا, وسيتذكر اكثر برقيته لنا ولجيش مصر ولرئاسة الجمهورية, وكذلك دعم المملكة المالي. أيضا سنتذكر مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة ورجالها الذين زاروا مصر ليقدموا دعمهم السخي. مصر ستتذكر بكل اعتزاز دعم دولة الكويت وعواطف أهلها, وكذلك البحرين وسلطنة عمان, والله يهدي الجميع الي ما يحب ويرضي. هل يزعجكم موقف بعض الدول الكبري مما يجري في مصر؟ نحن نثق بأنفسنا قبل أن نثق بغيرنا, وهذه الدول لها مصالحها في العديد من مناطق العالم, وطالما ان تلك المصالح لا تصطدم مع مصلحتنا الوطنية في العالم والاقليم, ولا تصطدم مع أمننا ومصالحنا الداخلية فهي لا تعنينا في شيء, نحن حاليا في مسار آخر, هو مسار اعادة بناء بلدنا وإيقاظه من كبوته والمحافظة علي عزته والله هو الموفق. ثمة حكام سعوا لجعل الحكم انتفاعاً وليس لمصلحة الوطن فعكروا صفو مصر.. والمصريون لن ينسوا موقف الأشقاء التاريخي في تواريخ الامم كافة كانت النهضة تبدأ مع زعامات تثير الحماسة في النفوس وتأخذ علي عاقتها زمام المبادرة في ذلك لتكون قدوة لشعوبها, فهل نحن اليوم علي أبواب مرحلة جديدة من تاريخ مصر؟ نعم, ونحن ندرك أكثر من ذلك, ندرك حقيقة أحلام المصريين وما يريدون من دولتهم, وكيف توظف الامكانات الضخمة الموجودة في هذا البلد. كما أسلفت, في مصر إمكانات ضخمة ومردودها كبير جدا وهي ليست بحاجة الا الي تسويق جيد, تسويق تظلله الطمأنينة والثقة, وخصوصا الثقة بالاتفاقات التي توقعها الدولة مع المستثمرين, وفي اعتقادي ان علي رئيس الدولة تسويق بلده وامكاناته بنفسه, سواء بين مواطنيه او غيرهم, وهذا ما أعتقد أنه سيكون محور عملنا في المرحلة المقبلة, كما أننا سنعقد لقاءات مباشرة مع الراغبين في اغتنام هذه الفرص, وهي فرص كبيرة ومردودها كبير جدا, سواء أكانت صناعية او زراعية او سياحية او تصدير واستيراد, او غيرها من الاستثمارات, كما ان الكثرة السكانية ستكون جزءا من اقتصاد مصر النشط, ونحن في كل ذلك لا نحتاج الا إلي الوقت, بمعني منح الوقت الكافي لتنفيذ تلك الخطط, فالرغبة موجودة وهي رغبة عارمة, وبتوفر الرغبة تكون الطريق ممهدة.