يكفي المجموعة السادسة في المونديال فخرا انها تضم منتخب ايطاليا حامل اللقب.. وممثل اوروبا في مناطحة البرازيل في سجل الألقاب العالمية.. انه »الازوري« الذي يأتي دائما من الخلف ليغير خريطة المنافسة ويفهم كيف تؤكل الكتف حتي لو بدا للخبراء انه بدون نجوم وبدون حضور هجومي.. كان دائما النموذج الاعلي للنظرية الحديثة: الدفاع خير وسيلة لحصد الألقاب.. بلا دفاع صلب لا يمكن ان تفكر في بطولة لأن نظرية الهجوم خير وسيلة للدفاع لم تنفع البرازيل التي تلعب كرة قدم بكل المقاييس كانت تؤهلها للفوز بكل كئوس العالم.. ولإيطاليا الفضل في تغيير فكر البرازيليين الذين اقتنعوا مؤخرا بأن المهارة الاستثنائية ليست كل شيء وانه لابد من ان يصاحبها قوة الاداء الاوروبي وهو نفس المنطق الذي يتميز مثلا الكرة الانجليزية فوجدت ان القوة واللياقة تحتاج إلي مهارة لكي تنافس، فتغير المنتخب الانجليزي مع اريكسون ثم واصل التغيير مع كابيللو.. بالدفاع.. نجحت طريقة »الكالتشيو« في وضع الكرة الايطالية علي منصات التتويج في كأس العالم (4) مرات اعوام 43 و83 و28 و6002 ووصلت بها إلي النهائي عامي 07 و4991.. والعجيب ان التميز العالمي قابله انجاز محدود علي الصعيد الاوروبي ، فلم يكن »للازوري« إلا لقب واحد في كأس الامم الاوروبية عام 6391 اي انه منذ 47 سنة لم يصعد فوق المنصات الاوروبية وهذه مفارقة غريبة. يتبع منتخب ايطاليا مدرسة كروية فريدة من نوعها تتناسب مع مجتمع يجمع الطابعين الغربي والشرقي.. الروح والغيرة والحماس الشديد مع القوة والنظام وإحكام التكتيك.. ويتبع ايضا واحدة من اوضح المدارس الكروية في طريقة اللعب.. فهو يملك استراتيجية عامة لا تتغير مع تغير المدربين.. ويكتفي كل مدرب فقط في وضع بصمة تكتيكية علي ضوء ما يقرأه في المنافسين خلال كل حدث.. ولذلك كانت عودة مارتشيو ليبي المدير الفني واقعية وحتمية بعد ان ابدي عبقرية في قيادة الفريق إلي اللقب عام 6002.. وكان حسب وصف بيكنباور الاسطورة الالمانية »ذئبا« يتحين الفرصة لافتراس منافسه في اي وقت.. كانت المانيا تستضيف البطولة ويزداد طموحها لكن ليبي اجهض الطموح وقدم نموذجا فريدا للهجوم الخاطف المركز الدقيق جدا في تنفيذه. كان مطلوبا ان يعود الذئب مرة اخري ليقود فريقا من المحاربين بعضهم من القدامي اصحاب الخبرة الذين ربما تخونهم اللياقة مثل الحارس التاريخي بوفون (13سنة) وجاتوزو المقاتل الشرس (13سنة) وكاناڤارو المدافع المثالي (73سنة) واحد من اكبر المخضرمين في المونديال الحالي.. ومجموعة اخري من المخضرمين الذين نتابعهم في الدوري الايطالي المعبر بشدة عن قيمة المسابقات المحلية في تقوية بنيان المنتخبات.. الدوري هناك هو الثاني عالميا في قوة المستوي بعد الدوري الانجليزي لكن ابرز نجومه ليسوا من الايطاليين ولذلك يظل التردد يحيط بالمنتخب الايطالي في كل مشاركة كبيرة. وواقعية الكرة الايطالية هي التي تعطيها بريقها وتفوقها وقدرتها علي المنافسة.. فهي لا تحب الاداء المفتوح وتسحب المنافسين إلي خطوطها الخلفية لتنقض عليها فجأة كالبرق وهي بذلك تثير ارتباك الخصوم.. ومن مفارقاتها انها في كثير من الاحيان لا تجيد اللعب امام الفرق الاقل فنيا لانها تضطر إلي اتباع طريقة هجومية بحثة لا تجيدها وهذا حدث مع منتخب مصر في كأس القارات ويحدث دائما في الادوار الاولي من البطولات الكبري حيث يظهر الازوري غالبا بمظهر كمن يستعد للرحيل، وعندما ينتقل إلي الادوار التالية تزداد خطورته وقوته لانه يلعب بطبيعته وواقعيته ويريد من الفرق الاخري ان تهاجمه لكي يضربها بالقاضية ويظل يتسلل ويتوغل إلي ان يصبح علي مشارف النهائيات ومنصات التتويج.. هذا هو الازوري الذي نحب دائما ان نستمتع بقسوته امام الخصوم.