بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الجمعة 11 أكتوبر 2024 (تحديث)    حديد عز يرتفع من جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    باركليز: استهداف إسرائيل للنفط الإيراني سيرفع الأسعار    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    ارتفاع حصيلة قتلى إعصار "ميلتون" في ولاية فلوريدا إلى 14 شخصا (صور)    أوباما يواجه مجتمع «السود» وتخوفهم من انتخاب سيدة    وفاة صحفية أوكرانية محتجزة في روسيا    أبرز مباريات اليوم الجمعة في تصفيات كأس أمم إفريقيا 2025    الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام في أوسلو اليوم    أخبار مصر: استقالة غامضة لرئيس شركة السكر، عدد السودانيين المغادرين مصر يوميا، توقع بموجة غلاء جديدة، خطة بايدن ونتنياهو لضرب إيران    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينتي يطا وقلقيلية بالضفة الغربية المحتلة    تعرف على سعر الريال السعودي اليوم في البنوك    بعد ساعات من دفنه، وفاة أُم حزنًا على ابنها شهيد لقمة العيش بالإسماعيلية    ننشر أسعار الذهب اليوم الجمعة 11 أكتوبر    إشادة برلمانية وارتياح شعبي بزيارة رئيس الوزراء للأقصر    «قرأوا الفاتحة في قعدة التعارف».. معلومات عن زوج مريم الخشت    نيبينزيا يتهم الولايات المتحدة بالتغاضي عن الجرائم الإسرائيلية    دعاء يوم الجمعة مكتوب.. اغتنم ساعة الاستجابة بأفضل الأدعية لليوم المبارك وما ورد عن الرسول    انتشال جثة سائق لودر سقطت عليه صخور جبلية أثناء عمله في قنا    فلسطين.. إصابات جراء قصف طائرات الاحتلال منزلًا في جباليا شمال قطاع غزة    اليوم.. قطع المياه لمدة 7 ساعات عن عدد من مناطق الجيزة    اليوم.. الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا بالمحافظات    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    إيمان العاصي تكشف رد فعل ماجد الكدواني بعد مشاهدة حلقات «برغم القانون»    حبس المتهمين بسرقة المساكن بالشروق    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    علي جمعة يكشف شروط الصلاة على النبي    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بكفر الشيخ    لدينا «صلاح ومرموش».. ربيع ياسين: «المنتخبات الموجودة بتترعب من منتخب مصر»    محمد رشوان: ذكر اسم بنتايك في أزمة المنشطات دون دليل يندرج تحت بند السب والقذف    أحمد السجيني: تعديلات في قانون البناء لحل مشكلة الإحلال والتجديد    نهى عابدين: أنا تركيبة صعبة ومش سهل أي حد يتعامل معايا وثقتي في الآخرين صفر (فيديو)    جزر فاروه تفرط في الفوز على أرمينيا    الأوقاف تعقد «لقاء الجمعة للأطفال» في 27 مسجدًا    أوقاف شمال سيناء تنظم ندوات ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    عاجل - هجوم إسرائيل على إيران.. خطة بايدن ونتنياهو لضرب طهران (تفاصيل)    «راجع نفسك».. رسائل نارية من رضا عبد العال ل حسام حسن    هاشتاج دار الأوبرا المصرية يتصدر منصة X قبل افتتاح مهرجان الموسيقى العربية    خذ قسطا من الراحة.. برج الجدي حظك اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    هؤلاء معرضون للحبس والعزل.. تحذير عاجل من نقيب المأذونين    وفاة سيدة حزنًا على ابنها بعد 24 ساعة من دفنه في الإسماعيلية    القبض على معلمة تشاجرت مع طالبات داخل إحدى المدارس بحلوان    دار الإفتاء تحذر من التحايل لاستعمال سيارات ذوي الإعاقة    صاعقة في ويمبلي.. اليونان تهزم إنجلترا