لابد ان نعترف بأن هناك تغييرات في مسيرتنا الحياتية.. من المؤكد ان هناك اخطاء تعتري هذه المسيرة وهو ما يتجسد فيما يدور حولنا من احداث اصبحت شبه يومية. من حقنا ان نسأل عما جري ويجري، ومن واجبات الاجهزة المسئولة ان تكون لديها اجابات شافية لكل ما يخضع لعلامات الاستفهام. لا جدال اننا جميعاً نستشعر حالات الصخب والصدامات العامة التي أصبحت تموج بها حياتنا.. وهو ما يعكس توترا وعصبية وفقدانا للحلم والسماحة مع تعاظم عدم الرغبة في الجنوح للغة التفاهم والحرص علي المصلحة العامة. هذه الصورة السلبية تعطي احساسا بحالة من الانفلات وعدم بلوغنا مرحلة الحرية المنضبطة والملتزمة التي تضع في اعتبارها المصلحة الوطنية وضرورة ان يسود الوئام العلاقات بين كل فئات المجتمع علي اختلاف المواقع والمسئوليات. هذا الذي يحدث يتطلب وقفة عاقلة ترعي الله والضمير ومصلحة الوطن تسعي في نفس الوقت إلي دراسة علمية لهذه الظاهرة من أجل التوصل إلي الابعاد والاسباب وما يجب عمله لعلاج السلبيات وتعظيم الايجابيات.. لا يمكن ان يكون هذا الانفلات السائد حالياً وهو ما يتطلب استناد التعامل معه علي الفكر السياسي حتي يمكن تحديده وازالة ما هو وراء إثارته والعمل من أجل تعميمه واستفحاله. إنني أعني بهذه المقدمة كل ما يشهده الشارع المصري من موجات صدام لا ينكر أحد تأثيرها السلبي علي مصالح جموع المواطنين وعلي المناخ العام للاستقرار الذي يعد ضمانا للامن وركيزة لكل جهود مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الاطار وكأحد امثلة هذه المظاهر السلبية في هذا المجال تظهر في الصورة هذه الايام موجات العويل والصراخ من اسئلة الثانوية العامة التي تعد بكل المقاييس محورا لحياة الملايين من الاسر المصرية. الجميع يتطلع لان يكون لابنائهم مكان في الجامعات التي تركزت مهمتها منذ سنوات علي تخريج مئات الالاف بل الملايين الذين لا يتحصلون من العلم الا قليلا ليتحولوا بعد ذلك الي ارقام في طابور العاطلين. ان من حق الطلاب الذين فشلوا في الاجابة عن اسئلة الامتحانات ان يبكوا ويصرخوا وان يؤدي ذلك إلي جزع اسرهم. ولكن ليس من المفروض ان يكون لمثل هذه المظاهر تأثير علي ما هو حقيقي وموثق. لقد عشنا خلال الايام الماضية صورة أشبه بالمسرحية فيما يتعلق بامتحانات الثانوية العامة. نعم قد تكون اسئلة الامتحانات صعبة في بعض السنوات الماضية ولكن لم يكن أحد يقول أنها خارج المقرر. ان ما يجري حالياً قد يكون مبالغة من الطلبة والطالبات بسبب سوء التعليم وعدم الاستيعاب كما انه لا يمكن التغاضي عن التضخيم الذي يلجأ اليه الاعلام في التعاطي مع القضية باعتبارها تدخل ضمن اولويات اهتمامات الرأي العام وبالتالي القراء والمشاهدين. بالطبع فان أولياء الامور معذورون في احساسهم نحو اولادهم وخوفهم من شبح الرسوب خاصة عندما يفكرون في حجم المصاريف والتكاليف التي دفعوها ووفروها من قوت معيشتهم من اجل سد متطلبات الدروس الخصوصية. وحتي تتضح الامور ولا نلقي التهم جزافا فإنني ارجو وبعد انتهاء معركة امتحانات الثانوية العامة ان يتم تشكيل لجنة محايدة علي أعلي مستوي من خبراء التعليم لمراجعة اسئلة الامتحانات المشكو في حقها. ان مهام هذه اللجنة اصدار تقرير يوضح حقيقة الامر حول الادعاءات المشاعة عن صعوبة الامتحانات خاصة فيما يتعلق بانها من خارج المقرر. لقد حان الوقت ولصالح هذا الوطن ان نضع كل الامور في نصابها وأن تكون الغلبة لما هو عادل وصحيح وليس للصوت العالي الذي يستهدف الحصول علي حقوق غير مستحقة بما يتعارض مع العدالة والاجتهاد وتكافؤ الفرص وبعيدا عن النظام العام. جلال دويدار [email protected]