اشتعلت ثورات الربيع العربي في بعض البلدان العربية فلم يُستثن حكم الرئيس السابق حسني مبارك من شرارة غضب هذه الثورات الشعبية وخاصة بعد نجاح ثورة الياسمين التونسية التي ألهمت الشعوب العربية التي أطاحت بالعديد من الأنظمة الدكتاتورية التي كانت تحتكر السلطة طيلة سنوات عديدة دون رقيب أو حسيب. ففي الخامس والعشرين من يناير خرج الثائرون من أبناء الشعب المصري لتحقيق مبدأ العيش, الحرية و العدالة الاجتماعية. علي أمل أن يشهد الشعب المصري ربيعا جميلا مشرقا مليئا بالنمو والتقدم وتحقيق الرفاهية، ولكن يبدو أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن. فمنذ اليوم الأول من سقوط نظام مبارك بدأت قصة سقوطٌ جديدة وهي السقوط المدوي لجماعة الإخوان المسلمين ليس في مصر فحسب بل في كافة بلدان الربيع العربي. برغم مرور ثلاث سنوات علي انطلاق الثورة لم يتحقق ما كان يصبو إليه الشعب من انجازات و طموحات. لكن يبقي أهم أحد المكاسب الكبري الذي حققته ثورة يناير وهو أنها أسقطت القناع المزيف و أظهرت الوجه القبيح لجماعة الإخوان المحظورة التي لم تتورع أبدا في استخدام الدين لتحقيق أطماعهم في الاستيلاء علي السلطة و المتاجرة بدماء الشهداء لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة. وكانت العلاقة الكبيرة والوطيدة بين مؤسسة الرئاسة بقيادة محمد مرسي و جميع القيادات الإرهابية بداخل و خارج مصر، أحد أهم الأسباب الرئيسة التي دعمت لدي عامة الشعب فكرة التخلص من حكم الإخوان، وقد مثل مؤتمر نصرة سوريا نهاية الأمل في أن يصبح مرسي رئيسًا لكل المصريين بعدما أحاط نفسه، بكوكبة من القيادات المشاركة والداعمة للعمليات الإرهابية، وسمع بنفسه دعواتهم علي الشعب والتضرع إلي الله بحرقهم وسحقهم فضلًا عن قيامهم بتكفير المعارضين لحكمه. فأصبح هؤلاء التكفيريون حائط الصد و درع الحماية لتنظيم الجماعة المحظورة. و هو ما أدي إلي تدخل القوات المسلحة المصرية حقنا لدماء المصريين و تنفيذا لإرادة الشعب المصري الذي خرج بالملايين في 30 يونيو الماضي. فبعد مراحل كثيرة مرت بها جماعة الإخوان المسلمين منذ أن أنشئت في العشرينيات من القرن الماضي تحولت خلالها الجماعة من الدعوة إلي السياسة ومن المعارضة إلي الحكم.. لينتهي بها المطاف إلي إعلانها جماعة 'إرهابية' مع نهاية عام 2013. و من هنا استطلعت 'الأسبوع' آراء عدد من المواطنين للوقوف علي أهم أسباب الرفض الشعبي لجماعة الإخوان و لإلقاء الضوء علي التحول الكبير التي يشهده الشارع المصري. بعدما أصبح المواطنون المصريون يدا بيد لمواجهة جماعة الإخوان المحظورة و التيارات اﻹسﻼمية الموالية لها. فمن جانبه قال الدكتور محمود عبد الظاهر 'أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان'، إن من أهم ما قدمته لنا ثورة 25 يناير هو كشف جماعة الإخوان المسلمين أمام الشعب المصري، حيث كان هناك العديد ممن يدافعون عن الجماعة ويرون أنها لم تأخذ فرصتها في الحياة السياسية و الانخراط بين فئات المجتمع, وعندما قامت ثورة 25 يناير تمكن الإخوان من تسلق الثورة وسرقتها مستغلين فرصة أن الثورة لا قيادة لها. مؤكدا أن غياب القيادة كان من أهم العوامل