في الوقت القاتل    «يخرج الحى من الميت».. إنقاذ طفل من رحم والدته بعد وفاتها في أسيوط    لو بتعاني منه في بيتك.. 5 طرق للتخلص من بق الفراش    قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: دروسٌ في الإيمان والثبات على الحق    سياسيون: زيارة الرئيس السيسي لإريتريا خطوة محورية لتعزيز الأمن والاستقرار    وزير الصحة: إيزيس التخصصي يوفر 28 سريرًا و26 ماكينة غسيل كلوي لدعم صحة المرأة في جنوب الصعيد    محمود فوزى بندوة التنسيقية: الرئيس السيسى موقفه واضح إزاء القضية الفلسطينية    هشام حنفي: عرضت الجزيري على الأهلي واترفض    أصعب نهار على «ميدو».. «النقض» ترفض دعواه وتلزمه بدفع 8.5 مليون جنيه لقناة النهار    وكيل بنتايك: لا نفهم سر الحملة الدائرة حول تعاطي اللاعب للمنشطات.. وسنتخذ الإجراءات القانونية    متحدث التعليم: تطوير نظام التقييم ليصبح أكثر شمولية وتركيزًا على المهارات والقدرات    أخبار × 24 ساعة.. بدء التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير الأربعاء المقبل    محمد أمين: السادات كان يدرك منذ البداية ما يحتاجه من الحرب    وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتفقد المشروعات الإنشائية بجامعة الأقصر (صور)    محافظ شمال سيناء يشهد إحتفال مديرية التربية والتعليم بذكري انتصارات أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجماعة بديل عن الوطن والدين.. والجرائم أصبحت فرض عين
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 05 - 11 - 2013


الجامعة هاجس الإخوان.. ووهم الانتشار والاستقواء
قاتل النقراشي يفضح استخدام الإخوان للطلبة في الجهاز السري وتكليفهم بالاغتيالات الهضيبي حرض الطلبة ضد ثورة يوليو.. وزعيمهم يسيء إلي محمد نجيب والثورة
عمر التلمساني يخدع السادات ويخطف طلاب الجامعة ليعيد بهم تأسيس الإخوان
والجامعة كما يعرف المتابعون هي آخر خنادق الإخوان.. وخط الإرهاب الأخير الذي يلجأون إليه عادة عندما تضيق بهم الدنيا.. وقد لجأوا إليه عندما فكروا في إنشاء جهازهم السري المسلح.. فكان قوامه شباب الجامعة الذين ضللوهم باسم الدين.. وغسلوا أدمغتهم بالتخريبات التي قامت بلي أعناق الكلمات، وتأويل النصوص لتتوافق مع أغراضهم.. وتؤكد وقائع التاريخ أن كل التجمعات التي تم ضبطها تتدرب علي استخدام السلاح في مواقع جبل المقطم والمناطق الصحراوية النائية كانت كلها من شباب الجامعات.. وكذلك سلاسل نسف المنشآت.. وحرق المساكن والشركات.. قام بها الشباب المضلل.. وكان قتلة أحمد ماهر والنقراشي والخازندار وسليم زكي وأمين عثمان وغيرهم.. من شباب الجامعات.. وقد فضح كل ذلك عبد المجيد حسن طالب الطب البيطري وقاتل النقراشي باشا آواخر عام 1948.. عندما تخلي عنه حسن البنا المرشد الأول.. وأنكر فعلته كما أنكر كل ما قام به زملاؤه.. ووصفهم بأنهم 'ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين'.. فأدلي باعترافات مفصلة بعد ثلاثة أسابيع من الصمت وتحمل العذاب تدفع قيادات الإخوان بالإرهاب.. واستباحة الدماء والتآمر ضد الدولة والنظام القائم، وأي نظام يقوم دونهم لأنهم قرروا من زمن أن يضعوا مصر بين خيارين: إما أن يحكمها الإخوان.. وإما أن تتعرض للحرق والدمار علي يد جهازهم السري وميليشياتهم العسكرية.. وقد لجأوا إلي الجامعة في كل أزماتهم كما سوف يتضح قريبا.. واليوم يكررون ذاته السلوك.. لأنهم لا يتعلمون.. ويرون الدنيا في حالة سكون كالاموات.. وفي كل أزمة يندفعون في الطريق ذاته إلي حتفهم.
