مضي حوالي الشهرين علي بدء المبعوث الأمريكي جورج ميتشيل جولاته المكوكية بين القدس ورام الله في محاولة- من خلال التباحث غير المباشر- إيجاد ارضية مشتركة للحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين. المستهدف من وراء ذلك هو التمهيد لاستئناف المفاوضات المباشرة من جديد سعيا إلي تسوية سلمية تُنهي الاحتلال الاسرائيلي وتسمح باقامة الدولة الفلسطينية. وقد فوجئ العالم وفي المقدمة الفلسطينيون بتصريح لأحد مستشاري البيت الأبيض الأمريكي - عقب عودة ميتشيل من جولته الأخيرة الأسبوع الماضي. يقول فيه أنه قد تم تحقيق تقدم وتقريب في وجهات النظر بين طرفي المباحثات غير المباشرة. ومن المفروض وعلي ضوء هذا التصريح أن يكون الجانب الفلسطيني - وهو الطرف الأساسي المعني بهذه المباحثات - علي علم بهذا التقدم الذي تزعمه الادارة الأمريكية ولان ما قيل ليس صحيحا علي حد ما صدر من رئيس الوزراء الفلسطيني سليمان فياض وصائب عريقات مسئول ملف المفاوضات فقد أُعلن أن السلطة الفلسطينية بعثت برسالة إلي واشنطن تستفسر فيها عن الأساس الذي استند اليه تصريح مسئول البيت الأبيض طالبة توضيحات حول هذا الأمر. في نفس الوقت ذكرت أنباء واشنطن- مما يمكن أن يكون في إطار هذا التوضيح المطلوب- ان ميتشيل قد حصل علي موافقة »البلطجي« نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل باسناد مزيد من المسئوليات الأمنية في الأراضي المحتلة للسلطة الفلسطينية بالاضافة الي تخفيف اجراءات حصار غزة بما يسمح بدخول المواد اللازمة لاعادة التعمير. يأتي هذا مرادفا لما أعلنه »الشمحطجي« ليبرمان وزير خارجية الكيان الصهيوني أنه لا توجد أي مؤشرات عن إمكانية الاتفاق علي قيام الدولة الفلسطينية قبل عام 2102. وفي إطار المناورات وعمليات المماطلة للتهرب من استحقاقات العملية السلمية- التي تقودها بدون أي فاعلية الولاياتالمتحدةالأمريكية وقبل القيام بزيارة واشنطن للقاء أوباما بعد أيام قليلة- أعلن »النتنياهو« أن مهلة تجميد الاستيطان الاسرائيلي سوف تنتهي في شهر سبتمبر القادم مما يعني استئنافها بعد هذا التاريخ. ليس خافيا ان المستهدف من وراء التذكير بهذا الموعد هو ممارسة الضغوط علي الفلسطينيين للاستجابة للمطلب الاسرائيلي ببدء المفاوضات المباشرة وفقا للشروط الاسرائيلية وبدون الاتفاق علي أجندة محددة تتضمن القضايا الاساسية التي تُعد محور الثوابت الفلسطينية. إن هدف اسرائيل من وراء كل هذه المظاهر الخادعة التي تقوم بها هو إحتواء الضغوط الدولية التي زادت وطأتها بعد جريمة مهاجمة قافلة المعونات وما أدت اليها من خسائر في صفوف اعضائها من المجتمع المدني وكان من نتائجها توتر العلاقات الاستراتيجية مع تركيا. ان ما تخشاه اسرائيل ان ينفد صبر ادارة أوباما- وهو أمر مستبعد طبعا- بما قد يؤدي إلي اعطاء الضوء الأخضر للجوء العرب والمسلمين الي مجلس الأمن لاستصدار قرار باقامة الدولة الفلسطينية التي سبق للمجلس اقراره في اطار موافقته علي المشروع الامريكي باقامة الدولتين الاسرائيلية والفلسطينية. من الطبيعي ان تنظر تل ابيب الي تصريح أحمد ابو الغيط وزير الخارجية المصري حول هذا الشأن - اثناء حضوره مؤتمر المانحين لدعم الفلسطينيين والذي عقد في باريس - باعتباره انذارا لها بجدية اللجوء الي مجلس الأمن اذا لم تصل الجهود الامريكية الي تحقيق السلام نتيجة التعنت الاسرائيلي. ورغم حالة التشاؤم السائدة في الشارع العربي من قصور الوساطة الامريكية تحت تأثير الانحياز للعدوانية الاسرائيلية والرغبة في ارضاء اللوبي الصهيوني. فإنه لا يسعنا سوي ان ننتظر ما سوف تحمله لنا نتائج لقاء اوباما مع البلطجي »نتنياهو« عدو الاستقرار بالشرق الاوسط وقائد فيلق التطرف الاجرامي في اسرائيل. جلال دويدار [email protected]