تتوالي الحكومات وتتغير السياسات الاقتصادية ويبقي رفع الدعم مع توفير الحماية لمحدودي الدخل لغزًا وعائقًا في طريق الحكومات منذ عام 1977 عندما حاول الرئيس السادات رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية, لتتفجر بعدها موجة من الغضب, أدت إلي تراجع الحكومة عن هذه القرارت الاقتصادية, ومنذ ذلك الحين لم تنجح محاولات الحكومات لحل هذه المعادلة الصعبة, فالفصل بين حماية محدودي الدخل ورفع الدعم أصبح من الأمور التي يصعب تحقيقها علي أرض الواقع. أزمات البنزين والسولار ومشكلات الخبز وارتفاع أسعار السلع الغذائية كلها مشكلات تواجه ليس فقط محدودي الدخل ولكن ايضا المواطنين عامة، وتعجز الحكومات المتعاقبة عن التوصل لحلول ناجعة لها ليعاني المواطن أزمة تلو الاخري وينوء كاهله بأعباء مادية جسيمة، ولعل حكومة الدكتور الببلاوي التي وضعت عليها آمال كبيرة في رفع المعاناة عن المواطنين لم تفلح هي الاخري في تجاوز الازمات الاقتصادية، بل انها عجزت عن تخطي كثير من العقبات. 'الأسبوع' حملت ملف الدعم واستطلعت آراء خبراء اقتصاديين حول جدواه وطريقة التعامل معه. وفي هذا السياق تري الدكتورة بسنت فهمي 'أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية', أن هناك ضرورة ملحة لرفع الدعم عن بعض الفئات التي تستفيد من الدعم الحكومي دون الحاجة لهذا الدعم, مشيرة إلي التكاليف والاعباء التي تتحمل الدولة سنوياً, وذكرت عدة أمثلة علي إهدار الدعم الحكومي منها: دعم عدد من المصانع الكبري التي تحقق أرباحًا طائلة, بالإضافة إلي دعم المياه والوقود الذي يتساوي فيه الفئات القادرة وشرائح الفقراء من محدوي الدخل. وأكدت 'فهمي' أنه لابد من وضع معايير وضوابط شديدة لإيصال الدعم إلي مستحقية من خلال تحديد أوجه الإنفاق بعد تطبيق رفع الدعم تدريجياً, وحتي يتم استغلال رفع الدعم في توفير احتياجات محدودي الدخل, وتقليل الأعباء الاقتصادية التي يشعر بها يومياً. وقالت 'فهمي' إن حكومة الدكتور حازم الببلاوي في حاجة إلي قرارسياسي لحل العديد من الأزمات, منها مسألة رفع الدعم عن كبار المستلهكين ورجال الأعمال وغيرهم من الفئات التي تستفيد بالدعم الحكومي, مؤكدة إن الحكومية الحالية تعمل في إطار تسيير الأعمال فقط, لحين الانتهاء من المرحلة الانتقالية دون التفكير في المستقبل الاقتصادي للدولة وأوضح الدكتور حمدي عبد العظيم 'رئيس أكاديمية السادات الأسبق', أنه لابد من اصدار قرارت اقتصادية جرئية وسريعة من قبل الحكومة الحالية لرفع الدعم عن بعض الشرائح التي تستفيد من الدعم الحكومي وتحقق من خلاله مكاسب مالية كبيرة في الوقت الذي يعاني في محدودو الدخل ارتفاع الاسعار ونقص الدعم الموجه إليه. وأضاف 'عبد العظيم' أن الحكومة مطالبة بتوفير موارد جديدة لتقليل عجز الموازنة الحالي من 14% إلي 9%, بالإضافة إلي تطبيق الحد الأدني للأجور مع وضع ضوابط للحد من ارتفاع الاسعارالمتزايدة من خلال دراسات جيدة توفر الموارد اللازمة لحماية الفقراء ومحدودي الدخل. وفيما يتعلق بالربط بين رفع الدعم والحد الأدني للأجور يقول الدكتور محمود عبد الحي 'الرئيس السابق للمعهد القومي للتخطيط' أن قرار رفع الدعم كان يجب تطبيقه منذ وقت طويل, حتي تتمكن الحكومة من تطبيق الحد الأدني للأجور بشكل منضبط, كما يجب ان تتقدم الحكومة بدراسة دقيقة وواضحة ويتم فيها احتساب تكاليف المعيشة اليومية للمواطن وتقوم الدولة بعمل تلك الدراسة كل سنة أوسنتين علي أقصي تقدير وتكون علي حسب التغيرات المصاحبة لتكاليف المعيشة حتي يكون هناك حرية لتحريك الحد الأدني للأجور, لكي يكون متوافقاً مع متطلبات الحياة المعيشية. وأضاف 'عبد الحي' أن هناك جانبًا رئيسيًا من عملية الاصلاح كان يجب أن ينفذ وهو نشر تلك الدراسة لكي يعرف المواطن أن قرار تطبيق الحد الأدني اتخذ بشكل علمي وليس بناء علي مفاوضات بين الحكومة والمواطنين حتي تستطيع الحكومة أن تقرر هل الحد الأدني معقول لمواجهة الأمور الحياتية الصعبة أم مجرد أموال فيجب أن تحدد الأجور والمرتبات طبقا للاعمال.. مؤكدًا أن مسألة تطبيق الحد الأقصي هي بدعة مصرية بامتياز فغالبية الدول تر ي تطبيق الحد الادني علي الاعمال والانشطة المختلفة لتحقيق حياة كريمة للمواطن فمن يعمل في القطاع العام يطبق علية حد أدني وحد أقصي وبعد ذلك يطبق علية زيادة تصاعدية وهي ما تسمي العلاوة طبقاً لنوع العمل وطبقاً لدرجة الاجادة في العمل, فمن يحصل علي امتياز يحصل علي علاوة أعلي ممن يحصل علي جيد ومن يحصل علي ضعيف لا يحصل علي علاوة, فنحن نريد أن نصنع قانونا منضبطًا يطبق علي كل فئات الشعب. وأشار 'عبد الحي' إلي أن التخوفات من رفع الدعم عن بعض السلع الاساسية تأتي بالتزامن مع بدء تطبيق الحد الادني للأجور ليست قائمة علي أساس علمي, فإذا أردنا ان نقيم دولة عصرية فلابد من بنائها علي أساس علمي وإذا أرادت الحكومة رفع الدعم عن السلع فيجب أن يكون عن طريق حساب تلك الزيادة وأن تغطي تلك التكاليف الحد الادني للأجور