1
بعد السقوط المدوي للإخوان.. والرفض الشعبي العارم لأساليبهم وأطماعهم وادعاءاتهم.. بل لوجودهم نفسه.. لم يجد التنظيم الارهابي بدًا من اللجوء إلي خبراته وأساليبه.. التي عاش بها ولها.. ففجر كل ما لديه من خطط إرهابية.. واستخدم تشكيلاته التي تتوزع في العديد من الدول والتنظيمات شبه السياسية والارهابية ذات التاريخ المعروف، لضرب استقرار مصر، وهدم اقتصادها.. وقطع كل اتصالاتها بالعالم العربي والمجتمع الدولي، بغرض تدمير سمعة الدولة، وإفقارها.. ودفعها إلي الإفلاس حتي لو مات مواطنوها جوعا.. وإن كان الخطأ الأكبر الذي استفز شعب مصر هو تجرؤ الإخوان علي الجيش ومحاولات الإساءة إليه وإلي رجاله.. وهو الخطأ القاتل الذي لن يغفره الشعب للإخوان..
ولأن شعب مصر قد أدرك حقيقة الإخوان.. وعرف خلال عام القلق والمعاناة والكذب والتلفيق، والنهم الغرائزي والسرقة واستباحة كل المحرمات.. فقد وقف لهم بالمرصاد.. في شوارع القاهرة والمحافظات.. وغني لجيشه الذي يتعقبهم في سيناء.. وساند قوات الأمن التي تطاردهم..
وأمام الرفض الشعبي والمقاومة الباسلة.. استنفد الإخوان كل رصيدهم من التآمر والتخريب.. ولم تعد أموالهم الحرام تغري حتي البلطجية المحترفين الذين رفضوهم شكلا وموضوعا.. واستهانوا بهم، وأسقطوا أقنعتهم المزيفة التي تخفي أحقادا وإجراما.. ومن ثم فقد عادوا للجوء إلي الجامعة التي كانت وستظل أحد أهم الأهداف الرئيسة التي تسعي القوي السياسية وأولها الإخوان لضمان استقطابها والهيمنة عليها وامتلاكها.. مهما كلفها ذلك من جهد فكري ومادي.. ومنذ ظهرت 'الجامعة' في مصر أوائل القرن العشرين جامعة أهلية عام 1908، ثم جامعة مكتملة الأركان والأهلية بالمرسوم المنشئ للجامعة المصرية في 11 مارس 1925 وحتي اليوم وما بعد اليوم ظلت الجامعة مركز قوة وبؤرة ثورية يعمل لها ألف حساب..
والتاريخ القريب يروي الكثير عن تنظيمات 'القمصان الزرق' الوفدية، و'القمصان الخضر' التابعة لمصر الفتاة.. وسعي الإخوان منذ نشأتهم لإيجاد موضع قدم لهم في الجامعة.. حتي إن أحد مؤرخيهم أعلن في رسالة جامعية 'الإخوان.. والمجتمع المصري' صدرت في كتاب عام 1945، أن عام 1939 كان عاما حاسما حيث 'دخلت الدعوة طورا جديدا من حيث علاقتها بالسياسة وبداية الازدهار حيث انضم إليهم عنصر جديد من شباب الجامعات والأزهر.. إلخ'..
وكان شباب الجامعة قد شارك وقاد كل الحركات الشعبية التي نادت بالجلاء.. والحرية.. والدستور.. واتصلت بحركات الشباب في أنحاء العالم والتي قررت اعتبار يوم 21 مارس عام 1946 وما جري فيه من أحداث في مصر.. يوما عالميا للطلاب.. تكريما لطلاب مصر الذين بدأت حركتهم واستمرت حركة سلمية سلاحها الشعار، والخطبة، والبيان.. حتي تسلل إليها شباب الإخوان بتدريبهم العسكري.. واستخدامهم السلاح بديلا عن الحوار.. واندفاعهم الأعمي تحت مخدر 'السمع والطاعة' لتنفيذ مآرب الجماعة.. فحاربوا حزب الوفد ذا الأغلبية الشعبية الساحقة لحساب الملك.. وأيدوا حكومات السراي وأحزاب الأقليات.. وبينما كان الشعب المصري يواجه الطاغية اسماعيل صدقي.. كان الإخوان وحدهم يسبحون بحمده، ويهتف زعيم طلابهم باسمه منسوبا للذكر الحكيم 'واذكر في الكتاب اسماعيل.. إنه كان صادق الوعد.. وكان رسولا نبيا.. وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة.. وكان عند ربه مرضيا' 'مريم 54، 55'.
