يأخذ ترشيد الدعم الموجه للفقراء اهتماما كبيرا من الدولة ويتم بحث تقويمه في مختلف مجالاته سواء أسطوانة البوتجاز أو الرغيف البلدي ثم الكهرباء والمحروقات. فتصريحات وزارة التضامن الاجتماعي فيما يخص دعم أسطوانة البوتجاز شديدة الوضوح وهي التي حددت أسطوانة واحدة فقط للأسرة المكونة من أربعة أفراد أو أقل وأسطوانتين للأسرة المكونة من خمسة أفراد أو أكثر علي أن تشتري هذه الأسر ما يزيد عن هذه الحصص بالأسعار الحرة غير المدعمة بأسعار حددتها الوزارة بأنها ستصل إلي 48 جنيها للأسطوانة!!!. ويأتي استغراب تخصيص أسطوانة بوتجاز واحدة فقط للأسرة حتي أربعة أفراد بتساؤل حول أليس من حق هذه الأسرة الصغيرة اسطوانة أخري للحمام أم أنه ليس من حقها الاستحمام!!؟ أو ربما علي ربة المنزل التنقل يوميا بأسطوانة البوتجاز بين المطبخ والحمام!!!. ويأتي تساؤل آخر: فهل من العدل أن يدفع شخص ميسر مثل كاتب هذا المقال فاتورة شهرية للغاز الطبيعي عن وصلة ثلاثية للمطبخ والحمام وسخان المطبخ لا تتجاوز تسعة جنيهات فقط بينما الفقير الذي يستعمل أسطوانة البوتجاز عليه أن يسدد 150 جنيها شهريا نظير ثلاث أسطوانات لوصلات ثلاثية للطهي والاستحمام والغسيل!!؟؟؟ ولماذا لا تحقق الدولة أرباحا من توزيع الغاز الطبيعي يخصص لصالح دعم أسطوانة بوتجاز الفقراء بتحديد أسعار الحد الأدني لاستهلاك الغاز الطبيعي في الأحياء الراقية بما لا يقل عن أربعين جنيها شهريا تنخفض في الأحياء المتوسطة والشعبية إلي عشرين جنيها شهريا فقط كحد أدني للاستهلاك فهي أقل كثيرا من أعبائنا في الكهرباء والمياه!!. أما الحديث عن استهلاك أسطوانات البوتجاز في العديد من الورش الصغيرة في المناطق الشعبية نقول أن هذا أفضل كثيرا من إعانة البطالة التي يمكن أن تصرف لهؤلاء الصغار من العمالة وحماية لهم من الانحراف لأنه وعلي الرغم من حصولهم علي هذه الأسطوانات المدعمة فإن دخلهم اليومي لا يزيد عن عدة جنيهات فقط تكاد تقيهم شر الحاجة دون زيادة أو تطلع لمستقبل أفضل. أما الأسطوانات المخصصة لمزارع الدواجن فقد تم إعادة النظر فيها وتم تحويلها إلي الأسطوانات الكبيرة المخصصة للقطاع التجاري ويمكن إعادة النظر في أسعارها للقطاعات الاستثمارية دوريا علي ألا تتجاوز ما يعادل أسعار الغاز الطبيعي في المصانع الاستثمارية والتي يجب أيضا إعادة النظر في أسعارها أيضا لصالح دعم الفقراء والورش الصغيرة لصغار العمال. أما دعم المحروقات فنحن نتساءل عن الزيادات التي طبقت من العام الماضي علي جميع تراخيص السيارات ذات سعة موتور من 1600 سنتيمتر مكعب أو أكبر والتي تضاعفت بعدها التراخيص إلي ثلاثة أمثال قيمتها السابقة وذلك كفرق سعر للبنزين والسولار الذي تستخدمه هذه السيارات ولماذا لم تظهر في الموازنة العامة للدولة لصالح تقليص دعم الوقود !! ومثلها أيضا الضرائب التي فرضت علي السيارات الفارهة التي تدخل مصر والتي اعترف بها السيد أحمد عز في أواخر جلسات المجلس والتي قال عنها أنها سددت جمارك وضرائب للدولة تجعل من سعر لتر البنزين التي تتزود به يصل إلي عشرة جنيهات!!! فأين ذهبت عوائد هذه الضرائب والتراخيص ولماذا تناستها الدولة عند وضع الموازنة العامة بما أظهر زيادة كبيرة في دعم المحروقات ارتفعت معها من 33 مليار دولار في العام الماضي إلي 66 مليار هذا العام!!!.. فهل الزيادة في تراخيص وضرائب السيارات كانت لصالح دعم الوقود أم لصالح زيادة موارد الدولة فقط!!! الدعم الثالث وهو الخاص بدعم الخبز والذي لم يتجاوز 10 مليارات جنيه مصري في موازنة العام الماضي ليرتفع هذا العام بنحو ثلاثة مليارات زيادة رغم الانخفاض العالمي الكبير في أسعار القمح وعدم خصم عائد بيع الدقيق للمخابز من إجمالي الدعم المخصص للرغيف. أن دعم الغذاء ليس في مصر فقط.. وطبقا للدراسة المنشورة علي موقع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في يناير 2010 يستحوذ الغذاء علي 45٪ من إنفاق الأسر الفقيرة، ونسبة من يتمتعون منهم بالتأمين الصحي لا يزيد عن 14٪ مقارنة بنسبة 47.5٪ للأغنياء وتصل نسبة وفيات الأطفال إلي 42 في الألف في الأسر الفقيرة مقابل 17 في الألف فقط في الأسر الغنية وتصل نسبة الإصابة بالفيروسات الكبدية القاتلة 22٪ في الذكور في الأسر الفقيرة مقارنة بنسبة14٪ فقط في الأغنياء، وفي النساء الفقراء تصل إلي 16٪ مقابل 6٪ فقط في الأسر الغنية. كيف يواجه الفقراء نفقات العلاج والطعام والوقود في ظل الالتفات فقط إلي رفع الدعم المخصص للفقراء مقابل زيادته لغيرهم!!؟؟؟ الأمر يحتاج إلي إعادة نظر فالأمور لا تحسب فقط بالنظرة الاقتصادية والنمو الاقتصادي فقط ولكن البعد الاجتماعي والسلام المجتمعي ثم الأعباء القارية والتي أغفلت أهمية دول حوض النيل في السنوات الماضية بما سيدفعنا إلي إنفاق الكثير مما حققناه اقتصاديا علي دول الحوض نتيجة لعدم إدراكنا لأهميتهم البالغة لنا فعدد الدول المستثمرة هناك وجنسياتها أصبح مخيفا للغاية.