ماذا جري في لغة التخاطب بين أهل مصر المحروسة، وماذا تعني ألفاظ »الروشنة« التي لم تعد لغة للشباب والمراهقين فحسب بل اصبحت من مرادفات التعامل اليومي حتي من بعض الكبار سواء كبار السن أو كبار المقام.. تطالع افلام الزمن الجميل التي تعكس لغة الشارع آنذاك فتسمع متشكر يا استاذ، ممنون يا حضرة، كتر خيرك يا فندم، تسير الان فلا تسمع إلا ايوه يا حلاوة، جري ايه يا هندزة، وغيرها. تترك مكانك في المترو لسيدة من بني جلدتك فلا تسمع شكرا أو ثناء، وتتركه لسيدة اجنبية من سكان المعادي مثلا فتشاهد ابتسامة تملأ الوجه وبشاشة تعبيرا عن الامتنان لما فعلت. ترتدي زيا انيقا وتذهب إلي المكان المقصود فلا تسمع إلا ايوه يا حاج، عاوز حاجة يا بابا وربما يا جدي.. وبجوارك صاحب زي رسمي حتي لو كان علي كتفه نجمة واحدة أو بدون فتسمع من يلبي نداءه امرك يا باشا!! يتطاول عليك سائق الميكروباص وقد يصل الامر إلي ان يدهسك في اول احتكاك لك به بسبب رعونته أو السفالة التي ابداها في ألفاظه، واذا كنت حسن الحظ وجاء مندوب الشرطة وليس حتي الامين أو الضابط »يتلم السائق« ويستعطف الباشا مقسما بانه لم يخطيء. ألتفت حولي بحثا عن السبب ومتسائلا عما كان يجري في الشارع المصري وعما يجري حاليا فلا اجد إلا العولمة سببا.. نعم رفعت كل الحواجز وكشفت كل ما كان مستورا وغائبا من الجانب الاخر من العالم، وبدلا من ان نستغل ذلك في ان نعرف اكثر وندرك ما يفعلونه حولنا وما نفعله نحن، اخذنا منها الجانب المظلم فرفعنا التكليف وكسرنا كل الحواجز التي كانت سياجا لأخلاقنا وتعاملاتنا. ولا تملك في النهاية إلا ان تقول: العوض علي الله.