بل إنهم وكما أثبتت الوثائق البريطانية والأمريكية التي نشرت مؤخرا.. قد اتصلوا بقوات الاحتلال الانجليزي.. كما اتصلوا بالسفارة الأمريكية.. وتلقوا 'الإعانات السخية من الطرفين'.. وكما سمحت لهم قوات الاحتلال بالعمل والانتشار، ومنحتهم دعمها المادي والمعنوي.. أدار مرشدهم الهضيبي ظهره لدعوات مقاومة الاحتلال.. وأمر أتباعه بعدم الاستماع إلي تلك الدعاوي، وقال لهم قولته الشهيرة: 'اذهبوا واعكفوا علي تلاوة القرآن الكريم' أما عن العلاقة بالجانب الأمريكي فقد دار حوار ممتد بين الإخوان والأمريكان حول إجراءات الصلح مع إسرائيل بعد تمكين الإخوان من الحكم والوثائق الرسمية المعترف بها.. تفوح بأسرار ومهازل وسقطات تصل إلي الخيانة.
2
عقب قيام ثورة يوليو 1952، ورغبتها المعلنة في التوافق مع كل القوي السياسية الشريفة.. والتقارب الذي جري بينها وبين عدد من القوي في مقدمتهم الإخوان، وسعي الثورة للإفراج عن أعضائها المحبوسين والمعتقلين.. ثم إعادة الاعتبار لمرشد الأول حسن البنا، وإعادة محاكمة المسئولين عن اغتياله وإدانة أحد عشر متهما من العاملين في خدمة القصر الملكي وقادة الشرطة وقتها.. ويعترف مؤرخ إخواني بفضل ثورة يوليو علي الإخوان: 'فاستردت الجماعة عافيتها.. وأصبح لها 1500 شعبة، وبلغ عدد أعضائها المسجلين أكثر من مليون'.. وقد أغري ذلك الإخوان فتوهموا أن الثورة بحاجة إليهم، وإنها بدونهم لا يمكن أن تستمر فطالبوا ب 'حقوقهم' فيها.. ووصل الأمر إلي حد مطالبتهم بعرض كل القرارات الخاصة بإدارة الدولة عليهم قبل إصدارها للمراجعة والاعتماد، والتعديل إذا لزم الأمر.. وكان الرفض الحاسم من قائد الثورة 'جمال عبد الناصر' الذي أكد لهم أن الثورة لن تقبل وصاية من أحد.. وبعدها بدأ الصراع.. وكالعادة لجأ الإخوان إلي الجامعة.. وشحنوا طلابهم للتنديد بالثورة ورجالها خاصة 'جمال عبد الناصر' الذي يقول عنه زعيم طلاب الإخوان 'حسن دوح' في مذكراته: 'كنت أشعر بأنه عسكري الطبيعة، غامض الشخصية، يؤمن بنفسه وبفكره فقط'.. وكان 'دوح' بتعليمات من المرشد يتولي علمية الاستفزاز الدائمة لرجال الثورة.. وقد أبلي في ذلك بلاء لا يوصف إلا بالوقاحة.. عندما مدَّ يده ليصافح محمد نجيب في أحد احتفالات الجامعة.. ثم قال له: 'يد الجامعة هذه التي تصافحك اليوم.. كانت تصفع الحكام من قبل' وبلعها محمد نجيب بحكم سنه.. ولكنها لم تمر علي الآخرين.. في مجلس قيادة الثورة.. واستمرت المواجهات بين الإخوان والثورة ممثلة في أول تنظيماتها السياسية 'هيئة التحرير'.. وتفجر الموقف في اليوم الثالث عشر من يناير 1954، وهو اليوم الذي اعتادت فيه الجامعة علي الاحتفال بذكري شهدائها في معركة التل الكبير ضد الاحتلال الإنجليزي.. يقول 'حسن دوح' زعيم طلبة الإخوان في مذكراته: 'وكان المرشد- الهضيبي لا يؤيد العنف.. ولكن الوضع تبدل بعد أن هددتنا الثورة باستعمال القوة.. فقد تشكلت أجهزة سرية في الجيش والبوليس والمدنيين ما أظنها كانت خافية علي الرجل'.. ثم تحدث عن استعداد الإخوان للاحتفال بذلك اليوم.. وتأملوا فيما كتبه: 'عقدت سلسلة من الاجتماعات في دار الإخوان بالحلمية- في قسم الطلبة- وكانت كلها تعد للاحتفال، وا قد يصاحبه من احتمال وقوع