خيمت علي سماء الوطن حالة من الحزن والحداد علي شهداء تفجيرات المنصورة التي راح علي أثرها الكثير من الضحايا الذين دفعوا دماءهم الذكية فداء لتراب مصر، وبعد حادث تفجير مديرية أمن الدقهلية الذي خلّف شهداء ومصابين من رجال شرطة ومدنيين، جاء تفجير مدينة نصر الذي خلف مصابين وروَّع الآمنين من المواطنين، هذه التفجيرات والقنابل اليدوية التي لا ندري إلي متي ستظل سيفًا مصلتًا علي رقاب العباد والتي يتوقع انفجارها في أي لحظة، وعلي الرغم من الجهود الأمنية الحثيثة لمكافحة الإرهاب إلا أن ذلك لن يمنع من حادث هنا أو هناك يخلِّف حالة من الفزع والهلع في نفوس المواطنين، وبالطبع فإن النتيجة المستهدفة جراء كل الأعمال الإرهابية هي إفشال عملية الاستفتاء علي الدستور. والسؤال الآن: هل سيخشي المواطن تلك الجماعة وما تشكله من خطر من إحداث تفجيرات أخري لإفساد الاستفتاء؟ أم أن ذلك سيكون الدافع الذي سيجعل كل مصري يشد أزره ويتحدي الإرهاب ليمارس دوره وواجبه نحو بلاده في التصويت علي دستوره الجديد؟. يقول نبيل زكي 'المتحدث الرسمي لحزب التجمع': بالرغم من التفجيرات الإرهابية والتهديدات التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة والتي كان الهدف منها هو ترويع وتخويف الشعب المصري من النزول للتصويت علي الدستور الجديد، إلا أنها سوف تأتي برد فعل عكسي حيث سيتحدي المصريون تلك الأعمال والتهديدات الجوفاء، لينزلوا بالملايين كما فعلوا في 25 يناير و30 يونية للتصويت علي دستورهم الجديد. ويري زكي أن ذلك يعود لإدراك الشعب بأن النزول للتصويت في الاستفتاء علي الدستور الجديد هو خطوة رئيسة علي طريق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وأضاف زكي أنه يعد مدخلا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أي انه بداية للاستقرار ولعودة الحياة الطبيعية، وإحياء للاستثمار وعودة حركة السياحة إلي معدلاتها السابقة، موضحًا ان هذا هو ما يريده الشعب المصري. وأكد زكي أن هذا سيجعل الشعب يتحدي ويفرض إرادته كما فعل من قبل، وأن أي خطوة لعرقلة المضي علي طريق التقدم ما هي إلا خطوة محكوم عليها بالفشل، مشيرًا إلي أن رد فعل أهالي المنصورة هو الدليل علي أن مثل تلك الهجمات والتفجيرات الإرهابية سوف تزيد من نسبة نزول الشعب للتصويت، ولذلك يري أنه سوف ينزل الملايين كما فعلوا من قبل. واتفق معه محمود العلايلي 'السكرتير العام لحزب المصريين الأحرار والقيادي بجبهة الإنقاذ'، علي أن تفجير مبني مديرية أمن الدقهلية هدفه التأثير علي إجراء الاستفتاء. وأضاف أنه لا يمكن أن تكون المسألة مجرد صراع سياسي من جماعة الإخوان فقط، ولكن يوجد تدخل واضح لجماعات خارجية وأجهزة مخابراتية تتعاون معهم وتمولهم للقيام بمثل هذه الأعمال، لإظهار الدولة بأنها غير مستقرة. وأكد العلايلي أن الحشود التي ستخرج للاستفتاء ستكون صمام الأمان ضد أي محاولات للتخريب من جانب الإخوان أو غيرهم، مشيرًا إلي أن المصريين سيحتشدون بقوة أكبر في يومي الاستفتاء للرد بصرامة علي تلك الجماعة الإرهابية، التي تهدف للإضرار بمصر، ولكن سيثبت المصريون للعالم أنهم لا يخشون