في مقالة سابقة لي عن أهالي تاورغاء تسألت هل عليهم الاستعانة بالناتو؟؟؟ لكي يعودوا لديارهم وهاهم مع اقتراب عام جديد عام اخر وهم في الشتات فعامهم المنصرم لم يأتي لهم بالجديد.. كل لحظة اذكر فيها أصدقائي من هذه المدينة وان نكبة فبراير فرقتنا ولم نعد نعلم من بقي منهم علي قيد الحياة ومن استشهد بقنابل وصواريخ الناتو او ذبح بأيدي العملاء.. قلوبنا متألمة ونحن نتذكر هذه المدينة التي دائما يستقبلنا أهلها بترحاب وجود وكرم منقطع النظير، ، من منا لم يمر علي تاورغاء المدينة ويقف وينشد الراحة فيها ولو لسويعات قليلة ومن منا لم يتوقف ليشتري من فخارها الجميل بأشكاله الرائعه وديسها المصنوع بإتقان. تاورغاء هذه المدينة الشهيرة بالنخيل ونبات الديس وسواقي الماء اليوم مدينة تاورغاء ميتة لا حياة فيها فلم يبقي فيها سوي المنازل الفارغة والمهجورة والمنهوبه. تاورغاء والتي في يوم واحد غادرجميع سكانها. غادروا مدينتهم نزحوا عنها ليحافظوا علي حياتهم قبل أن تصل اليهم أيدي شياطين الموت ميلشيات مصراتة.فما يحدث أيها الليبين لأهالي تاورغاء اهلنا واخوتنا وصمة عار في جبين كل ليبي ليس فقط من شارك في نكبة فبراير ووصمة عار للعالم اجمع الذي جعل من ليبيا بلد ملئ بالفوضي والنكبات المستمرة. فمخيمات اهالي تاورغاء ستفتح امامك مساحة مؤلمة لفقد وطناً وأحبه وبحجم المآسي والحياة الضنكة التي يعيشها هؤلاء النازحون عن مدينتهم كل يوم ولحظة، وشهر، وعام بعد النكبة الفبرايريه وهاهم يدخلون في عامهم الثالث بعيدا عن ديارهم ومدينتهم التي تسعي ميلشيات مصراته والتي لا تستثني جهد وخبثا لمنعهم من العودة اليها وتريد ان تجعل من تاورغاء مدينة جديدة اسمها ''مصراته الجديدة ''.فالتهجير القسري أو التطهير العرقي الذي يحدث في ليبيا فبراير والذي كنا نحن أهل ليبيا نقرأ عنه في الكتب او نطالعها في الأخبار عن قوم وأناس هجروا من بلدانهم بل وإبادتهم لإحلال غيرهم محلهم كما حدث لأخواننا في فلسطين لنجد هذا الامر في بلادنا ويحدث لأهلنا الذين يهجرون ويقتلون في وطنهم كما حدث مع أهالي تاورغاء فهذه العنجهية والقسوة التي يتعرض لها أهالي مدينة تاورغاء دون الاكتراث لمطالبهم في العودة لمدينتهم امر شنيع وبشع ومخجل في حق كل منظمة إنسانية تدعي انها تكترث للحقوق الانسان والإنسانية في ليبيا وخارجها. فكلنا نعلم ان أهالي تاورغاء لم يكتفوا فقط بمطالبة المجتمع المحلي، بل رفعوا مطالبهم إلي المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي، لدعم قرار عودتهم، والوقوف إلي جانب حماية المدنيين العائدين إلي أرضهم المجاورة لمدينة مصراتة التي باتت تشكل في عهد فبراير دولة داخل الدولة الليبية الجديدة. و التي لا يزال سكانها يتهمون تاورغاء بالوقوف مع الراحل القذافي إبان ماسمي ثورة فبراير، واتهامهم بانهم سرقوا مدينتهم وبأنهم قاموا بأنتهاك الأعراض والحرمات لتبرر ميليشات مصراته قتلهم الكثير واعتقالهم ظلما وجورا في سجون الكره والحقد والضغينة وإلحاق بهم اقسي درجات التعذيب مما أدي الي موت الكثيرين منهم.. وهاهم اطفال تاورغاء يعيشون الغربه والتشرد في وطنهم الممزق.. وطنهم الذي اصبح بركة من الدم التي تزداد اتساعا كل يوم بمزيد من الدماء والتي يسقط ابنائها في كل حين ولحظة غربا وشرقا وجنوبا دونما استثناء.. سوف يستقبلون عاما اخر لم يحمل لهم سابقه شيء الا الوعود الكاذبة والتهجم علي مخيماتهم بين الفينة والاخري ويقتل شبابها ويأسر بعضهم انه شئ مؤلم محزن يفوق اي وصف للألم والحزن نقف امامه عاجزين والحكومة العميلة عاجزة والعالم بكل منظماته الحقوقية والإنسانية يمارس هوايته المعتادة المشاهدة مع الصمت ''يتفرج'' يعني مع عجز ايضا ونشر بعض إحصائياته بين لحظة وأخري لا للشي الا لتسجيل نقطة لصالحه فقط ولكي يجمل نفسه أمامنا؟! الا اننا نقول للعالم الإنساني أهالي تاورغاء يعيشون في وطنهم غرباء فحتي خيامهم وأكواخهم البائسة تلك والتي لا تقيهم وهج الشمس ولابرد الشتاء القارص ولا فوضي محيطهم ولا غدرهم فأين انتم منهم؟؟.. عاما اخر يأتي وفصلا قارصا لفصول السنة بأكواخ وخيم مهترئة من صنعهم بعدما عجزت حكومة فبراير المستوردة حتي علي توفيرها لهم. ومازالت القبائل الليبية عاجزة وصامته عن فعل شئ لأهالي هذه المدينة.. يضحكني ماتقوم به بعض منظمات المجتمع المدني في ليبيا الجديدة من زيارات لمخيمات أهالي تاورغاء وأخذ بعض الحقائب المدرسية وبعض الدفاتر الملونة والتقاط بعض الصور ونشرها علي صفحاتهم من مواقع للتواصل الاجتماعي لتشعر وكأنك امام مشهد لنجم هوليودي جند من قبل شبكات الجوسسه ليكون وجه إنساني لها.. باختصار اطفال تاورغاء لا يحتاجون لدفاتركم ولا أقلامكم ولا حقائبكم الملونة بعدما سرقتم منهم لون الفرح في حياتهم وجعلتم منهم مشردون في وطنهم !! فهم فقط يحتاجون للعودة لوطنهم الصغير تاورغاء فهم جزء لا يتجزأ من ليبيا الوطن مهما فعلتم ياثوار الناتو!!