صدام بين الإخوان وهيئة التحرير.. وتصادف وجود نواب صفوي زعيم الشباب المسلم في إيران، وكان بالغ الحماسة والشجاعة، ومن أعداء الشاة الالداء.. فطلب منه بعض إخواننا إلقاء خطاب في الجامعة رغم خشيتي من تطرفه.. ثم إن شباب الإخوان بدأوا في إعداد أنفسهم لمواجهة هيئة التحرير إذا بدأت بالصدام.. واجتمع في حرم الجامعة عشرات الآلاف من الطلبة وارتجل نواب صفوي خطاباً ثائراً حماسيًا.. ثم تكلمت بعده وكنت كشأني حاداً في كلامي.. '، وفي عجالة غامضة ينهي هذه الفقرة من مذكراته قائلاً: 'وقبل أن ينتهي الخطاب سمعت طلقات نارية صادرة من سيارة كان يستقلها بعض قادة منظمة التحرير!!!، ثم حدث هيجان شديد، وتضارب، وصياح ضد الخوان ومع الإخوان.. وتمكن الإخوان بفضل تنظيمهم من سحق المؤامرة'.. ومذكرات زعيم طلبة الإخوان لا تحتاج لأي دليل علي تأمرهم.. واستعداداتهم المسبقة، وحشر عنصر أجنبي داخل المؤامرة.. ثم الكذب الواضح.. وهم المتأمرون والملفقون والمعتدون.. باعتراف حسن دوح الذي يكاد يقول في مذكراته خذوني.
-3-
كان يوم 26 أكتوبر 1945 وما قبله.. من الأيام الحافلة في تاريخ مصر.. كان عبد الناصر قد وقع اتفاقية الجلاء بعد سبعين عاماً من الاحتلال.. ورغم معارضة الإخوان لها.. فقد قامت قيادات الجماعة بزيارة عدد من المسئولين في مجلس قيادة الثورة للتهنئة.. وأشيع أن المرشد الهضيبي سوف يلقي بيانا يؤيد فيه الاتفاقية.. وطلب مكتب الإرشاد تحديد موعد للقاء جمال عبد الناصر للتهنئة والتأييد.. في مساء ذلك اليوم نفسه، وبينما كان عبد الناصر يلقي خطابه أمام الحشود المؤيدة في ميدان المنشية بالإسكندرية متحدثا عن نضال الشعب الذي توج بتوقيع اتفاقية الجلاء.. أطلق عليه 'محمود عبد اللطيف' وهو سمكري، عضو بإخوان إمبابة تسع رصاصات أصابت بعض المحيطين به إصابات طفيفة.. وكادت الجماهير تفتك بالجاني.. وما تبع ذلك من محاكمات.. وكانت النهاية الطبيعية للإخوان.. فعادوا إلي نقطة الصفر كما جري معهم عقب اغتيال النقراشي عام 1948.
ولكن بعد 11 عاماً اكتشفت أجهزة الأمن أن 'سيد قطب' ومجموعة صغيرة من قدامي الإخوان لا تكاد تتجاوز أصابع اليد الواحدة.. قاموا بإعادة إحياء الإخوان بواسطة عناصر جديدة تماما من طلاب الجامعات.. لأن قدامي الإخوان بزعامة عمر التلمساني كانت تعارض أفكار قطب وتحذر منها.. وعندما اكتشف التنظيم عام 1965 كانت أغلبيته من الطلبة.. وكان بعضهم قد تخرج حديثا وتراوحت أعمارهم حول العشرينيات.. وكان بينهم د.محمد بديع '21 سنة' ويعمل معيداً بكلية الطب البيطري، ومحمود عزت '21 سنة' طالباً بجامعة عين شمس، والمئات من طلاب الجامعة والمعيدين الجدد الذين صدرت إليهم أوامر سيد قطب في يوليو 1965 باغتيال بعض المسئولين في مقدمتهم رئيس الجمهورية، وتخريب بعض المنشآت العامة ذات الأهمية لإحداث شلل تام في الدولة.. ناهيك عن نسف القناطر الخيرية وإغراق الدلتا.. وجرت المحاكمة وتم إعدام رءوس المؤامرة الثلاثة 'سيد قطب، محمد يوسف هواش، عبد الفتاح إسماعيل' والزج بالعشرات في السجون.. ومنهم محمد بديع 'أشغال شاقة 15 سنة'، محمود عزت 'أشغال شاقة 10 سنوات' حميدة قطب '10 سنوات'.. وتخفيف حكم الإعدام إلي السجن لعدد آخر ل'صغر سنهم'.
