منذ فترة طويلة ونحن نتابع ونعلق ونقترح ونختلف حول معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع مشروع الدستور الجديد، وهي المعايير التي سيحددها البرلمان بمجلسيه.. كما نص عليه في التعديلات الدستورية التي وافق الشعب عليها في العام الماضي بأغلبية كاسحة أمام رفض الأقلية المتخوفة من تأثير نفس الأغلبية علي صياغة الدستور ليأتي معبراً عن توجهاتها، وليس تعبيراً عن كل طوائف وفئات الشعب.. كما نأمل. فالمرأة نصف المجتمع المصري طالبت ليس فقط بالحفاظ علي ما اكتسبته في الماضي من حقوق وواجبات، وإنما تأمل أيضاً في المزيد من الحقوق التي يكفلها الدستور الجديد. آخر ما سمعناه في هذا الأمر جاء علي لسان السفيرة ميرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة مطالبة ب »وجوب ضمان حقوق ثابتة وواضحة للمرأة في الدستور الجديد، لاتختلف باختلاف الرؤساء، وأن تكون نسبة تمثيلها في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور لاتقل عن 30 في المائة.. ضماناً لتمثيل المرأة بشكل أفضل وتحقيق المساواة في الحقوق والمسئوليات بين الرجال والنساء«. وبالأمس.. أصدر مجلسا الشعب والشوري قراراً بتمثيل نواب المجلسين في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بنسبة 50٪ وترك ال 50٪ التالية للأعضاء من خارج البرلمان. وإذا رجعنا إلي تمثيل المرأة في مجلسي الشعب والشوري الحالي، فسنجده متدنياً وضعيفاً للغاية.. وبالتالي فإن فرصة المرأة في انتخابها عضواً في لجنة إعداد مشروع الدستور تكاد تكون معدومة. والأمل الوحيد أمامها ربما تجده عند اختيار الشخصيات العامة والمؤسسات والنقابات من خارج البرلمان! المرأة لا تقف وحدها ضد تهميشها في المشاركة بنسبة لا تقل عن 30٪ كما تطالب رئيس المجلس القومي في إعداد مشروع الدستور المنتظر، فهناك كما قرأنا أمس العديد من القوي السياسية والمجتمعية، والليبرالية، والعلمانية، والوسطية مسلمين ومسيحيين وغيرهما وكلها أعلنت رفضها للقرار الأخير الذي أصدره مجلسا الشعب والشوري والخاص بمعايير انتخاب واختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور. أول وأقوي رفض .. أعلنه الدكتور محمد البرادعي في تدوينة علي موقع تويتر قائلاً: »برلمان مشكوك في شرعيته سينتخب لجنة نصفها منه أي غير محايدة لوضع دستور لمصر.. وليس للأغلبية. الدستور مصدر السلطات وليس العكس.. والمتاهة مستمرة«. والدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع علّق علي القرار قائلاً: »إن ما حدث أكد توقعات حزب التجمع منذ البداية، وتحذيره من أن يسيطر البرلمان علي الجمعية التأسيسية. خاصة وأنه تم الطعن علي صحة القانون الذي أجري علي أساسه الانتخاب من جانب المحكمة الإدارية العليا، ومن المرجح أن تحكم الدستورية العليا أيضا ببطلان العضوية«. وقال سامح عاشور نقيب المحامين ورئيس الحزب الناصري : »إن العبرة ليست بتمثيل البرلمان بنسبة 50 في المائة في اللجنة أو غيرها من النسب، لكنها في التيارات السياسية التي سوف تكون ممثلة في اللجنة. إن سيطرة الإخوان علي الجمعية التأسيسية سواء من داخل البرلمان أو من خارجه لا تجعل هناك فارقا«. وعلق الزميل أحمد طه النقر المتحدث الرسمي باسم الجمعية الوطنية للتغيير قائلاً: »إن هناك سوء تفسير للمادة 06من الإعلان الدستوري التي تنص علي أن ينتخب البرلمان أعضاء اللجنة التأسيسية. فكلمة انتخاب تعني أن ينتخب الشخص غيره وليس نفسه (..). إن اشتراك أعضاء من البرلمان وهو سلطة تشريعية في وضع الدستور الذي يقوم بتحديد السلطات الثلاث وينشئها، يفضي إلي الجور علي حق السلطتين الأخريين«. .. وللحديث بقية.