التي جعلت الإخوان المسلمين تقفز علي ما حققه شباب الثورة من انجازات و علي ما قدموه من تضحيات. وأضاف 'عبد الظاهر' أن تنظيم الإخوان المسلمين كان في ذلك الوقت لديه القدرة للقيام بذلك ولا يوجد غيره علي الساحة السياسية حيث أن الأحزاب الأخري كانت ومازالت غير جاهزة لتتصدر المشهد السياسي، مشيرا إلي أن التحالفات التي أبرمها تنظيم الإخوان مع الخارج استطاعت الجماعة من خلالها أن تتنكر للشباب بعد أحداث محمد محمود, وعادت متحالفة مع المجلس العسكري القديم لقدرتهم الفائقة علي التلون بطبيعتهم البرجماتية, لكن بالقطع كل هذه الممارسات عندما تمثلت في حكم المعزول محمد مرسي كشفت كل نواياهم وفشلوا, وكان أهم أسباب فشلهم أن الأولويات لديهم اختلطت حيث إنها لم تكن الأولوية للوطن ولكن كانت الأولوية دائما للتنظيم. وفي سياق متصل أكد الدكتور كمال الهلباوي 'القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين' أن أعضاء الجماعة قد نزلوا إلي الميدان في أحداث ثورة 25 يناير متأخرين أي في يوم 28 يناير ' جمعة الغضب' كما أنهم خرجوا مبكرين من الثورة وتركوا الميدان مشيراً إلي أن, الإخوان تركوا الميدان للفوز بأكبر حصة من مقاعد البرلمان, عن طريق تفاهمات و مفاوضات مع المجلس العسكري وقتها, ولم ينزلوا إلي الميدان إلا لتحقيق مصلحة ما من مصالحهم الخاصة, و أضاف 'الهلباوي' أن أعضاء تنظيم الإخوان لم ينزلوا للميدان رغم دعوة الثوار لهم بالنزول. مؤكدا أن الإخوان أكثر من استفادوا من الثورة. مؤكدا أنهم لا يقومون بأي خطوة إلا إذا كانت في صالح التنظيم والجماعة, مشيرا إلي محاولات الجماعة التي يقومون بها الآن لجمع الثوار من الغاضبين والناقمين علي النظام الحالي ليخوضوا بهم معارك تعوق حركة التنمية وتعرقل مسيرة التقدم. ومن جانبه قال الشيخ محمد مسعود 'داعية وإمام مسجد' إنه ذكر في العديد من خطبه ودروسه الدينية في المساجد أن جماعة الإخوان المسلمين إلي زوال وأن التجربة السياسية للتيارات والجماعات الدينية قد أضرت بالدعوة اﻹسﻼمية في مصر مشددا علي أن السياسية و الدين لا يجتمعان أبدا. وأشار الشيخ 'مسعود' إلي دور علماء الدين في تجاوز تلك الأزمة التي نعيش فيها, مؤكدا أن للعلماء الدور الأكبر وخاصة علماء الأزهر في نشر التوعية الدينية و إرشاد الناس إلي حقيقة دينهم و كشف حقيقة المتاجرين بالدين و المستغلين له عن طريق التثقيف و التوعية. كما أكد أن محاولات جماعة الإخوان والموالين لها لتحويل مصر إلي سوريا لن تنجح, وأن من يقاتل الشعب سوف يخسر المعركة. وأوضحت كامليا أحمد 'موظفة' أن الإخوان خسروا التعاطف الشعبي طوال الأعوام الماضية بعدما فقدوا مصداقيتهم لدي الشعب المصر عبر الكثير من الوعود التي لم يوفوا بها، وكذبوا مراتِ لا تحصي في كل خطوات المرحلة الانتقالية التي تلت ثورة يناير، بالإضافة إلي وتخوينهم للثوار و تقديم مصالحهم الشخصية علي مصلحة الوطن و الشعب, مؤكدة أن الإخوان المسلمين أول من قالوا شعار ' مشاركة لا مغالبة '، ولكن انتهي الأمر برغبتهم العارمة في الاستحواذ و احتكار كل شيء حتي وصل بهم الأمر لاستخدام أنصارهم و ميليشياتهم لقتل الثوار و تعذيب المتظاهرين في الشوارع.