وكان من الممكن.. وبعد تصفية الإخوان في شكلهم الجديد.. وللمرة الثالثة.. أن يتواري التنظيم.. وإن كان البعض قد توقع أن تتخلق تنظيمات أخري أكثر فجاجة وحماقة وإجراماً من عباءة الإخوان.. وقد حدث.. إلا أن اللافت للانتباه تلك الاتصالات السرية التي قام بها أنور السادات قبل شهور من رحيل عبد الناصر، مع العديد من العناصر الإخوانية.. واكتشاف الأمر، ثم تحديد إقامته في ميت أبوالكوم.. وهي فترة غامضة لم يكشف عنها الستار بعد.. وإن كانت نتائجها قد ظهرت بوضوح عقب رحيل عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970.. وتولي السادات الذي لم يستطع الصبر أكثر من عدة شهور فأطاح بنظام عبد الناصر ومساعديه في مؤامرة 15 مايو 1971.. وبدأ يخطط لحكمه الذي اعترضت عليه كل القوي السياسية، ويكتب اللواء فؤاد علام مسئول أمن الدولة في مذكراته أن: 'الذين مهدوا الطريق للائتلاف بين السادات والإخوان هم: عثمان أحمد عثمان وسيد مرعي ومحمد عثمان إسماعيل ومصطفي أبوزيد فهمي.. بجان أن السادات كان في نيته أن يستعين بالتيار الإسلامي وخاصة الإخوان، وكان يتصور أن في إمكانهم التصدي للتنظيمات الناصرية والشيوعية والوطنية التي كانت تعارضه'، وقد أقنعوه إن الإخوان يدعمون نظام حكمه.. ومن ثم فقد أصيبت أجهزة الأمن بخيبة أمل شديدة.. لوجود صعوبات كبيرة في تعقب نشاط الإخوان في تلك الفترة.. وباختصار شديد فقد كانت 'سنوات السبعينيات هي 'الصوبة' التي نمت فيها التنظميات المتطرفة بعيداً عن الأعين.
وضجت تقارير الأمن بالملاحظات الآسفة: 'لو قرأ السادات سطرا واحداً من ملف مؤامرات الإخوان لأراحنا واستراح.. ولا كانت مصر وقعت في بداية السبعينيات وراح هو ضحيتها في أوائل الثمانينيات'.. فيوم وفاة عبد الناصر، لم يكن في السجن من أعضاء الجماعات الدينية سوي '118' فقط، 8 من الإخوان المتشددين أمثال عمر التلمساني ومحمد قطب ومصطفي مشهور.. و38 من جماعات التكفير أبرزهم علي عبده إسماعيل وشكري مصطفي.. وقد طلب السادات ملفاتهم وقرر الإفراج عنهم في صفقة مجنونة رغم تحذيرات الأجهزة الأمنية من خطورة هؤلاء.. وكانوا جميعاً مصنفين 'خطر جداً'، لكنها دراما التاريخ التي جعلته يوقع بيده قرار إعدامه.
لم يستجيب السادات للنصيحة، وفتح القمقم مرة واحدة.. فخرجت الثعالب الجائعة دفعة واحدة.. وانتشرت في ربوع مصر.. وجندت الآلاف من الصبية والشباب.. والمعلومات أوردها اللواء فؤاد علام في مذكراته 'الإخوان.. وأنا'.