تلك الجماعة، بل أصبحوا أكثر صلابة وقوة ليتحدوهم بالاحتشاد أمام لجان التصويت للاستفتاء علي دستور مصر الجديد. وأشار العلايلي إلي أنه بالرغم من معرفته الجيدة بالشعب المصري الذي يتحدي العالم ولا يخشي أيًا من هذه الأعمال التي يرتكبها هؤلاء الإرهابيون، إلا أن حزب المصريين الأحرار بدأ حملة للتوعية ولحشد المصريين للنزول إلي لجان التصويت للاستفتاء علي دستورنا الجديد، مؤكدًا أن هذا ليس حال حزب المصريين الأحرار وحده، بل إن كل أحزاب مصر تسعي في نفس الاتجاه بهدف توعية المواطن أكثر بدوره في النزول والتصويت علي دستوره. ووصف الكاتب الصحفي عبد الله السناوي 'القيادي بحزب التيار الشعبي'، التفجير الذي حدث لمديرية امن الدقهلية بأنه عمل إجرامي خسيس، ويُعد حادثًا إرهابيًا يهدف إلي تخويف المواطنين من النزول يوم الاستفتاء علي الدستور. مؤكدا أنه سيكون لهذا العمل تأثير إيجابي في الإقبال علي الاستفتاء، لأن الشعب سيعلن رفضه لكل هذه الأساليب، حيث إن الشعب أصبح أكثر وعيًا بمثل هذه الأساليب التي تتبعها تلك الجماعة منذ أن حكموا مصر، وسيكون أكثر تحديًا لهم ولأي عمل تخريبي يستهدف تعطيل البلاد. وأضاف السناوي أنه واثق من أن ميعاد الاستفتاء لن يؤجل وأن المصريين جميعًا سيشاركون في الاستفتاء، حيث إن لديه ثقة بشعب مصر لتكون نتيجة الاستفتاء إيجابية، وتجعله يحمل للعالم كله صورة راقية لشعب أحب بلاده ووطنه ووقف بكل شجاعة في وجه كل من طغي أو تعدي علي مصر، فهي سمة المصري منذ أمد بعيد ويشهد التاريخ له علي مواقفه أمام كل طاغٍ أو استعماري حاول استغلال البلاد، وأقربها وقفته أمام نظام مبارك الذي استبد بالبلاد طوال ثلاثين عامًا، ثم وقفته أمام حكم الإخوان في 30 يونية، ليكون وقوفه في صفوف لجان التصويت علي الدستور وقفة أخري للتصدي للإرهاب الذي حملته إلينا تلك الجماعة التي تعدت علي حقوق مصر في أن تكون دولة مدنية حضارية تسود العالم. ويقول الدكتور عبد الله المغازي 'أستاذ القانون الدستوري عضو البرلمان السابق'، إنه في الفترة الأخيرة قد تحمل الجيش والشرطة كثيرًا وعانوا أكثر من العمليات الإرهابية والتفجيرات والتهديدات والقلق الأمني الذي تسببت فيه جماعة الإخوان المسلمين، وأضاف أنه كان قلقًا مما يمكن أن يحدث عندما يحين وقت التصويت علي الدستور من عنف خاصة أمام اللجان وعقب أحداث المنصورة، مشيرًا إلي أن تلك الأحداث كان من شأنها أن تعوق أو تؤثر علي نسبة النزول للتصويت من جانب الشعب إلا أن قرار مجلس الوزراء بإعلان جماعة الإخوان المسلمين 'جماعة إرهابية'، سوف يؤدي إلي الارتياح مع أنه تأخر، خاصة أن هناك شعورًا بالإحباط قد بدأ يتسرب إلي الأجهزة الأمنية التي هي للأسف مقيدة الأيدي ولا تشعر بدعم سياسي من الدولة، والمتمثلة في رئيس الدولة، ورئيس الوزراء، حيث كانت تلك الجماعة تسعي في الأرض فسادًا ولا يمكن محاسبتها، أما الآن فلم يعد هناك وجود لما يسمي ب 'تحالف داعم للشرعية'، ولكنه أصبح تحالفًا داعمًا للإرهاب، ولهذا يحق القبض عليهم لأنهم أصبحوا جماعة إرهابية، وذلك سيكون هو الدافع الحقيقي للمواطن المصري للنزول والتصويت علي دستوره الجديد.