-5-
ومن جديد تحتل الجامعة المشهد بأكمله.. ويعترف محمد عثمان إسماعيل 'مستشار السادات للأمن القومي ومحافظ أسيوط السابق'، بأن السادات كلفه بتشكيل الجماعات الإسلامية في الجامعات لقمع الحركة الطلابية. وعلي الجانب الآخر سعت العائلات الإخوانية بدفع أبنائها الذين يدرسون في الجامعات للمعاونة في تشكيل تلك التنظيمات.. وكان دور الأمن في هذه الفترة خطيراً وحساساً.. خطيراً لأنه يري بداية شبح التطرف والإرهاب ينتشر بصورة لم تحدث.. وحساساً لأن رغبة الأمن في وقف هذه التحركات تتعارض مع رغبة القيادة السياسية، ويضيف فؤاد علام: 'وكانت كل الطرق تؤدي لسيطرة الإخوان علي الجامعات.. والأمر الخطير أن مؤسسات الدولة بدأت تدفع الإخوان في هذا الاتجاه.. لأنها كانت رغبة الرئيس' و'استخدمت أموال الاتحاد الاشتراكي!!! في طبع المنشورات، وتأجير السيارات، وعقد المؤتمرات.. وأيضا شراء المطاوي والجنازير'.
لهذا الحد كان اهتمام الإخوان بالجامعة وطلابها.. وأيضًا كان اهتمام السادات ونظام حكمه.. ولهذا الحد كان الخلط والادعاء والغموض بالنسبة للجماعات الإسلامية.. كيف تشكلت؟ ومن الذي أوحي للسادات بالفكرة؟ ثم من الذي كلفه السادات بالمهمة.. فؤاد علام يقول: إن السادات كلف محمد عثمان إسماعيل ود.محمود جامع بتشكيل تنظيمات دينية في الجامعة لقمع الحركة الطلابية.. ومحمد عثمان إسماعيل يقول: 'أقر أنني وحدي من شكَّل الجماعات الإسلامية في الجامعات باتفاق مع المرحوم السادات'.. وفي كتابه 'ذكريات العمر' يقول د.مصطفي كمال طلبه عالم البيئة والمدير السابق للأمم المتحدة 'الراحل' أكد أنه شارك محمد عثمان إسماعيل وبتكليف من السادات في الاتصال بأساتذة الجامعات من الإخوان المعتدلين، لإنشاء جماعات إسلامية داخل الجامعات لمواجهة تيارات اليسار المتطرفة التي استشرت وقتها في الجامعات - علي حد قوله-.
ومن المفارقات التي يمكن التنذر بها أن السادات عين محمد عثمان إسماعيل محافظًا لأسيوط 'مسقط رأسه' مكافأة له علي تشكيل الجماعات الإسلامية في الجامعات.. ولكي يرعي الجامعات الإسلامية في جامعة أسيوط.. ويبدو أنه قد بذل جهداً غير عادي في دعم تلك الجماعات لدرجة وجود 45 طالباً من هذه الجماعات يشكلون حوالي نصف المتهمين بقتل السادات منهم 15 طالباً من جامعة أسيوط وحدها.
-6-
ومن الواضح أن الجامعة - بكل ما تمثله- كانت ولم تزل الهاجس الأكبر للإخوان منذ نشأتهم عام 1928 حتي اليوم.. ويسجل الكاتب الإسلامي عبد الفتاح عساكر أن حسن البنا كان يختار بعض الطلبة بمواصفات محددة، ويطلب عدم تسجيل أسمائهم بأي شعبة من شعب الإخوان، ولا في الجهاز السري الذي أنشأه البنا في أوائل الثلاثينيات للقتل والتدمير، وكانت علاقة البنا بمثل هؤلاء الطلبة علاقة ثنائية.. مثل الطالب الذي قتل سليم زكي حكمدار القاهرة بإلقاء قنبلة عليه بأمر من حسن البنا، ولم يعرف عنه شيء للآن.. وحفظت القضية ضد مجهول.. وهو الآن طبيب في إحدي الدول الأوربية.. وكان من الذين لم تسجل أسماؤهم في فرق الإخوان.. ثم ألمح إلي أن محمد عثمان إسماعيل كان أحدهم!!
-7-
في أعقاب مقتل السادات وخلال استجواب المرشد الثالث عمر التلمساني عن هيكل الجماعة.. أدلي الرجل باعتراف كامل وبالأسماء عن الهيكل التنظيمي للإخوان من أول المرشد.. ومكتب الإرشاد، ومجلس شوري الجماعة.. حتي المكاتب الإدارية بالمحافظات.. ثم توقف قليلاً وقال: أما الجامعة فمسئول عنها عصام العريان وعبد المنعم أبوالفتوح وأبوالعلا ماضي وحلمي الجزار.
-8-
فوجئ الإخوان- من فرط الغفلة- بسقوطهم المروع.. وسط هبة شعبية عارمة ضمت أكثر من 40 مليون مواطن 'ترفض وجودهم'.. وتقتلهم اقتلاعاً.. وهم الذين توهموا البقاء في الحكم 500 سنة كما قال 'العياط'.. وكانت ردة فعلهم المتوقعة هي اللجوء إلي تراثهم الإرهابي.. خاصة أنهم خلال عامهم التعس في السلطة قد مكنوا لعناصرهم وأهدافهم.. فحولوا سيناء إلي إمارة يحكمها الإرهاب الوافد من كل اتجاه.. ودعموا منظمة حماس كرديف ومستودع للإرهاب وقت الحاجة.. ورتبوا أمورهم من خلال آلاف الأنفاق التي ألغت الحدود بين غزة وسيناء.. ثم إنهم قاموا بزرع عناصرهم في جميع المواقع بطريقة لم يسبق لها مثيل.
ولأنهم هذه المرة لم يكن يواجهون حاكماً، أو خصماً سياسياً، بل كانوا يواجهون شعب مصر.. ومن خلفه الشعب العربي.. فقد فشلت كل محاولاتهم لمغالبة نواميس الكون.. وتغيير مسار التاريخ برغم الأرواح التي أزهقوها، والدماء التي سفكوها، والبشاعات التي ارتكبوها.. وقد تهاوت قوتهم ومؤامراتهم أمام إصرار الشعب ووقفة الجيش والأمن مع الإرادة الشعبية.. وكان متوقعاً أن يلجأ الإخوان إلي خط إرهابهم الأخير.. وأوهامهم القديمة باعتبار أن الجامعة مازالت في حوزتهم.. بعد أن استغلوا فترة حكم ما بعد عبد الناصر.. وسربوا إليها العديد من أعضاء هيئات التدريس.. وأنشأوا الخلايا والجماعات الممولة.. 'ونظرة فاحصة إلي قيادات الإخوان، وأعضاء مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة يتضح أن أغلبهم أعضاء في هيئات التدريس الجامعية'.. ونسي هؤلاء الغافلون كعادتهم أن الدنيا قد تغيرت.. وأن أهل مصر قد عرفوهم علي حقيقتهم.. وأن أموالهم قد تغري فقراء الطلاب خاصة في جامعة الأزهر بإحداث بعض الجلبة والضوضاء.. ولكنها غير قادرة علي إحداث شيء يذكر.. أو أمر مما يتوهمون.. خاصة بعد أن تبين لطلاب الجامعة أن كل أهداف الإخوان هي إيقاع الضرر بالوطن.. وطعنه من الخلف.. ونشر الفوضي.. وقطع علاقاتها بالعالم.. وتخريب المواصلات الداخلية، وتعطيل الدراسة في المدارس والجامعات.. وضرب السياحة.. ومحاولاتهم المجرمة لإعاقة العمل في قناة السويس.. وحرمان الوطن من موارد أساسية يواجه بها احتياجات الشعب.. ويدفع دولاب العمل للإنتاج.
ومن المؤكد أن طلاب مصر.. أصحاب التاريخ في الحركة الوطنية لا يمكن أن تخدعهم دعاوي الأفاقية.. والمشعوذين.. أعداء الوطن والشعب، الساعين لتخريب الدولة وإسقاطها.. في مقابل مقاعد السلطة التي طردوا منها بعد فشلهم الذي تحدثت به الدنيا.. ولأن الحق يعلو ولا يعلي عليه.. ولأنه لا يصح إلا الصحيح.. فسوف يفاجأ الإرهابيون، خونة الأوطان.. بالحركة الطلابية المصرية تستعيد سيرتها التاريخية.. وتعود إلي رحمها الطبيعي في قلب الشعب.. وتحولها إلي معول لا يقاوم، يهدم بكل جسارة أقبية التأمر.. وأوكار الخيانة.. ليعود لمصر استقرارها.. ويشرق من جديد وجهها الحضاري الحقيقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.